نعمة هي أم نقمة، رحمة أم عذاب؟ استحييت من نفسي وأخذت أواري وجهي وانتابني رعب هز كياني بعد أن اختنقت بالدموع حد خروج الروح، شعرت كأن حبلا أحاط برقبتي وأخذ يعتصرها، في تلك اللحظة وددت لو أن الأرض تنشق وتبتلعني، وأخذ عقلي يفكر في ذلك السؤال المؤلم الذي نزل على مسامعي كأنه سياط مغموسة في سم خانق..
هل ستنسين اليوم الذي تلدين فيه فلذات أكبادك؟!
بدوت كأنني فقدت قدرتي على النطق، من عمق وقوة التيه والألم الذي اجتاح دواخلي، شعرت بأنني قد سقطت في بحر هائج مظلم، أخذت أمواجه الثائرة تتخاطفني وتلطمني بمياهها الباردة المالحة بعنف وغضب حتى شوهت جسدي الذي بدا لي عاريا فاحترقت روحي من الخزي والتعذيب.
أخذت أسأل نفسي ماذا حل بي؟!
كيف لي أن أنسى تواريخ وأياما وأحداثا ليس من الطبيعي أن تنسى؟!
هل هذا مرض أم تقصير؟! أم ماذا؟!
شعرت بدواخلي تصرخ ودموع الخوف والحسرة الحارقة منهمرة على وجهي دون أن يعيقها عائق.
وأخذت أجلد نفسي وأعتصر عقلي باحثة عن الأسباب وهل هناك من علاج، وعن ماهية تلك الحالة التي أنا عليها والمدى الذي يمكن أن تصل إليه، لم أعلم ماذا أفعل، شعرت بعجز تام كأنني تم إعطائي مخدرا، لكن ذاتي لم تهدأ ولم تكف عن جلدي وإيلامي، شعرت بإرهاق شديد كأنني كنت أسابق فرسا جامحا وتفوقت عليه، وجدتني أحاول الهروب برغبتي في النعاس والخروج من ذلك الموقف الذي يعد أصعب المواقف التي مررت بها في حياتي.
للمرة الأولى أشعر بالعجز والضعف والخزي والتقصير في آن واحد، وكلها مشاعر غاية في الألم، يا إلهي أسألك العون في الصباح، وجدتني أبحث عن أطعمة ومشروبات لتقوية الذاكرة والتي منها ما أتناوله بالفعل لكن دون عادة. بفضل من الله لا أخشى شيئا في هذا العالم إلا هو، فقط لا أحب أن أوضع في موقف المقصر أو المهمل في حق الآخرين.
وقد شاركتكم تلك المشكلة لثقتي بأن هناك آخرين يعانون منها مثلي، وذلك بغرض الانتباه والإفادة والمشاركة، أعلم أن منكم من سيضحك وهناك من سيشعر بالسوء أو سيحزن من نفسه مثلي، فما لنا إلا أن نقول: الحمد لله أولا وأخيرا، وما علينا إلا السعي في أن نرتقي للأفضل كي لا نشعر بالتقصير تجاه أنفسنا أو الغير.
وأختم بمقولة الأديب نجيب محفوظ: «الحياة فيض من الذكريات تصب في بحر النسيان، أما الموت فهو الحقيقة الراسخة».
والله المستعان.