- تحسن قناعات المستهلكين بمستقبل الكويت الاقتصادي.. لكنها تبقى بخطى خجولة
- مكاسب «البورصة» في سبتمبر دعمت استقرار الثقة الاستهلاكية.. رغم الأزمات
من منطلق اهتمامها برصد الواقع الاقتصادي في الكويت، تصدر شركة «آراء للبحوث والاستشارات» مؤشرا شهريا لثقة المستهلك بالتعاون مع جريدة «الأنباء» وبرعاية شركة «لكزس».
ويعتبر مؤشر «ثقة المستهلك» المؤشر الوحيد الذي يقيس العوامل النفسية للمستهلك، مرتكزا على آراء الناس وتصوراتهم عن الوضع الاقتصادي الحالي والمستقبلي، وتوقعاتهم بالنسبة لأوضاعهم المالية، وانعكاس ذلك على قدراتهم الشرائية.
ويصدر المؤشر في أول يوم أحد من كل شهر، وهو يرتكز على بحث أجري على عينة مؤلفة من 500 شخص، موزعة على المواطنين والمقيمين العرب في مختلف المحافظات.
تم اجراء البحث بواسطة الهاتف من خلال اتصالات عشوائية، وتم مراعاة أن تكون العينة مماثلة للتركيبة السكانية في الكويت.
ويستند تقييم المؤشر العام لثقة المستهلك الى ست مؤشرات اعتمدها الباحثون في شركة آراء لقياس مدى رضا المستهلكين وتفاؤلهم وهي: مؤشر الوضع الاقتصادي الحالي، مؤشر الوضع الاقتصادي المتوقع مستقبلا، مؤشر الدخل الفردي الحالي، مؤشر الدخل الفردي المتوقع مستقبلا، مؤشر فرص العمل الجديدة في سوق العمل حاليا، ومؤشر شراء المنتجات المعمرة.
وتستخلص نتائج كل مؤشر من المؤشرات الست بالاعتماد على إجابات أفراد العينة التي يحددها الاستبيان بـ «إيجابي» أو «سلبي» أو «حيادي».
يتم تحديد نتائج المؤشرات في الشهر الأساس كمقياس للحالة النفسية للمستهلكين في الكويت، وهي تساوي 100 نقطة، وتكون هذه النقطة (الرقم 100) الحد الفاصل بين التفاؤل والتشاؤم لدى المستهلكين، فكلما تجاوزها المؤشر، يكون الوضع النفسي للمستهلكين في الكويت يميل نحو التفاؤل أكثر فأكثر، وكلما تراجع المؤشر عنها في اتجاه الصفر تكون النظرة أكثر تشاؤما.
أصدرت شركة آراء للبحوث والاستشارات التسويقية، مؤشرها لثقة المستهلك في الكويت لشهر سبتمبر 2020، حيث قالت انه من المهم الايضاح أن معظم عينة البحث قد أنجزت قبل المصاب الأليم الذي ألمّ بالكويت وكل الدول العربية والاسلامية، برحيل سمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، وما تركه من إرث سياسي وفكري ووطني وانساني، يشكل مرجعا وهاديا ونموذجا يهتدى به وبمسيرته المباركة.
وسجل المؤشر العام لثقة المستهلك 102 نقطة، مستقرا عند مستوى شهر أغسطس ومتخلفا 6 نقاط على أساس سنوي، حيث يترجم استقرار معدل المؤشر العام الشهري ثقة المستهلكين بالأوضاع العامة بالرغم من مستجدات ووقائع شديدة السلبية، نشير بالعناوين إلى بعضها:
أولا: الميل التصاعدي لحجم عجز الموازنة المالية، فمن المتوقع أن يصل عجز موازنة 2020/2021 إلى 15 مليار دينار، وما يفرضه هذا العجز من ضغوط مالية.
ثانيا: انتشار جائحة كورونا التي أدت إلى انكماش ملحوظ في حجم الإنتاج، وتقليص الدخل الوطني وشبه جمود في قطاعات اقتصادية مهمة لاسيما منها النقل الجوي والسفر والتواصل التجاري والسياحة وغيرها، فضلا عن النفقات الضرورية الطبية والوقائية واللوجستية والاجتماعية المرتبطة بالوباء.
بالإضافة الى هذه التراكمات وغيرها، فإن أسعار النفط في الأسواق العالمية، ترتفع بتدرج بطيء لتعود إلى الهبوط، وذلك بفعل الانكماش الاقتصادي العالمي وانخفاض الطلب على الوقود وارتفاع مستوى المخزون العالمي.
وبالرغم من ذلك، فإن مؤسسة فيتش العالمية للتصنيف المالي، صنفت الكويت عند AA وهو المستوى الأفضل لسنوات طويلة، وفي هذه الأجواء، وبانتظار الحلول، منح المواطنون المؤشر العام معدلا بلغ 110 نقاط بتراجع نقطتين، والمقيمون العرب 88 نقطة بإضافة 4 نقاط على رصيدهم الشهري.
أما على صعيد المحافظات، فقد رفعت محافظة حولي معدلها السابق 9 نقاط، بينما تراجع معدل محافظة الجهراء 15 نقطة خلال شهر.
انخفاض الثقة بالوضع الاقتصادي
سجل مؤشر آراء للوضع الاقتصادي الحالي خلال شهر سبتمبر 2020 معدلا بلغ 87 نقطة بخسارة 7 نقاط من رصيده الشهري وبانخفاض 13 نقطة على أساس سنوي، بذلك يحتل هذا المعدل ثاني أدنى المستويات منذ سنوات.
والملاحــظ أن ثــــــلاث مجموعات فقط من مكونات البحث الستة والعشرين عبروا عن رضاهم على الوضع الاقتصادي الحالي، ولو بأرقام خجولة، بينما وبشبه إجماع عند المستطلعين أكان على مستوى المحافظات أم على صعيد المجموعات الموزعة على الفئات الاجتماعية المتنوعة، عبروا عن تراجع ثقتهم بالأوضاع الاقتصادية الحالية.
هذه الميول السلبية في أوساط المستهلكين تجاه الواقع الاقتصادي الحالي ما هو سوى انعكاس طبيعي للواقع الذي يعاني من جملة من التحديات.
ضمن هذه الظروف الصعبة، تراجع معدل المؤشر الاقتصادي في المناطق بحيث سجلت محافظة الجهراء 107 نقاط بتراجع 25 نقطة خلال شهر، كما انخفض معدل محافظة الفروانية وكذلك العاصمة 15 نقطة على التوالي.
وعبر الشباب بين 18 و35 سنة عن عدم رضاهم بخسارة 13 نقطة. اللافت تدني معدل المواطنين 14 نقطة وخسارة معدل ذوي المداخيل والرواتب العالية 39 نقطة من رصيدهم السابق.
هذه المعطيات تشير الى مستوى البلبلة في قناعات المستهلكين بالنسبة للأوضاع الاقتصادية الراهنة.
ثبات التوقعات الاقتصادية
سجل مؤشر «آراء» للوضع الاقتصادي المتوقع مستقبلا، 112 نقطة بإضافة نقطة واحدة خلال شهر، وتعزيز رصيده السنوي بنقطتين، معبرا عن تحسن في قناعات المستهلكين بالنسبة للمستقبل الاقتصادي ولو بخطى خجولة.
المضمون الإيجابي للمعدلات يعكس المناخ العام الذي بدأ يتسرب الى قناعات وميول المستهلكين وذلك عائد لبعض المستجدات الإيجابية ومنها:
1 ـ المكاسب التي حققتها البورصة منذ أوائل شهر سبتمبر والتي أعطت زخما للأسواق المالية وللحركة التجارية والاستهلاكية بالرغم من العديد من النكسات.
2 ـ سجل سعر النفط في اليوم الأول من سبتمبر قفزة حيث بلغ 46.13 دولارا للبرميل الواحد.
هذا فضلا عن النتائج الايجابية التي تحققت على الصعيدين الاقتصادي والنفسي، بفعل تخفيف إجراءات الوقاية من الجائحة وتحرير بعض القطاعات الاقتصادية والمهنية من القيود ومدى انعكاس ذلك على المناخ العام للمواطنين والمقيمين على السواء.
ضمن هذه المستجدات الايجابية منها والسلبية، منح المواطنون مؤشر الوضع الاقتصادي في المستقبل 110 نقاط بإضافة نقطة واحدة.
أما على صعيد المحافظات، فقد ارتفعت المؤشرات من 14 نقطة كحد اقصى لمحافظة مبارك الكبير، بينما تراجع معدل محافظة الاحمدي 8 نقاط.
إن التفاوت في معدلات المؤشر الاقتصادي المتوقع، بين مختلف مكونات البحث، يعكس جملة من العوامل، لعل أهمها، القطاعات الاقتصادية والمهن التي يعملون بها.
ارتفاع الاستهلاك بمعظم المحافظات
منح المستهلكون مؤشر شراء المنتجات المعمرة معدلا بلغ 122 نقطة، بإضافة 17 نقطة إلى رصيده الشهري السابق وباكتساب 31 نقطة مقارنة بمعدل شهر سبتمبر 2019.
وبذلك يحتل معدل الاستهلاك الحالي أحد أعلى المراتب منذ سنوات. والملاحظ أن الأكثرية الوازنة من مكونات البحث عبرت عن ارتياحها وتقديرها الإيجابي للإقبال على الاستهلاك.
كنموذج لذلك، أضافت ثلاث محافظات على معدلها الشهري السابق 28 نقطة لكل منها، بما فيها العاصمة، بينما انفردت محافظة مبارك الكبير باتخاذ موقف سلبي وتراجع معدلها 51 نقطة خلال شهر.
اللافت اكتساب الذكور والإناث من المستطلعين 17 نقطة إضافية على معدلهم السابق. كما عبر العمال من ذوي مستوى التعليمي أقل من متوسط، عن ارتفاع الاستهلاك في أوساطهم بزيادة 31 نقطة على معدلهم السابق.
مما لا شك فيه، أن عوامل متضاربة تسهم في رفع أو خفض مستوى الاستهلاك بما فيها: وضع فيروس كورونا، وحجم الحركة الانتاجية والاقتصادية، وأسعار النفط. فضلا عن المزاج العام للمستهلكين، لذا لا بد من مقاربة مستوى الاستهلاك بشكل دقيق لتحديد مساره اللاحق.
محافظة الجهراء الأكثر تحفظاً على المداخيل
سجل مؤشر الدخل الفردي الحالي معدلا بلغ 88 نقطة، متخلفا عن معدل شهر أغسطس 4 نقاط، مع الاشارة الى أنه انخفض 17 نقطة على أساس سنوي.
بالإضافة إلى انخفاض معدل الدخل الفردي تبرز ظاهرة أخرى وهي التمايز الواضح بين مستوى الثقة عند مكونات البحث المتعددة.
مما لا شك فيه أن التداعيات السلبية لجائحة كورونا، طالت مختلف القطاعات الاقتصادية ولو بأشكال متفاوتة، وبالتالي وزعت ضررها على العاملين في تلك القطاعات بشكل نسبي.
بالعودة الى المعطيات يتبين لنا: بلغ معدل مؤشر الدخل الفردي الحالي في أوساط المواطنين 117 نقطة، بينما توقف في أوساط المقيمين العرب عند 44 نقطة، علما بأن معدل المواطنين تراجع 8 نقاط ومعدل المقيمون العرب اكتسب 8 نقاط خلال شهر.
هذا الواقع يكشف مدى الضرر الذي أصاب بعض الفئات العاملة الوافدة إلى الكويت كنتيجة مباشرة للظروف التي فرضتها «كورونا».
إن التحسن في مستوى ثقة هؤلاء العمال والموظفين ناتجة بالدرجة الاولى من الاستمرارية في عملهم من جهة، وتخفيض الإجراءات الوقائية التي ساهمت في عودة نسبة جيدة منهم إلى أعمالهم.
واللافت تراجع مستوى المعدل في أوساط الشباب 18- 35 سنة إلى 92 نقطة بخسارة 14 نقطة خلال شهر.
تراجع فرص العمل المتوافرة للإناث
سجل مؤشر آراء لفرص العمل المتوافرة في السوق حاليا 121 نقطة، مضيفا الى رصيد الشهر السابق 6 نقاط ومتخلفا عن معدل شهر سبتمبر 2019.10 نقاط.
إن ارتفاع الطلب على بعض فئات القوى العاملة يعود الى:
1 ـ تخفيف بعض الإجراءات الوقائية في مواجهة الجائحة، والافساح في المجال لإطلاق العمل كليا او جزئيا في العديد من القطاعات الاقتصادية بما فيها التجارة والبناء والنقل الجوي الذي يعاني من خسائر فادحة بالإضافة إلى الورش الصناعية والشركات الخدماتية. هذه العودة إلى العمل تتطلب رفع مستوى الطلب على القوى العاملة في شتى المجالات.
2 ـ نسبة عالية من العمالة الوافدة غادرت الكويت خوفا من انتشار الوباء من جهة ونظرا للبطالة التي تعرض لها الكثيرون من الوافدين من جهة أخرى.في هذا الإطار سجل الذكور معدلا بلغ 151 نقطة، باكتساب 25 نقطة خلال شهر، بينما تراجع رصيد الإناث 32 نقطة.
قد يكون طلب العمالة يتركز على البناء والأعمال المشابهة، ما أدى الى وجود تراجع في طلب الاناث وتقدم في مستوى الحاجة إلى العمالة الذكورية.
تراجع معدل محافظة الجهراء 22 نقطة وفي المقابل أضيف الى رصيد معدل محافظة الاحمدي 18 نقطة. هذه النماذج تعكس الواقع الحالي المتحرك لسوق العمل.
68 ألف دولار سنوياً حصة المواطن من الدخل
استقر معدل الدخل الفردي المتوقع مستقبلا على 104 نقاط، متراجعا نقطة واحدة خلال شهر، ومتخلفا 6 نقاط مقارنة بنتائج شهر سبتمبر 2019.
إن استقرار التوقعات المستقبلية، تعتمد على عدة عوامل، منها: الملاءة المالية للكويت، وبلوغ حصة المواطن الكويتي سنويا، من حجم الدخل الوطني، 68 ألف دولار. وبذلك تحتل الكويت المركز الثاني على الصعيد الخليجي ومرتبة متقدمة على صعيد العالمي.
إن توقعات الدخل الفردي بشكل عام متوقفة على كلفة وتوقيت تغلب العالم على جائحة كورونا، وتكلفتها على الاقتصاد العالمي.