تنظر المحكمة الأمريكية العليا في 10 نوفمبر/تشرين الثاني المقبلفي قانون الرعاية الميسرة الذي أصدره الرئيس السابق باراك أوباما، وهناك عشرات الملايين من الأمريكيين الذين قد تتغير طريقة حصولهم على الرعاية الصحية بشكل كبير نتيجة لقرار المحكمة العليا، فما هي قصصهم؟
حكاية إيلي ماروتا
سمعت إيلي ماروتا حكايات أشخاص يتخلون عن أحلامهم مقابل الحصول على وظيفة توفر تأمينا صحيا، وتقول إن قانون الرعاية الميسرة (إيه سي إيه) هو السبب في أنها لا تزال قادرة على متابعة عملها.
وتم تشخيصها بمرض السكري من النوع الأول في عام 2006، وتصفه ماروتا قائلة: "إنه مرض قاتل أصبح مزمنا مع استخدام الأدوية". الموت لا يبعد سوى بضع ساعات بدون الحصول على الأنسولين ، كما تعاني ماروتا أيضا من الاضطرابات الهضمية الناجم عن مرض مناعي.
وتقول ماروتا إنها لم تكن قادرة على دخول صناعة الفنون المسرحية في مدينة نيويورك بدون الحصول على الرعاية الميسرة التي تسمح للأطفال بالبقاء على خطط الرعاية الصحية الخاصة بالوالدين حتى سن 26 عاما. وبعد انتشار وباء كورونا، واجهت مصاعب في العمل، لكنها لا تزال قادرة على نيل الرعاية الصحية.
وتضيف ماروتا قائلة: "في مجال عملي، لا يتمتع أي شخص بمزايا صحية لوظيفة ما لأن العاملين في مجال الفنون هم متعاقدون مستقلون وأشخاص لا يرتبطون بوظائف دائمة "، مضيفة أنها ساعدت العديد من الأصدقاء في التنقل بين مواقع التأمين الصحي التي تديرها الدولة على الإنترنت حيث يمكن مقارنة أسعار خطط التأمين الصحي.
وهذه هي نفس القصة بالنسبة لعمال الحفلات وموظفي المطاعم وأولئك الذين يعملون في مجال الضيافة في جميع أنحاء البلاد، ولكن في العمر الذي يتجاوز سن ذلك التشريع (26 عاما) ترتفع أسعار العديد من خطط التأمين الصحي الخاص إلى مئات الدولارات شهريا. وتقول ماروتا إنها عندما تقدمت في السن وتجاوزت تغطية والديها في ديسمبر/كانون الأول الماضي لم تكن قادرة على تحمل تكاليف الخطط التي تأهلت لها بموجب تشريع إيه سي إيه.
وتقول ماروتا: "إنها ليست مثالية ابداً ، وهذه هي قطعة الفتات الوحيدة التي ترغب في منحها للشعب الأمريكي، والتي كان من الصعب بالفعل بالنسبة لي الوصول إلى إيه سي إيه، ثم تحرمنا منها؟"
وتتساءل قائلة ما هو الهدف من وجود نظام صحي يعمل فقط من أجل الأصحاء؟
وكانت إيه سي إيه قد وفرت تغطية التأمين الصحي لملايين الأمريكيين عندما تم توقيعها كقانون في عام 2010. ولقد كان تعهدا انتخابيا لحملة المرشح دونالد ترامب بإلغائها واستبدالها، لكنه لم يتمكن من القيام بذلك حتى الآن في ولايته الأولى.
وقد عملت إدارة ترامب على تفكيك القانون وقد بلغ هذا العمل ذروته الآن بالتشكيك دستوريته. وفي الشهر المقبل سيعرض القانون أمام محكمة عليا محافظة، ومن المحتمل أن تكون قاضية الرئيس ترامب الثالثة إيمي كوني باريت على مقاعد القضاة الذين ينظرون فيه، ومن غير المؤكد المصير الذي سيؤول إليه هذا القانون.
وستبت المحكمة العليا في ما إذا كان إلزام الأفراد بضرورة شراء التأمين الصحي يتماشى مع الدستور.
فإذا كان التفويض غير جائز، فيجب على المحكمة أيضا أن تقرر ما إذا كان بقية هذا القانون صحيح، أم أنه غير دستوري بالكامل. فإذا كان القرار هو الأخير، فقد اختفت أيضا الحماية للمرضى الذين يعانون من حالات موجودة مسبقا، كما ستلغى أيضا الإعانات الفيدرالية والمساعدات الموسعة للأمريكيين ذوي الدخل المنخفض.
وبالنسبة للجمهوريين، تمثل إيه سي إيه تحركا جذريا ومكلفا صوب الرعاية الصحية الاشتراكية، وهي خطوة تزيد التكاليف ولكنها تقلل من جودة الرعاية. وقد ارتفع الإنفاق الوطني على الصحة من 2.6 تريليون دولار في عام 2010 إلى 3.65 تريليون دولار في عام 2018، على الرغم من أن القانون لم يكن السبب بالكامل في هذا الأمر.
كما أن إيه سي إيه لا تحظى بشعبية بين الأمريكيين المؤمن عليهم بالفعل والذين رأوا أن تكاليف تغطيتهم ترتفع حيث تمت إضافة الأفراد الأكثر مرضا لخطط الـتأمين الصحي. وينظر بعض المحافظين أيضا إلى هذا القانون على أنه تجاوز للحكومة الفيدرالية وتدخل في العلاقة بين الطبيب والمريض.
وبالطبع بات السؤال الحقيقي هو كيف يترجم الخلاف حول هذه الأمور في واشنطن إلى النتيجة النهائية للمرضى.
فمن بين 23 مليون أمريكي مؤمن عليهم حاليا من قبل إيه سي إيه أو برامج ميديكيد الموسعة، يمكن أن يفقد 21 مليون شخص تأمينهم الصحي إذا تم إلغاء القانون. وفي المستقبل، يمكن أن يسقط المزيد من خطط التأمين الصحي إذا أدى نقص الدعم الفيدرالي إلى ارتفاع أسعار التأمين إلى مستويات عالية.
وفي خلفية كل ذلك وباء عالمي أصاب أكثر من 7.5 مليون أمريكي. ونظرا للضرر الذي يمكن أن يلحقه كوفيد 19 بالجسم والعدد غير المعروف من المضاعفات ذات الصلة الذي قد يسببها للناجين، فإن الإصابة بالفيروس في عام 2020 قد تصبح حالة موجودة مسبقا في أعين شركات التأمين الصحي.
حكاية شانا زيولكو
يشعر شانا زيولكو، وهو يبلغ من العمر 36 عاما ويعمل موظفا حكوميا محليا خارج مدينة سانت لويس بولاية ميسوري، بالخوف في الوقت الراهن.
فوفقا لخطة التأمين الصحي إيه سي إيه يدفع شانا حاليا أجر أسبوع كل شهر للتأمين الذي يضمن وصوله إلى الأطباء والوصفات الطبية التي يحتاجها إليها لعلاج مشاكل الكلى على المدى الطويل والاضطراب ثنائي القطب.
وكانت خطته هي الحصول على وظيفة أفضل مع مزايا أفضل وأمان اقتصادي، وقد أنهى زيولكو دراسته العليا في ديسمبر/كانون الأول الماضي ثم ضرب الوباء.
ويقول زيولكو: "إذا تم إلغاء قانون إيه سي إيه، فلن أقدر على دفع ثمن الدواء سوى لأسبوع واحد فقط بدلا من دفع تكاليف التأمين، وسأخشى الذهاب إلى الطبيب مهما كان سبب ذلك".
ويضيف زيولكو قائلا إن إيه سي إيه تسمح لهم بالحصول على تأمين صحي، لكن ذلك يعني أكثر من مجرد ذلك بكثير.
ويوضح زيولكو قائلا: "لست مضطرا للتغيب عن العمل لأنني مريض، فأنا أقوم بعمل جيد لأن لدي أدويتي التي تجعل حياتي ممكنة حاليا".
وقد وجد تحليل لمؤسسة كيسر فاميلي فاونديشن "كي اف اف" أنه اعتبارا من عام 2018 يعاني ما يقرب من 54 مليون بالغ من غير كبار السن في الولايات المتحدة من ظروف صحية سابقة كان من شأنها أن تجعلهم غير قابلين للتأمين قبل قانون إيه سي إيه.
وأفادت دراسة حكومية عام 2017 أن حوالي 133 مليون أمريكي تحت سن 65 سيضطرون إلى دفع تكاليف إضافية للتغطية التأمينية، أو سيتم رفضهم، بسبب ظرف صحي موجود مسبقا إذا تم إلغاء إيه سي إيه. وهذا العدد يعني ما يقرب من نصف سكان الولايات المتحدة، مع حالات تتراوح من السمنة إلى تعاطي المخدرات إلى مرض الزهايمر. ولكي نكون واضحين فإن معظم الناس في الولايات المتحدة مؤمن عليهم من خلال أرباب عملهم.
ولكن عندما يكون التأمين الصحي مرتبطا بمكان العمل، فماذا يحدث عندما تفقد وظيفتك أو تغيرها، أو تحتاج إلى التقاعد مبكرا؟ وماذا عن بدء عملك الخاص أو العمل بدوام جزئي؟ ماذا يحدث إذا حصلت على الطلاق؟
وبينما وعد الرئيس ترامب بحماية الذين يعانون من الظرف الصحي الموجود مسبقا على وجه الخصوص، كانت وزارة العدل التابعة له تجادل في المحكمة بأنه يجب إلغاء قانون إيه سي إيه بالكامل.
لقد وقع ترامب على أمر تنفيذي لحماية الذين يعانون ظرف صحي موجود مسبقا، لكن لا يلزم هذا البيان السياسي، حتى لو كان من الرئيس، شركات التأمين من الناحية القانونية.
حكاية راشيل ديلغريغو
كان مبلغ 50 ألف دولار، هو المبلغ الذي ستدفعه عائلة راشيل ديلغريغو كلفة الإقامة في المستشفى لمدة ليلتين إذا لم يكن لديهم تأمين. وتعاني والدة ديلغريغو من حالة من أمراض المناعة الذاتية والتي أدت لترددها على المستشفيات على مدار السنوات الخمس الماضية.
وبينما كان والدها يعمل، لم تكن التغطية الصحية مصدر قلق.
وتقول الشابة البالغة من العمر 22 عاما: "الآن وقد وصل والدي لسن التقاعد بات الأمر أكثر إرهاقا حيث أنه يبلغ من العمر الآن 67 عاما ولا يريد التقاعد، فهو لا يعرف نوع التأمين الصحي الذي سيحصل عليه بعد التقاعد".
وتضيف قائلة إنه من "المخيف" التفكير في السرعة التي يمكن أن تتراكم بها الفواتير إذا تم إلغاء التأمين الصحي الذي توفره إيه سي إيه. وكان والداها يخصصان أموالا من التقاعد للحصول على تمويل في حالة تدهور صحة والدتها.
كما تواجه ديلغريغو أيضا حالة من عدم اليقين. ويعتبر الربو الذي تعاني منه حالة صحية موجودة مسبقا في عالم ما بعد إيه سي إيه. وهي تعيش في إحدى ضواحي الطبقة العاملة خارج فيلادلفيا، وتقول إن العديد من أصدقائها يعانون أيضا من أجل توفير الرعاية الصحية خاصة عندما لا تقدم الوظائف المتاحة مزايا. لقد باتت الرعاية الصحية همها الرئيسي كناخبة.
وتضيف قائلة: "يمكنهم أن يتناقشوا ويحولوا الأمر إلى قضية سياسية كما يريدون، لكنها ليست قضية سياسية عندما ترى والدتك في سرير المستشفى".
ذلك أن 6 من كل 10 أمريكيين يقولون إنهم أو أحد أفراد أسرهم لديهم ظرف صحي موجود مسبقا.
وقد وجدت استطلاعات الرأي هذا الصيف أن 49 في المئة من الأمريكيين ينظرون إلى إيه سي إيه بشكل إيجابي (42 في المئة لا يفعلون ذلك). لكن تدابير التأمين الصحي لأولئك الذين يعانون من ظرف صحي موجود مسبقا مدعومة من قبل مؤيدي الحزبين (الديمقراطي والجمهوري) والمستقلين. ويولي غالبية الأمريكيين، 72 في المئة، أهمية كبيرة للحفاظ على وسائل التأمين الصحي هذه.
بالنسبة إلى لورا مارستون التي تعاني من مرض السكري من النوع الأول، فإن فكرة العودة إلى عالم ما قبل إيه سي إيه "سخيفة" لأنه بدون تأمين مقدم من صاحب العمل فإن توفير الأنسولين سيكون بمثابة كفاح يومي.
وهي قلقة بشكل خاص بشأن الشباب المصابين بأمراض مزمنة الذين تخرجوا في اقتصاد يعاني من الوباء.
وتقول: "إنهم بالفعل في وضع غير موات ثم يفكرون في أنه يمكن إزالة التأمين الصحي الذي توفره إيه سي إيه؟ هذا يعني من الناحية العملية لدى التحدث نيابة عن شخص مثلي يحتاج ما لا يقل عن ثلاث عبوات من الأنسولين شهريا، فهذا يعني ما يقرب من ألف دولار شهريا، فحتى لو كان على شخص واحد فقط أن يدفع هذا المبلغ فإن ذلك ليس ليس عدلا".
وهي تشعر بالإحباط لأن كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي مترددان في دفع أمريكا نحو رعاية صحية أكثر يسرا. وتقول إن التراجع لحماية أرباح الصناعة مع إزالة العقوبات المفروضة على الأشخاص الأصحاء ثم محاولة إبقاء أولئك الذين يعانون من ظروف صحية موجودة مسبقا تحت غطاء التأمين الصحي، أمور غير ممكنة معا.
وتضيف مارستون قائلة: "الرياضيات فقط لا تعمل، هذا ليس سحرا يا رفاق".
ومن تجربتها، فإن أي شيء أقل من قانون يعالج المشكلة كما سعى قانون إيه سي إيه الكامل، لن يحلها.
وقد لا يكون الوضع الراهن مثاليا، لكن من الواضح أنه بالنسبة للمرضى في الخطوط الأمامية لأزمة التأمين الصحي فإن العودة إلى الوراء ليست خيارا.
مصطلحات يجب معرفتها
• أوباماكير: اسم التدليل لقانون الرعاية الميسرة
• الحالات الصحية الموجودة مسبقا: أي حالات صحية يتم تشخيصها قبل الاشتراك في خطة التأمين (مثل مرض السكري والسرطان والربو والحمل)
• التفويض الفردي: شرط أن يشتري الناس التأمين الصحي أو يدفعوا غرامة ضريبية، وقد تم إلغاء هذه العقوبة من قبل الجمهوريين في عام 2018
• ميديكيد: برنامج خدمة رعاية صحية مجاني للأمريكيين ذوي الدخل المنخفض
• تسوق التأمين الصحي: مواقع التأمين التي تديرها الدولة (بأسلوب التسوق عبر الإنترنت) حيث يمكنك مقارنة أسعار خطط التأمين الصحي