بيروت ـ عمر حبنجر
لم تتمكن الوساطات من عقد لقاء، حتى ولو عن بُعد، بين الرئيس سعد الحريري ورئيس التيار الحر جبران باسيل، لا بل أن أحد الوسطاء المصنفين كأصدقاء مشتركين نفض يديه من الوساطة، مما يجعل الاستشارات النيابية المقررة الخميس المقبل علامة استفهام، في ظل ما يبدو تفضيلا من الرئيس ميشال عون لـ «التعكيز» على حكومة تصريف الأعمال برئاسة حسان دياب، على حكومة فاعلة برئاسة الحريري وغياب جبران باسيل.
لكن في النهاية، للضرورة أحكام، واذا كان هناك من «تبرع» بالطلب من الرئيس عون تأجيل الاستشارات المرة الأولى، كما فعل آغوب بقرادونيان، رئيس كتلة نواب الأرمن، فقد لا يجد الرئيس عون متبرعا آخر يأخذ هذا الطلب على عهدته هذه المرة، ما يرجح حصول الاستشارات في موعدها الجديد.
بقرادونيان، الذي كان على موعد لقاء مع الرئيس عون أمس، نفى لقناة «الجديد» ان يكون العماد عون او رئيس التكتل، الذي هو جزء منه، جبران باسيل قد أوعز له بطلب التأجيل، مصرا على أنه فعل ذلك تسهيلا لمهمة الرئيس الذي سيكلف بتشكيل الحكومة.
وقال انه تلقى اتصالا من بيت الوسط يسأله ما اذا كان أحدا أوعز له بتوجيه هذا الطلب للرئيس عون فنفى ذلك، وقلت له «يمكن من طيبة قلبي».
وردا على سؤال قال: بعد تأجيل موعد الاستشارات، اتصل بي الرئيس عون وأبلغني موافقته على طلبي وقال لي: عليك أن تتحمل الانتقادات معليش، كرمال عيون آغوب خليها تتأجل الاستشارات شي مرة.
والراهن، ان هناك ردود فعل تتخطى قدرة العهد على الاحتمال فيما لو ركب التيار الحر رأسه وضغط من أجل التأجيل، علما أنه ثمة ارتياب بنوايا كامنة لاستدراج الحريري الى فخ التكليف، ومن ثم إمطاره بالشروط والعراقيل بوصوله الى مرحلة التأليف، ومن هنا الرهان على الاتصالات الدولية لاحتواء الوضع.
ومع التكليف المرتقب يوم الخميس، ندخل «ماراثون» التأليف الذي لا تعرف ما اذا كانت مسافته طويلة أم قصيرة، ولا نعرف سوى ان اللعبة تجري والسلطة في غيبوبة عن الأوضاع، وكأن ليس هناك كورونا متفشية وأمور معيشية منهارة ومدارس مقفلة ومستشفيات مكتظة وصيدليات فرغت حتى من البندول.
قناة «المنار»، الناطقة بلسان حزب الله، تساءلت عما اذا كانت اتصالات هذا الأسبوع ستبدل الطالع السيئ يوم الخميس؟ وهل سينجح اللبنانيون بتسميتهم الرئيس المكلف أم أنهم ـ على عادتهم ـ سيحتاجون الى مساعدة من وراء البحار؟ علما ان الفرنسيين لم يغادروا خط التأليف، لكنهم لا يحملون أفكارا لحل العقد.
ولا تجزم المصادر المطلعة لـ «المنار» بحصول الاتفاق على اسم متداول للتسمية، ولا ما اذا كانت التسمية حصلت ستفضي الى تولد حكومة انقاذ.
أما التيار الوطني الحر، فمازال يضع تأجيل الاستشارات هذا الخميس ضمن الخيارات الممكنة، بموازاة اجراء التكليف، الذي له متطلبات واضحة، وهي ان يكون مقدمة لتشكيل «حكومة مهمة»، اصلاحية منتجة وفاعلة برئيسها وأعضائها، وبرنامجها القائم على اساس المبادرة الفرنسية، فإذا كانت حكومة اختصاصيين، وهنا بيت القصيد، في ملحمة التعطيل التيارية، يجب ان ينطبق هذا المعيار على رئيسها اسوة بوزرائها: واذا كانت تكنو-سياسية، فهذا المعيار يجب ان ينطبق على كل مكوناتها، ومنها التيار الوطني الحر أيضا.
لكن قناة «أو تي في» الناطقة بلسان التيار الوطني، والتي وضعت هذه المحددات للحكومة، لم توضح طبيعة «الاختصاص» المطلوب من رئيس حكومة الاختصاصيين، فإذا كان وزير الصحة طبيبا، ووزير الأشغال مهندسا، ووزير العدل قاضيا او محاميا، فماذا عساه يكون رئيسها، لا الوزراء، وهل من اختصاص في عرف التيار، اسمه رئيس مجلس الوزراء؟ فهذا الموقع السياسي لا اختصاص مهني جامعي محدد له، سوى جامعة الرأي العام والزعامات الشعبية التي تكتسب عادة بالإرث او الخبرة والممارسة، وفي هذه الحالة ألا توفر رئاسة سعد الحريري لأكثر من حكومة الاختصاص المطلوب؟