يرغم تفشي النسخة المتحورة دلتا من ڤيروس كورونا الدول أكثر فأكثر على تشديد القيود الصحية مع فرض تدابير إغلاق محلية في الصين وتعبئة الجيش في أستراليا وتمديد حال الطوارئ في اليابان.
في الوقت ذاته، يصبح وضع الكمامات إلزاميا مجددا في المناطق الأكثر تضررا من الڤيروس في الولايات المتحدة، حيث يحاول الرئيس الأميركي جو بايدن تكثيف حملة التلقيح البطيئة.
وتجد الصين، حيث ظهر الوباء لأول مرة في مدينة ووهان (وسط) أواخر 2019، أن سياسة الاحتواء التي كانت أول من طبقتها العام الماضي باتت مهددة، مع تسجيل إصابات جديدة انطلقت من نانجينغ، في شرق البلاد، وامتدت إلى خمس ولايات وانتشرت في بكين لأول مرة منذ ستة أشهر.
وفي أستراليا، استعانت شرطة مدينة سيدني، أكبر مدن البلاد حيث يقطن خمسة ملايين نسمة، بتعزيزات قوامها 300 عسكري لضمان احترام القيود المفروضة، مع تسجيل معدل إصابات قياسي امس.
وتم تمديد تدابير الإغلاق، التي دخلت الأسبوع الخامس، لمدة شهر إضافي، حتى 28 أغسطس، فيما يخرق حظر ارتياد الشواطئ والحدائق على نطاق واسع، وتظاهر آلاف الأشخاص اعتراضا على هذه التدابير خلال عطلة نهاية الأسبوع.
ومددت اليابان حالة الطوارئ الصحية في طوكيو حتى نهاية أغسطس، وقال رئيس الحكومة الياباني امس إن «العدوى تتفشى بسرعة لم يسبق لها مثيل»، مع تسجيل عشرة آلاف إصابة يوميا في معدل قياسي.
وفي مذكرة داخلية مثيرة للقلق، أورد المركز الأميركي لمكافحة الأمراض والوقاية منها أن المتحور دلتا معدية على غرار مرض جدري الماء، وتقوض الحماية التي توفرها اللقاحات، كما تسبب عواقب أكثر خطورة على المرضى، وفق ما نقلته صحيفتا «واشنطن بوست» و«نيويورك تايمز».
ودعي الأميركيون، بمن فيهم من حصلوا على جرعتي لقاح، الى الالتزام بوضع الكمامات مجددا في المناطق التي تسجل ارتفاعا في نسبة الإصابات. وفي محاولة لدفع عملية التلقيح قدما، أوعز بايدن إلى السلطات المحلية بتحويل مبلغ 100 دولار لحساب كل شخص يقبل على تلقي اللقاح.
وأعلنت الولايات المتحدة امس أنها قدمت ثلاثة ملايين جرعة من لقاح موديرنا الى أوزبكستان، في بادرة تهدف إلى تعزيز العلاقات مع الدولة الواقعة في آسيا الوسطى على الحدود مع أفغانستان.
وفي أوروبا، حيث تواجه دول عدة موجة رابعة من الوباء، تتخذ السلطات اجراءات عدة، فقد مددت السلطات الإسبانية حظر التجول في برشلونة وجزء من كاتالونيا، وفرضت فرنسا تدابير الإغلاق في جزر مارتينيك وريونيون حيث تصف السلطات الوضع الصحي بأنه «مأساوي».
وبدءا من التاسع من أغسطس المقبل، على المسافرين على متن القطارات الفرنسية أن يتوقعوا في أي لحظة أن يطلب منهم إبراز الشهادة الصحية.
وتفرض ألمانيا، بدءا من الغد، على السياح غير المطعمين إبراز اختبار سلبي للڤيروس عند وصولهم الى أراضيها، سواء عبر الطائرة أو السيارة أو القطار.
ورغم تزايد الضغوط حول العالم لتسريع حملات التلقيح، فإنها تبقى غير متساوية إلى حد بعيد، إذ منحت الدول ذات الدخل المرتفع ما معدله 97 جرعة لكل 100 نسمة، مقابل 1.6 جرعة فقط في البلدان الفقيرة.
ويتوقع برنامج «كوفاكس»، الذي من المفترض أن يسمح للبلدان الفقيرة بتلقي اللقاحات مجانا، تلقي 250 مليون جرعة من اللقاحات خلال الأسابيع الستة إلى الثمانية المقبلة، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وفي بورما، حذرت السلطات من وضع «يائس»، داعية مجلس الأمن الدولي إلى التأكد من إمكانية إيصال اللقاحات، رغم الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد منذ الانقلاب الذي أطاح بالسلطة المدنية قبل ستة أشهر.
وفي الفليبين، أعلنت السلطات الجمعة أن 13 مليون مواطن في منطقة مانيلا سيخضعون اعتبارا من الأسبوع المقبل للحجر، في قرار صعب هدفه «إنقاذ الأرواح».
في افريقيا، تعرف السنغال، التي بقيت بمنأى عن الوباء نسبيا لفترة طويلة، انتشارا غير مسبوق للعدوى على غرار بقية دول القارة وتفتقر المستشفيات المكتظة فيها إلى الأكسجين.
وتكافح تونس، حيث يسجل معدل الوفيات الأعلى في شمال أفريقيا، للتصدي للڤيروس، مع ارتفاع عدد الإصابات، بينما تعاني غرف العناية المركزة من نقص في عبوات الأكسجين.
وأعلنت تونس امس أن نسبة انتشار السلالة المتحورة الهندية (دلتا) بلغت 90% من مجموع الاصابات ما يجعلها في المرتبة الأولى عالميا في انتشار هذا المتحور.
وقال عضو اللجنة العلمية لمكافحة كورونا التابعة لوزارة الصحة التونسية رياض دغفوس في تصريح صحافي إن النسبة في تونس تجاوزت نطاق انتشار هذا المتحور في الهند، حيث ظهر لأول مرة، موضحا ان مخاطر هذه السلالة سريعة الانتشار تتطلب الالتزام بقواعد الوقاية والاسراع في انجاز حملة التطعيم المضاد لڤيروس كورونا.