شهدت باريس أمس، مسيرة تكريم بمناسبة الذكرى الـ 60 لحملة الشرطة الفرنسية الدموية على احتجاج للجزائريين في العاصمة، خلال العام الأخير من حرب استقلال بلادهم عن مستعمريها الفرنسيين، لكن ذلك لا يبدو كافيا بالنسبة للجزائر التي تطالب باعتراف فرنسا بمسؤوليتها الكاملة عن تلك الجرائم.
ونظمت جماعات حقوق الإنسان ومنظمات مناهضة للعنصرية وجمعيات جزائرية في فرنسا مسيرة التكريم في باريس.
ودعا المشاركون السلطات إلى مزيد من الاعتراف بمسؤوليات الدولة الفرنسية في «المآسي والأهوال» المتعلقة بحرب الاستقلال الجزائرية وفتح المزيد من السجلات.
ووضع قائد شرطة باريس ديدييه لالمان إكليل زهور قرب نهر السين في ذكرى مذبحة الجزائريين في عهد سلفه موريس بابون، وفق ما أفاد مراسلو وكالة فرانس برس.
وهو أول قائد لشرطة باريس يكرم ذكرى الضحايا الجزائريين، لكنه لم يلق كلمة واكتفى بالحضور إلى المكان لبضع دقائق ووضع إكليل زهور قرب جسر سان ميشال في وسط العاصمة بعيد الثامنة صباحا في حضور بعض الصحافيين وعناصر الشرطة.
وارتفعت معزوفة تكريم الموتى، ثم وقف الحضور دقيقة صمت.
وكان الرئيس إيمانويل ماكرون أعلن في بيان أمس الأول أن «الجرائم التي ارتكبت تلك الليلة تحت سلطة موريس بابون لا يمكن تبريرها».
وشارك الرئيس الفرنسي في تكريم ذكرى الضحايا على ضفاف السين، قرب جسر بيزون الذي سلكه قبل 60 عاما متظاهرون جزائريون وصلوا من حي نانتير الفقير المجاور، تلبية لدعوة فرع جبهة التحرير الوطني في فرنسا.
وندد ماكرون أمس الأول بـ «جرائم لا مبرر لها بالنسبة إلى الجمهورية». وتأتي هذه التصريحات ضمن مسار بدأه ماكرون لتهدئة ذاكرات الحرب الجزائرية ومحاولة تحقيق مصالحة ماتزال متأثرة بذكريات أليمة بين البلدين.
وماكرون أول رئيس فرنسي يشارك في إحياء الذكرى، وهو أيضا أول رئيس يولد بعد حرب الجزائر. ولم يلق كلمة عامة لكنه وقف دقيقة صمت ووضع إكليل زهور في المكان، وتحدث مع أقارب للضحايا.
وفيما اكتفى الإليزيه بعبارات من قبيل قمع «وحشي وعنيف ودام» بحق المتظاهرين، شددت وزارة الاتصال الجزائرية، في بيان لها على أن الحفاظ على الذاكرة والدفاع عنها يعد واجبا مقدسا. وقالت: «سنلاحق فرنسا اليوم وكل يوم إلى أن تعترف بمسؤولياتها كاملة وتلتزم بتحمل تبعات كل الجرائم التي اقترفتها» ضد الجزائريين.
بدوره، وقف الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، أمس بمقام الشهيد بالجزائر العاصمة، دقيقة حداد تخليدا لضحايا مجازر 17 أكتوبر 1961.
وأوضحت الرئاسة الجزائرية، في بيان لها، أن تبون قام «بوضع إكليل من الزهور وقرأ فاتحة الكتاب على أرواح الشهداء».