في 15 سبتمبر الجاري يكون قد مر 134 عاما على مولد الكاتبة أغاثا كريستي في عام 1890 والتي تُعد رواياتها الأكثر مبيعا في التاريخ حيث بيع من كتبها أكثر من 100 مليون نسخة، كما تُرجمت رواياتها لأكثر من 100 لغة.
وتم تحويل العديد من أعمالها إلى مسرحيات وأفلام ومسلسلات تلفزيونية، مما ساهم في توسيع جمهورها ليشمل أشخاصا لم يقرؤوا أعمالها في الأصل. ومن بين هذه الأعمال، النسخ السينمائية لـ "جريمة قتل في قطار الشرق السريع"..
البدايات
وُلدت أغاثا كريستي باسم أغاثا ماري كلاريسا ميلر لعائلة ميسورة في توركواي بمنطقة ديفون في إنجلترا. وكانت والدتها كلاريسا مارغريت بومر بريطانية ووالدها أمريكي وهو فريدريك ميلر، توفي عندما كانت أغاثا طفلة، لذلك نشأت وتعلمت على يد والدتها.
وقضت أغاثا معظم طفولتها في ديفون بإنجلترا. ولم تتلقَ تعليماً رسمياً في بداية حياتها، حيث كانت والدتها تؤمن بأهمية التعليم المنزلي.
وقد استخدمت أغاثا لاحقاً أماكن في توركواي وجنوب ديفون في كتبها مثل المنحدرات في سانت ماري تشيرش، وفندق إمبريال، وتوركواي، وجزيرة بورغ.
وعلمتها والدتها القراءة في سن مبكرة، وقد وجدت أغاثا في الكتب وسيلة للهرب إلى عوالم الخيال. وكانت والدتها هي أول من اقترح عليها تجربة الكتابة، عندما كانت أغاثا عالقة في المنزل بسبب نزلة برد.
ولاحقاً، التحقت بمدرسة داخلية في باريس وهي في الـ 15 من عمرها لتعلم الفنون واللغة الفرنسية.
وكانت أغاثا شغوفة بالكتابة منذ سن مبكرة. وفي البداية، كتبت الشعر والقصص القصيرة، لكنها لم تحقق نجاحًا كبيرًا في هذا المجال.
وكانت الفترة الحاسمة بالنسبة لها خلال الحرب العالمية الأولى حيث تزوجت من أرشيبالد كريستي، وهو ضابط في القوات الجوية، بعد فترة وجيزة من اندلاع الحرب، وقضيا شهر عسل قصيراً للغاية في فندق غراند توركواي.
ثم قامت أغاثا بدورها في المجهود الحربي من خلال العمل في مستشفى في توركواي. ومن الواضح أن هذا هو المكان الذي تعلمت فيه عن المخدرات والسموم، وهي المعرفة التي ستستخدمها في كتبها. وقد بدأت في كتابة الروايات البوليسية في تلك الفترة.
هركيول بوارو وميس ماربل
في عام 1920، نشرت روايتها الأولى "قضية ستايلز الغامضة" بعد أن رفضها الناشرون 6 مرات، والتي قدمت فيها لأول مرة شخصية هيركيول بوارو، المحقق البلجيكي الذي أصبح واحداً من أشهر الشخصيات في الأدب البوليسي. وبوارو محقق ذكي ودقيق في تفاصيله، يشتهر باستخدام "الخلايا الرمادية الصغيرة" (خلايا دماغه) في حل الجرائم. ولاقت الرواية نجاحاً فورياً، وكانت بداية لعلاقة طويلة الأمد بين أغاثا كريستي وقراء الأدب البوليسي.
وقد ظهر بوارو مرة أخرى في حوالي 25 رواية والعديد من القصص القصيرة قبل أن يعود إلى ستايلز، حيث توفي في رواية الستار (1975).
إضافة إلى هيركيول بوارو، قدمت أغاثا كريستي شخصية أخرى لا تقل شهرة وهي ميس ماربل. وظهرت ميس ماربل لأول مرة في رواية "جربمة قتل في فيكاري" في عام 1930.
وتختلف ميس ماربل عن بوارو، فهي سيدة مسنّة تعيش في قرية صغيرة، لكنها تتمتع بقدرة فريدة على ملاحظة التفاصيل الدقيقة وتحليل الأحداث بطريقة غير متوقعة. وتعتمد ميس ماربل في حل القضايا على خبرتها الواسعة في الحياة وفهمها العميق للطبيعة البشرية.
وعلى الرغم من اختلاف الشخصيتين، إلا أن كلتا الشخصيتين أثبتتا جاذبيتهما للقارئ. ففي حين أن بوارو يعتمد على العقلانية والتحليل المنطقي، تعتمد ميس ماربل على الحدس والملاحظة الاجتماعية، وهذا التنوع في الأساليب أعطى كريستي مرونة أكبر في كتابة روايات متعددة الأساليب والأفكار.
الشهرة
حققت أغاثا كريستي شهرة كبيرة مع رواية جريمة قتل روغر أكرويد (1926).
وقد نشرت كريستي نحو 75 رواية منها 66 رواية بوليسية و14 مجموعة قصصية و20 مسرحية. وكانت كتبها الأكثر مبيعاً، كما كانت تُنشر على شكل حلقات في المجلات الشعبية في إنجلترا والولايات المتحدة .
وقد حققت كتبها نجاحًا هائلًا وتمت ترجمتها إلى لغات عديدة حول العالم. وبفضل شهرتها الكبيرة، أصبحت أعمالها جزءاً من الثقافة الشعبية. ومن بين أشهر رواياتها "جريمة قتل في قطار الشرق السريع" و"البيت المائل".
وتعتبر رواية "ثم لم يبقَ أحد" واحدة من أبرز أعمالها وأكثرها تعقيداً من الناحية الأدبية، وتدور الرواية حول مجموعة من الأشخاص يجتمعون في جزيرة نائية، وكل منهم يتعرض للقتل بطرق غامضة وفقًا لأبيات من قصيدة أطفال. وتمتاز الرواية ببنائها الدرامي المتصاعد وتشويقها الذي يبقي القارئ في حالة توتر حتى النهاية. كما كتبت روايات رومانسية غير بوليسية، مثل " غائبة في الربيع" ( 1944)، تحت الاسم المستعار ماري ويستماكوت.
ومن أشهر مسرحيات كريستي مصيدة الفئران (1952)، التي سجلت رقمًا قياسيًا عالميًا لأطول عرض مستمر في مسرح واحد (8862 عرضًا على مدى أكثر من 21 عامًا في مسرح أمباسادورز في لندن) قبل أن تنتقل في عام 1974 إلى مسرح سانت مارتن، حيث استمرت دون انقطاع حتى أغلقت جائحة كوفيد-19 المسارح في عام 2020 وبحلول ذلك الوقت كانت قد تجاوزت 28200 عرض.
كما تم تحويل العديد من أعمالها إلى أفلام مثل جريمة قتل في قطار الشرق السريع، والمرآة المتصدعة، كما تم أيضا تكييف أعمالها للتلفزيون.
حياتها الشخصية
في عام 1930، تزوجت عالم الآثار ماكس مالوان، و استمر الزواج حتى وفاتها.
وكانت كريستي تسافر كثيراً مع زوجها إلى الشرق الأوسط وترافقه في بعثاته الأثرية، وقد استوحت من تلك الرحلات بعض الأحداث والشخصيات في رواياتها.
وحصلت أغاثا كريستي على لقب سيدة الإمبراطورية البريطانية عام1971 وتوفيت في 12 يناير عام 1976 في والينغفورد بأوكسفوردشاير في إنجلترا عن عمر يناهز 85 عامًا.
ومن المذهل أن نفكر أنه بعد أكثر من 48 عاماً على وفاتها، مازالت كتبها من بين أكثر الكتب قراءة في العالم، وما زالت قصصها تحظى بشعبية على شاشات التلفزيون وفي الأفلام.
وما زال إرثها حياً في توركواي، حيث يوجد في المتحف قسم لأغاثا كريستي، وهناك أيضاً تمثال نصفي من البرونز للكاتبة بالقرب من الميناء.
أبرز المعلومات عن أغاثا كريستي
- كانت تمارس كتابة القصص الخيالية عندما كانت فتاة
عندما كانت مراهقة، أرسلت بعض قصصها القصيرة إلى المجلات تحت اسم مستعار، وقد تم رفضها جميعًا.
- تطوعت خلال الحرب العالمية الأولى
ساعدت في غرفة العمليات في مستشفى الصليب الأحمر في توركواي.
- كانت لديها معرفة بالسموم
خلال تطوعها في الحرب العالمية الأولى، تعلمت عن الأدوية والسموم وغيرها من المواد الخطيرة وقد تناولت في 41 رواية موضوع السموم.
-. كتبت روايتها المنشورة الأولى كنوع من التحدي
طلبت شقيقة أغاثا الكبرى منها أن تكتب قصة ذات حيلة ماكرة لدرجة أنه لا يمكن تخمينها، فجاءت بقصة "القضية الغامضة في ستايلز" مع البطل هيركيول بوارو.
- جريمة قتل روغر أكرويد جعلتها مشهورة
وتُعتبر رواية روغر أكرويد واحدة من أفضل أعمال كريستي. وفي عام 2013، تم التصويت عليها كواحدة من أكثر روايات الجريمة تأثيرًا على الإطلاق.
-كانت تحب علم الآثار
في عام 1928، سافرت إلى بغداد على متن قطار الشرق السريع. وفي الصحراء، ساعدت في أعمال التنقيب الأثري من خلال رسم وفهرسة القطع الأثرية. ثم التقت بعالم آثار يدعى ماكس مالوان، وكان أصغر منها بأربعة عشر عاماً، وتزوجته في لندن عام 1930.
-. تطوعت خلال الحرب العالمية الثانية
هذه المرة، بقيت كريستي في لندن للمساعدة في المستشفيات أثناء الغارات الجوية.
-. كتبت أطول إنتاج مسرحي
في الخمسينيات من القرن العشرين، أصبحت كريستي كاتبة مسرحية بارزة. وافتُتِحَت مسرحيتها "مصيدة الفئران" في 25 نوفمبر 1952 واستمرت لأكثر من سبعين عامًا.