يبدأ الرئيس الأميركي جو بايدن اليوم أول جولة خارجية موسعة له، لإصلاح ما أفسده سلفه دونالد ترامب مع الشركاء الأوروبيين، حيث يحضر قمة مجموعة السبع الكبرى ويجري لقاءات في حلف شمال الأطلسي «الناتو» والاتحاد الأوروبي بهدف مزدوج معلن: طمأنة الحلفاء وتوجيه تحذير إلى روسيا.
وتكتسب الزيارة طابعا رمزيا كبيرا، فخلال زيارته الأولى الى الخارج اختار الرئيس السادس والأربعون للولايات المتحدة (78 عاما) إعطاء أهمية خاصة للعلاقات بين ضفتي الأطلسي التي واجهت مشاكل كثيرة خلال رئاسة ترامب.
يصل بايدن مساء اليوم الى كورنوال بجنوب غرب إنجلترا حيث يشارك في قمة مجموعة السبع «جي 7» المكونة من ألمانيا وكندا والولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا واليابان وبريطانيا، بعد لقاء ثنائي مع رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون.
والأحد يزور، برفقة السيدة الأولى جيل بايدن، الملكة إليزابيث الثانية في قصر ويندسور.
وكتب بايدن على تويتر «رحلتي الى أوروبا تشكل مناسبة لأميركا لكي تحشد الديموقراطيات في كل أنحاء العالم».
كما أنه يطرح نفسه لاعبا أساسيا فيما وصفه بأنه صراع قوة عقائدي في مواجهة «الأنظمة السلطوية» وفي مقدمتها روسيا والصين.
ومنذ وصوله الى البيت الأبيض، يؤكد بايدن أن الولايات المتحدة عادت الى طاولة العمل المتعدد الأطراف ومصممة على لعب دور أساسي بدءا من مكافحة وباء كوفيد-19 وصولا الى التغير المناخي، وهو ما شكل ارتياحا لدى الأوروبيين، ايضا حيث قال رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل إن زيارة بايدن لأوروبا بمنزلة مؤشر على نجاة العمل المتعدد الأقطاب من سنوات حكم ترامب، وسترسي أسس التعاون عبر المحيط الأطلسي لمواجهة تحديات عديدة بدءا من الصين وروسيا وانتهاء بتغير المناخ.
وأضاف ميشيل «أميركا عادت»، مستخدما المصطلح نفسه الذي اتخذه بايدن شعارا بعد انسحاب ترامب من عدة منظمات متعددة الأطراف وتهديده في وقت ما بالانسحاب من حلف شمال الأطلسي.
وقال رئيس المجلس الأوروبي لمجموعة من الصحافيين «هذا يعني أن لدينا مجددا شريكا قويا جدا لتعزيز نهج التعددية. اختلاف كبير عن إدارة ترامب».
وسيجتمع ميشيل ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين مع بايدن في 15 يونيو، وسيكون ذلك عقب قمة مجموعة الدول السبع الكبرى في بريطانيا واجتماع زعماء الدول الأعضاء بحلف شمال الأطلسي في بروكسل في 14 يونيو.
وأشار ميشيل إلى أن فكرة «عودة التعددية» هي أكثر من مجرد شعار، لأنها إقرار بأن هناك حاجة لنهج عالمي لحل القضايا، سواء كانت سلاسل إمداد اللقاحات المضادة لفيروس كورونا أو نظام ضرائب أكثر عدلا على الشركات في العصر الرقمي.
وذكر أن اجتماع مجموعة السبع الذي يستمر ثلاثة أيام في كورنوول في إنجلترا قد يكون «نقطة تحول مهمة» تظهر التزاما سياسيا جادا في تعهدات الحكومات «بالعودة إلى البناء على نحو أفضل» في أعقاب تضرر الاقتصاد بشدة بسبب جائحة كورونا.
وقال ميشيل إنه تحدث لمدة 90 دقيقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأبلغه أنه يتعين أن يغير سلوكه إن كان يريد علاقات أفضل مع الاتحاد الأوروبي.
لكن مع الارتياح هناك شكل من نفاد الصبر من الجانب الأوروبي. ويقول بنجامين حداد من مركز الأبحاث «أتلانتيك كاونسل»، إنه إذا كانت اللهجة بناءة أكثر، لكن هناك بعض «خيبة الأمل».
ويضيف لوكالة فرانس برس «نتحدث كثيرا عن «عودة أميركا» هناك خطاب إيجابي لكن يجب الآن الانتقال الى الأفعال».
بالنسبة لكثيرين، توزيع اللقاحات الأميركية على دول أخرى تأخر كثيرا. كما عدم مبادرة واشنطن الى اعتماد مبدأ المعاملة بالمثل إثر قرار الاتحاد الأوروبي إعادة فتح أبوابه أمام المسافرين الأميركيين أثار استياء.
والطريقة التي أعلن فيها الانسحاب من أفغانستان بدون مشاورات فعلية مسبقة، لم يكن موضع تقدير لدى العواصم الأوروبية.
ويرى الديبلوماسي الأميركي ألكسندر فيرشبو المسؤول الثاني في حلف الأطلسي سابقا، أن «الحلفاء لايزال لديهم شكوك، ولاتزال ماثلة في أذهانهم القوى التي أوصلت ترامب الى السلطة عام 2016».
وبعد بريطانيا يغادر بايدن على متن الطائرة الرئاسية «اير فورس وان» الى بروكسل لحضور قمة قادة حلف شمال الاطلسي ثم قمة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قبل أن يختتم جولته التي تستمر ثمانية أيام وتتخللها قمة مع الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وأخرى في جنيف منتظرة جدا مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين.
وتبدو المحادثات بينهما صعبة، وعلى جدول أعمالها أوكرانيا وبيلاروسيا ومصير المعارض الروسي المسجون أليكسي نافالني والهجمات المعلوماتية.