توعدت إيران أمس بالثأر لمقتل أهم علمائها النوويين محسن فخري زاده الذي يوصف بأنه العقل المدبر لبرنامج طهران النووي السري، وسط دعوات دولية للتهدئة وضبط النفس، خوفا من مواجهة جديدة في الشرق الأوسط في الأسابيع الأخيرة من فترة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي اعلنت وزارة دفاعه «الپنتاغون» إرسال حاملة الطائرات «نيمتز» الى منطقة الخليج العربي. وعلى الاثر، رفعت إسرائيل حالة التأهب القصوى في سفاراتها بجميع أنحاء العالم بعد التهديدات الإيرانية، بحسب وسائل الاعلام الاسرائيلية.
واتهم الرئيس الإيراني حسن روحاني إسرائيل بالوقوف خلف اغتيال رأس البرنامج النووي، والسعي لإثارة «فوضى» في المنطقة قبل أسابيع من تولي جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة، مؤكدا أن بلاده لن تقع في هذا «الفخ»، مشددا على رد «في الوقت المناسب».
ورأى روحاني أن إسرائيل أدت دور «العميلة» في الاغتيال لـ«الاستكبار العالمي»، معتبرا أن وفاة العالم البالغ من العمر 59 عاما تشكل «خسارة فادحة».
لكن المرشد الأعلى علي خامنئي كان اشد وضوحا وحدة، اذ قال في بيان نشره على تويتر امس «استشهد عالم من علماء بلادنا البارزين والممتازين في المجالين النووي والدفاعي، السيد محسن فخري زاده، على أيدي العملاء المجرمين والأشقياء».
وأضاف «يجب على جميع المسؤولين أن يضعوا قضيتين مهمتين بجدية على جدول أعمالهم. القضية الأولى تتمثل في متابعة هذه الجريمة والمعاقبة الحتمية لمنفذيها ومن أعطوا الأوامر لارتكابها، والأخرى هي مواصلة جهود الشهيد العلمية والتقنية في المجالات كافة التي كان يعمل عليها». كما توعد كل من رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف ورئيس الأركان العامة اللواء محمد حسين باقري بالانتقام لاغتيال زاده.
وأبلغت إيران الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس ومجلس الأمن الدولي بأنها ترى «مؤشرات خطيرة عن ضلوع إسرائيل» في اغتيال العالم النووي الإيراني وأنها تحتفظ بحق الدفاع عن نفسها.
وقال مندوب طهران في الأمم المتحدة مجيد تخت روانجي في الرسالة «إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية تحتفظ بحقوقها في اتخاذ كل الإجراءات الضرورية للدفاع عن شعبها وتأمين مصالحه، وتحذر من أي إجراءات أميركية وإسرائيلية متهورة ضد بلادي خاصة خلال الفترة المتبقية للإدارة الأميركية الحالية».
وكانت وزارة الدفاع الإيرانية اعلنت امس الاول وفاة فخري زاده متأثرا بجروحه بعيد استهدافه من قبل «عناصر إرهابية». وأوضحت الوزارة أنه أصيب «بجروح خطرة» بعد استهداف سيارته من مهاجمين اشتبكوا بالرصاص مع مرافقيه، و«استشهد» في المستشفى رغم محاولات إنعاشه. ووقعت العملية في مدينة أبسرد بمقاطعة دماوند شرق العاصمة طهران.
ونقلت صحيفة «نيويورك تايمز» عن مسؤول أميركي ومسؤولين استخباريين أن إسرائيل «تقف خلف الهجوم على العالم».
في غضون ذلك، حثت ألمانيا جميع الأطراف على ضبط النفس. وعلى تجنب تصعيد التوتر بما قد يخرج أي محادثات حول برنامج إيران النووي عن مسارها.
وقال متحدث باسم الأمم المتحدة إن الأمين العام دعا بدوره إلى ضبط النفس وتفادي أي أعمال قد تؤدي لتصعيد التوتر في المنطقة. وأضاف فرحان حق «علمنا بالتقارير التي تتحدث عن اغتيال عالم نووي إيراني قرب طهران. نحث على ضبط النفس وعلى الحاجة لتجنب أي تصرفات من شأنها أن تؤدي لتصعيد التوتر في المنطقة».
وبعد ساعات على الاغتيال، قالت البحرية الأميركية انها نشرت حاملة الطائرات «نيمتز» ومجموعتها الضاربة في الخليج الأسبوع الماضي قبل أيام من مقتل محسن زاده، غير أنها قالت امس إن هذا ليس له صلة بأي تهديد معين
وقالت الكوماندر ريبيكا ريباريتش المتحدثة باسم الأسطول الخامس الأميركي ومقره البحرين في بيان «لا توجد تهديدات معينة دفعت لعودة المجموعة القتالية للحاملة نيمتز»، مبينة أن إعادة النشر متصل بخفض عدد القوات الأميركية في العراق وأفغانستان.
وفرضت الولايات المتحدة الأميركية عقوبات اقتصادية جديدة على شركات صينية وروسية، متهمة إياها بدعم تطوير البرنامج النووي الإيراني. وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في بيان امس:«لقد فرضنا إجراءات عقابية على شركتين مقرهما في الصين هما «شنجدو بست نيو ماتيريالز» و«زيبو إيليم ترايد»، وعلى شركتين مقرهما في روسيا هما «نيلكو جروب» و«جوينت ستوك كومباني إيليكون».