- من المتوقع أن يرتفع معدل الفقر المدقع عالمياً في 2020 لأول مرة منذ أكثر من 20 عاماً
«الفقير يزداد فقراً والثري يزداد ثراءً».. ربما تكون من أكثر المقولات إثارة للجدل، لكنها باتت واقعاً تجسده الأرقام بالفعل في عصر الوباء الذي عمّق الفجوة بين عالمين مختلفين تماما.
ومن المفارقات أن يرصد تقرير تراكم ثروات الأثرياء في فترة انتشار فيروس كورونا «كوفيد-19»، في حين يحذر آخر من احتمالية اتساع دائرة الفقر المدقع هذا العام لتشمل ما يصل إلى 115 مليون شخص.
وخلال فترة تفشي الوباء، ارتفع إجمالي ثروة مليارديرات العالم بنحو 25% ليصل إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق عند 10 تريليونات دولار، بينما على الجانب الآخر من المتوقع أن يكون 2020 شاهدا على أول زيادة في معدل الفقر المدقع منذ الأزمة المالية الآسيوية في عام 1998.
وفي حين قادت قطاعات التكنولوجيا والرعاية الصحية والصناعة - التي عززتها تداعيات «كورونا» - ثروات أثرياء العالم لأعلى، كانت قوى الصراع وتغير المناخ تعمق جراح الفقراء بدافع الوباء.
ومع التحفيزات المالية التي ضختها حكومات العالم بالإضافة لتدابير التيسير الكمي الرامية الى دعم الاقتصادات التي تضررت من الوباء، استفاد الأثرياء بشكل أساسي، حيث قادت هذه الحوافز التعافي في الأسواق المالية وهو ما انعكس بشكل واضح على ثرواتهم.
لكن في انتكاسة خطيرة على الجانب الآخر، وضع الوباء حجر عثرة في طريق أهداف البنك الدولي الرامية إلى خفض عدد سكان العالم الذين يعيشون بدخل يقل عن 1.9 دولار يوميا إلى 3% بحلول 2023.
الفقراء يزدادون فقراً
من المتوقع أن يرتفع معدل الفقر المدقع عالميا في عام 2020 لأول مرة منذ أكثر من 20 عاما، إذ يفاقم تأثير الوباء من تغير المناخ وأشياء أخرى، بحسب تحذيرات صادرة عن البنك الدولي.
كما من المرجح أن يؤثر الفقر المدقع - الذي يشهد انخفاض دخل الفرد عن 1.90 دولار يوميا - على ما يتراوح بين 9.1% و9.4% من سكان العالم في عام 2020.
وكان من المتوقع أن ينخفض معدل الفقر المدقع من 9.2% في 2017 إلى 7.9% في عام 2020، ما لم يضرب الوباء العالم.
وستدفع جائحة «كوفيد-19» ما بين 88 و115 مليون شخص في دائرة الفقر المدقع هذا العام، قبل أن يرتفع هذا الرقم إلى نحو 150 مليون شخص بحلول نهاية عام 2021 بناء على شدة الانكماش الاقتصادي.
ويعيش أقل من 10% من سكان العالم على 1.9 دولار يوميا، لكن هناك مؤشرات أخرى لرصد الفقراء في الدول ذات الدخل المتوسط الأدنى والدول ذات الدخل المتوسط الأعلى.
ويقع حوالي ربع سكان العالم تحت خط الفقر البالغ 3.20 دولارات يوميا، كما أن هناك 40% تقريبا من سكان العالم يعيشون دون خط 5.50 دولارات يوميا.
العديد من الفقراء الجدد الذين انضموا الى دائرة الأكثر فقرا سيكونون في دول تشهد بالفعل معدلات مرتفعة من الفقر، مع حقيقة أن 82% من العدد الإجمالي يتوقع أن يكون في الدولة المصنفة على أنها متوسطة الدخل.
ومن شأن الوباء أن يؤدي إلى تفاقم قوى الصراع وتغير المناخ، الأمر الذي من الصعب معه تحقيق هدف القضاء على الفقر بحلول 2030 دون إجراءات سياسية سريعة وكبيرة وحيوية.
وبحلول عام 2030، يمكن أن يصل معدل الفقر العالمي إلى حوالي 7% بدلا من 3% التي كانت متوقعة سابقا.
الأثرياء يربحون أكثر
قفزت ثروة أثرياء العالم إلى 10.2 تريليونات دولار في نهاية يوليو الماضي، وهو ما يمثل زيادة بنحو 27.5% مقارنة مع المستوى المسجل في بداية أبريل الماضي والبالغ 8 تريليونات دولار، وفقا لـ «أرقام».
في حين تقف ثروات أغنياء العالم بذلك عند مستوى قياسي جديد، كونها تتجاوز القمة السابقة والبالغة 8.9 تريليونات دولار والتي تم تسجيلها في أواخر عام 2017، بحسب تقرير مشترك صادر عن البنك السويسري «يو بي إس» ومؤسسة «بي دبليو سي».
وزاد عدد الأثرياء حول العالم إلى 2189 مليارديرا مقابل 2158 في عام 2017، مع حقيقة أن من بينهم 209 مليارديرات التزموا علنا بمساعدات لمواجهة الوباء تبلغ قيمتها 7.2 مليارات دولار (0.3% فقط من إجمالي الثروة المكتسبة خلال فترة الوباء).
وبالنظر إلى الواقع الجديد الذي فرضه الوباء، كان قطاعا الصناعة والتكنولوجيا في مقدمة قطار العوامل الداعمة للقفزة الهائلة في ثروات الأثرياء، حيث زادت ثرواتهما بنحو 44.4% و41.3% على الترتيب.
وفي عامي 2018 و2019 وأول 7 أشهر من 2020، ارتفعت ثروات الأثرياء في قطاع التكنولوجيا بنحو 42.5% لتصل إلى 1.8 تريليون دولار، مدعومة بالقفزة القوية لأسهم شركات التقنية.
وعزز العصر الجديد من اكتشاف الأدوية والابتكارات بالإضافة للقاحات «كوفيد-19» المحتملة، ثروات أثرياء قطاع الرعاية الصحية بنحو 50.3% لتصعد إلى 658.6 مليار دولار.
وتعتبر الولايات المتحدة بمنزلة الدولة الأولى التي تضم الأكثر ثراء من حيث القيمة (3.6 تريليونات دولار)، لكن منطقة آسيا والمحيط الهادئ كان لديها أكبر عدد من المليارديرات (831 ثريا) مقارنة مع أي منطقة أخرى.