الغضب المعتدل ينشط الدورة الدموية:
أوضحت دراسة نفسية حديثة ان انفعال الغضب باعتدال وفي وقته الصحيح انفعال صحي وقطري لا ضرر منه، بل هو من ضرورات الحياة، بل ان عجز الانسان عن ممارسة انفعال الغضب في الظروف التي تدعو اليه يعد ظاهرة مرضية.
اما اذا تحول انفعال الغضب من اعتداله الصحي الحميد الى شحنات ناسفة وطاقة هائلة تبغي التحطيم والتخريب فإن صاحبها يعد شخصية عصبية حادة المزاج، يستلزم توجيه انفعالها لمواجهة الأسباب والدوافع التي دفعته للغضب، وعلاجها بتعقل وروية، حيث ان عجز الفرد عن توجيه موجة الغضب الى المصدر المسبب له لصعوبة النيل من هذا المصدر قد يدفعه الي البحث عن كبش فداء يصب عليه حمم غضبه، بل قد يوجه موجة الغضب الى نفسه فيلومها ويحقرها ويعذبها بالشعور بالذنب، وقد تتصاعد الأزمة النفسية في هذه الحالة الى درجة الاعتداء على النفس وإيذائها، وقد يصل الامر الى الانتحار، غير انه غالبا ما ينتهي الامر بالإنسان - في حالة العجز عن مواجهة مصدر الغضب - الى إلقاء اللوم على الظروف وقلة الحيلة، وبالتالي يتحول الانسان من الإيجابية الرشيدة الى السلبية.
ومن الثابت علميا ان انفعال الغضب الجامح الدائم يعرض صاحبه لزيادة إفراز مادة (الادرينالين) في الدم، ومن يتركز تأثيرها الضار.
اما في حالة الغضب المعتدل فتفرز الغدة الكظرية مادة (الادرينالين) بكمية محددة في الدم، فتنشط الدورة الدموية، مما يساعد الجسم على الاستعداد لمواجهة الآثار المحتملة للغضب، وكذلك النتائج التي يمكن ان تسفر عنها، ولا خطر ولا ضرر في هذا، بل فيه فائدة مؤكدة لكل أجهزة الجسم.
وفي هذا الصدد، تقول د. هيلين دي روزيز الأستاذة بقسم الصحة النفسية بكلية الطب جامعة نيويورك: «الغضب انفعال.. إحساس.. شعور.. وبالتالي يجب عدم انكاره.. يجب ألا نحاول كبت مشاعرنا وانفعالاتنا، المطلوب الصحي هو ان نحاول ترشيد أسلوب التعبير عن هذه الانفعالات».
ويقول د.ليومادو رئيس قسم الصحة النفسية بكلية الطب جامعة بنسلفانيا: ان مشاكل معظمنا مع الغضب تبدأ بمحاولة انكار الغضب، عندما أقول انني لست غاضبا، وعندما يقول أي منا ذلك، فقد بدأ في الاضرار بنفسه، لأن الغضب لن يتبخر، بل سوف يتسرب ويستقر داخلنا، فقد يعبر عن نفسه في المعدة في صورة قرحة، او يرتفع الى الرأس ويعبر عن نفسه في صورة ارتفاع ضغط الدم، او يصيب صاحبه بآلام المفاصل واللمباجو، او قائمة لا تعد ولا تحصى من صور المرض، ان الغضب طاقة، ولا يمكنك ان تتخلص منها بكبتها في الداخل، لابد ان تطردها خارجك، لا تسدد لكمتك الى ذقنك وإلا فسوف تعاني من امراض كثيرة، ابسطها الصراع العصبي والقلق والأرق.
من كتاب: ثبت علمياً ـ محمد كامل عبدالصمد