عودة إلى الموضوع الذي تحدثت عنه في المقال السابق عن المخدرات وظاهرة تفشي تعاطيها بين الشباب وآثارها السلبية على تفكك المجتمع الكويتي، فقد يتساءل البعض: كيف يتم دخول هذه السموم إلى الكويت؟ والجواب واضح، إما بتهريبها عن طريق البر أو البحر، أو يتم دخولها عبر المنافذ الحدودية للكويت مخبأة بشاحنات أو مموهة ومدسوسة بين البضائع، وبدأ مؤخرا تصنيع بعض مواد الكيميكال والمخدرة محليا.
المنافذ البرية هي السالمي والنويصيب مع المملكة العربية السعودية، ومنفذ العبدلي مع العراق، ولدينا ثلاثة منافذ بحرية هي الشويخ والشعيبة والدوحة، ومنفذ جوي واحد هو مطار الكويت وفيه مطار الشيخ سعد، فمتى ما تم إحكام السيطرة على هذا المنافذ فسنكون استطعنا حل 90% من هذه المشكلة، وأخطر منفذ هو العبدلي، حيث يتم شحن هذه السموم إلى الكويت برا من أفغانستان وإيران وكذلك من لبنان إلى العراق حيث الرقابة الأمنية والجمركية شبه معدومة في العراق، وبعد ذلك يتم إدخالها إلى الكويت في الوقت المخطط له.
الإدارة العامة للجمارك تعتبر البوابة الأولى للكويت، والشرفاء من رجالها المخلصين هم حماة هذه البوابة والعيون الساهرة على أمن منافذها، أنا شخصيا عملت معهم رسميا لمدة 12 سنة تقريبا، فلديهم فريق البحث والتحري مقتدر يقوم بجهود جبارة للحدّ من التهريب، وينسقون مع الدول الصديقة لمكافحة عصابات التهريب، والمفتشون الجمركيون يتمتعون بخبر وكفاءة عالية في الكشف عن المهربين، ورغم كل الحرص والجهود الكبيرة التي يبذلها مفتشو الإدارة العامة للجمارك، إلا أن هناك ثغرات استطاعت العصابات استغلالها لتهريب المخدرات والممنوعات عن طريقها، والسبب أن بعض أجهزة الكشف بالأشعة السينية التي تستخدمها الإدارة العامة للجمارك في بعض المنافذ الجمركية قديمة ولا تكشف المواد العضوية والتي تصنف من ضمنها المخدرات، والأمر ينطبق على بعض أجهزة فحص الحقائب بالأشعة السينية حيث إنها أحادية البعد ولا تكشف المواد العضوية، وحتى الأجهزة التي تكشف المواد العضوية في المنافذ الجمركية غير كافية ويجب مضاعفتها في المنافذ وزيادة الطواقم العاملة عليها.
كذلك الإخوة في الإدارة العامة لمكافحة المخدرات يقومون بجهود كبيرة لملاحقة من يستطيع النفاذ من الجمارك، ويحاربون التجار ويعرضون حياتهم للخطر في سبيل القبض على المهربين والمروجين والمتعاطين، لكن المشكلة تكمن في أنه لا يوجد تنسيق كافي بين الداخلية والجمارك مع أن الهدف واحد.
أقترح أن يشكل مجلس الأمة القادم لجنة إضافة إلى اللجان الاحدى عشر المجودة فيه تسمى «لجنة مكافحة المخدرات والمسكرات» تكون بعض من مهامها المقترحة:
1 ـ التعاون مع وزارة الإعلام لوضع خطة إعلامية توعوية للأسرة.
2 ـ تنسيق الجهود بين الإدارة العامة للجمارك ووزارة الداخلية فيما يخص مكافحة المخدرات.
3 ـ التنسيق وتذليل المعوقات لوزارة التربية والتعليم العالي والهيئة العامة للشباب والرياضة لمتابعة نشاط تعاطي وتداول المخدرات في المدارس والكليات والأندية الرياضية.
4 ـ حث القطاع الخاص وتحفيزه للمساهمة في دعم جهود الدولة لمكافحة المخدرات وتوجيه الدعم للجهات القائمة على مكافحة المخدرات.
5 ـ حث الحكومة ومتابعتها لإنشاء المزيد من المصحات لعلاج المدمنين وبطاقات سريرية تتناسب مع أعداد المرضى.
وتقوم هذه اللجنة بإعداد تقرير شهري أو ربع سنوي يتم إطلاع مجلس الأمة عليه لضمان استمرارية المتابعة من قبل المجلس والحكومة وتذليل الصعوبات إن وجدت.
يجب أن ندق نواقيس الخطر، فالمخدرات والمؤثرات العقلية منتشرة وبشكل خطير في الكويت، الوضع لا يحتمل وأعداء الكويت يحثون تجار وعصابات المخدرات لتحقيق هدفهم وحلمهم المنشود لتحطيم وتدمير الشباب الكويتي، وتحويل الكويت إلى مخزن ومعبر دولي للمخدرات، وبدأ بعض الشباب بتصنيع بعض المخدرات المركبة محليا، فهل سينجحون؟ وسنندم إذا لم نسرع لوقف أحلامهم، والمثل الكويتي يقول «إذا فات الفوت ما ينفع الصوت».
[email protected]