تعلمنا من التاريخ القديم والحديث أن الدول التي تتكون لدى شعوبها آراء كثيرة ومتناقضة وفيها من الأنانية الشخصية المدمرة ما يفوق الخيال والواقع، بأنها أي الدول تتلاشى مع «هبّت» رياح سواء مستوى جوي منخفض أي من داخل الأجواء المحيطة بها أو مستوى عال متحجر لا يدرك التيارات الخطرة التي ستكون لها تأثير على البلاد والعباد جميعا.
بالأمس القريب طالعتنا جريدة «الأنباء» الغراء بمانشيت (5 دوائر بصوتين) وهو المقترح الذي سوف يناقشه النواب الأفاضل هذا الصباح تحت قبة البرلمان، انني أرى موضوع دوائرنا الانتخابية قد كشف عن المصالح الشخصية البعيدة عن الوطنية التي تتهافت علينا أصواتهم بالصراخ المرير، لقد دارت فينا الدوائر إلى أبعد ما كنا نتوقع حتى اختلطت الوطنية بالعصبية القبلية والطائفية والحزبية والفئوية جميعا ولا ندرك ما هي هويتنا بالضبط ألسنا مسلمين؟ ألسنا كويتيين؟ ألسنا أسرة واحدة؟ ألسنا...؟ ألسنا...؟ وألسنا...؟ أرجو يا حكومتنا بأن تأخذي موضوع الدوائر الانتخابية بالجدية وليس بالهزلية الواضحة لدى جميع أفراد الشعب. نعم لقد اتضح لدى المتابعين والمحللين السياسيين بأنه ليست هناك عدالة في تقسيم دوائرنا الانتخابية، وهذا الرأي قد يسبب كثيرا من المتاعب والمشاكل الاجتماعية في المستقبل المظلم لبلادنا في ظل هذه الظروف التي تحيط بنا من كل الاتجاهات والمستويات.
يا حكومة حين نختار أو نعدل نظاما انتخابيا معينا، لابد أن نسأل أنفسنا ماذا نريد تحقيقه؟ أو تجنبه؟ وبصورة أدق ما هو نوع البرلمان المنشود؟ أو الحكومة القادمة؟ ثم نقرر بعد ذلك أي نظام انتخابي نريده.
ومن أجل تحقيق هذا المشروع الإصلاحي للممارسة الديمقراطية، والعهد الجديد يجب أن نعيد النظر في تقسيم (الدوائر الانتخابية وعدد الأصوات) بما يجسد الوحدة الوطنية ويعززها دون انتظار، والمسألة ليست أقلية أو أكثرية، بدواً أو حضراً، شيعة أو سنة، فالإسلام ديننا يأمرنا بالمساواة بين الناس ولا يفرق بينهم حسب العرق أو الأصل أو القبيلة أو العائلة ودستور الدولة أيضا ينص على ذلك (مادة 29)، لذا يجب أن يكون التقسيم الانتخابي على نحو يؤمن بالمساواة النسبية بين الدوائر الانتخابية من حيث عدد السكان، فالفوارق السكانية الكبيرة بين دائرة وأخرى تتعارض مع مبدأ الديمقراطية المنشودة، والعكس صحيح فالمساواة بين الأعداد السكانية في الدوائر الانتخابية يحقق في النهاية العدالة المنشودة والإصلاح الشامل.
فهناك حل واحد يا حكومة يصلح لكل زمان ومكان وهو حل جذري لهذه المشكلة التي تتفاقم كل عقدين من الزمان وتحتاج إلى تعديل، انها حسبة النسبة والتناسب على عدد المحافظات (ست دوائر) وتقسيم النسبة المئوية لعدد نواب المحافظة:
عدد الناخبين ÷ عدد نواب الأمة = الناتج.
عدد الناخبين في المحافظة ÷ الناتج = عدد نواب المحافظة.
ومن قواعد هذا النظام الانتخابي يكون لكل ناخب عدد من الأصوات تصل إلى ثلث عدد النواب المقررين لدائرته الانتخابية، وكل ما زاد عدد الناخبين في المحافظة زاد عدد ممثليها في مجلس الأمة والعكس صحيح، ومن إيجابيات هذه القاعدة بأن تجعل المنافسة بين النواب متواصلة ومستمرة خوفا لفقدان كل منهم مقعده البرلماني، ونضمن أيضا: (قيام برلماني ذي صفة صادقة، تعزيز شرعية السلطتين التشريعية والتنفيذية، تشجيع قيام حكومة مستقرة وفعالة، تنمية حس المسؤولية إلى أعلى درجة لدى الحكومة والنواب) فهل من مستمع؟