في زمننا هذا أصبحنا نفتقد عبارات المدح والثناء الحقيقية المستحقة، بمعنى أن المدح أصبح يوجه فقط إلى الأشخاص الذين يتبوأون مناصب ومراكز عالية او لمن يملكون المال من أجل تحقيق المصالح الخاصة.
ولا شك أن كلمات الإطراء والأشعار وغيرهما من وسائل التسول والتزلف سيكون سقفها عاليا، حتى لو كان هذا المدح في غير محله ويعتقد البعض أن هذه الأساليب خافية على الناس وغير مكشوفة، لكن بالعكس الناس تعرف وتعي كل شيء ويعرفون من هم الأشخاص الذي يستحقون الثناء الحقيقي، ويعرفون أيضا الأشخاص المطبلين الذين يتخلون عن كراماتهم واحترامهم من أجل أطماعهم.
المدح الحقيقي هو الذي يقدم لأناس لا نرجو منهم مصلحة أو غاية معينة نشكرهم ونمدحهم حتى لو كانوا من صغار الموظفين لأنهم يقومون بعملهم على أكمل وجه، أما النقد الذي نراه في كثير من الأحيان من خلال وسائل التواصل الاجتماعي وفي الصحافة وغيرهما فيكون كثيرا من نوع «النقد الهدام»، وقليلا ما نجد النقد البناء الذي تكون أهدافه إصلاح بعض الأخطاء والاعوجاجات في كثير من القضايا على اختلاف أنواعها، بمعنى أننا اصبحنا نرى مدحا مزيفا أو نقدا ظالما يبعد كل البعد عن قواعد وأساسيات وأساليب النقد السليم.
إن الهجوم على الأفراد وإلقاء التهم عليهم والتعرض لأسمائهم وأعراضهم وحياتهم الخاصة في عرف الكثيرين هذا هو النقد، إذا أصبحت العملية متشابكة، وهذا يدفع ذاك، والجماعة الفلانية تهاجم الجهة الفلانية تحت مصطلح النقد وحرية الرأي، وهذا كله فوضى ليس لها علاقة لا بالثناء ولا النقد، وهذا الخلط هو ما جعل المتابعين للأخبار والأحداث المحلية يعيشون حالة ارتباك وتشوش انتهت بهم إلى تشاؤم وتذمر مستمرين، لأن جزءا منهم أضاع البوصلة ولا يعرف من يصدق والجزء الآخر «مع الخيل يا شقراء» معاهم معاهم.. عليهم عليهم، وبالنهاية أصبحنا لا نفرق بين النقد المباح، والمدح المستحق. هل وصلت الفكرة؟ نتمنى ذلك.
[email protected]