غيّب الموت وزير الخارجية الأميركي الأسبق كولن باول الذي حفظ العالم اسمه ونقشوا ملامح وجهه الصارمة في مخيلتهم بداية عام 1991 عندما قاد «الامبراطورية الأميركية» بالتنسيق مع جيوش 32 دولة لتحرير الكويت من براثن الغزو الصدامي. وأصبح رئيس الأركان كولن باول أول «جنرال» يقود الجيش الأميركي في حرب بمنطقة الشرق الأوسط.
جمعت الراحل علاقة طيبة متواصلة بالكويت التي دائما ما كان يصفها بأنها صديقة عزيزة للولايات المتحدة في وقت السلم والحرب، كما وصفها بالحليف الموثوق من خارج حلف الناتو.
وقد زار باول الكويت مرات عدة بعد التحرير، منها عام ١٩٩٣ وفي سبتمبر 1996 وسبتمبر 2003 ومارس 2004 ويوليو وأغسطس 2004 وأكتوبر 2006 ونوفمبر عام 2007.
وقد كرمته الكويت عام ١٩٩٣ بوسام الكويت ذو الوشاح من الطبقة الممتازة.
الديبلوماسي كولن باول
خلال أربع سنوات من 2001 حتى 2005 هي فترة تبوئه هذا المنصب شهد العالم تغييرات دراماتيكية وانقلبت خارطة التوازنات الإقليمية وخاض الجيش الذي كان «جنراله» يوما حربين شرستين يفصل بينهما عام واحد وأربعة أشهر، الأولى في أفغانستان ضد تنظيم القاعدة، والثانية ضد نظام المقبور صدام حسين.
في الحربين حاول «الديبلوماسي» باول إقناع المجتمع الدولي بأهمية الحربين، وعندما «فشل» وافق، مع باقي اركان الإدارة التي سيطر عليها الصقور، على تنفيذ الإرادة الاميركية بشكل منفرد، واتجهت الطائرات والبوارج وقوات المارينز لتنهي سيطرة «طالبان» على افغانستان في عدة ايام وتنصب عليها حكومة يرأسها حامد كرزاي، ثم تتجه لوضع كلمة النهاية في حكاية المقبور صدام حسين بتحرير العراق من نظامه القمعي.
تحرير الكويت
وعن مرحلة تحرير الكويت يقول باول في مذكراته: في اليوم الثالث للحرب 26 فبراير اتصلت بنورمان شوارزكوف ظهرا وسألته ما سبب عدم اندماج الفيلق السابق بالكامل في المعارك، وبعد ذلك بفترة قصيرة اتصل نورمان وقال: ان جنود فرانكس تمكنوا تقريبا من القضاء على فرقة كاملة من فرق الحرس الجمهوري، ودفعوا فرقتين أخريين الى الوراء.
وفي الوقت الذي تمكنت فيه قوات الجيش والبحرية الأميركية، من تحرير الكويت بمساعدة من القوات السعودية، والمصرية، والكويتية، ومن الدول العربية الأخرى، كان الفيلق الثامن عشر المحمول جوا يقترب من وادي نهر الفرات.
ومن تقارير استخباراتنا تمكنا من تدمير او اجتياح 27 من اصل 42 فرقة عراقية كانت منتشرة في ساحات القتال، كما أسرنا 38000 جندي ثم تتابعت عمليات الأسر وبقيت خسائرنا خفيفة، وكان إجمالي معدل خسائرنا أقل بكثير حتى من اكثر تقديراتنا المتفائلة وذلك بفضل الحملة الجوية المتواصلة التي أنزلت بالعراقيين خسائر فادحة.
«عاصفة الصحراء»
ويضيف: لم تنجح عاصفة الصحراء فقط في إنجاز هدفها السياسي بل وبدأت بتغيير مناخ الكراهية السائد نحو الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وأصبح العراق ضعيفا ومنعزلا. وأشعر بكثير من الرضى لتقييم أهم المؤرخين العسكريين المعاصرين وهو جون كيجان، الذي كتب يقول: ان حرب الخليج تعتبر انتصارا للتخطيط الدقيق والتنفيذ الذي يكاد يخلو من الأخطاء.
وتابع يقول في مذكراته: اتصفت حرب الخليج بالتغطية الإعلامية المكثفة والتي شارك فيها 2500 من الصحافيين المعتمدين ويعتبر ذلك فارقا كبيرا عن عدد الصحافيين الذين شاركوا في معارك نورماندي والذي بلغ عددهم 27 صحافيا فقط. كما بلغ عدد الصحافيين الذين قاموا بتغطية عاصفة الصحراء أربعة أضعاف من شاركوا في تغطية حرب فيتنام، وكانت هناك تغطية تلفزيونية على مدار 24 ساعة، وقد أظهرت استطلاعات الرأي التي أجريت بعد الحرب ان نسبة معتبرة من الأميركيين الذين شملتهم الاستطلاعات كانوا مؤيدين للحرب.
في يوم 22 مايو استدعاني تشيني الى مكتبه وقال: سوف نقوم بإعادة تعيينك رئيسا للأركان. وقد انتابتني الحيرة لأنه كانت لاتزال هناك فترة اكثر من 4 شهور تنتهي في 30 سبتمبر لكي يتم اتخاذ قرار بخصوص هذا الأمر. وشكرت تشيني الذي قال لي: انها فكرة الرئيس، انه يريد إعادة تعيينك مبكرا قبل الوقت المحدد.
وفي اليوم التالي وجدت نفسي مع الرئيس بوش الذي تحدث عني أمام الصحافيين قائلا: لقد اتخذت هذه الخطوة لكي أؤكد ثقتي الكبيرة في باول وما أكنه له من احترام كبير. وبعد انتهاء حرب الخليج، كتب صحافي في مجلة الـ «تايم» الشهير هيو سيدني مقالا قال فيه: لم يحدث من قبل ابدا ان برز رئيس أميركي في عالم متقلب بمثل هذه العظمة التي يتمتع بها الرئيس جورج بوش هذه الأيام.