يواصل المتحور الجديد من فيروس كورونا (أوميكرون) انتشاره في مختلف أرجاء العالم ويرتفع عدد الدول التي تعلن رصد إصابات به، رغم تشديد الإجراءات التي أعلنتها الكثير من البلدان فور الكشف عن الفيروس، فيما نددت دول القارة الأفريقية الجنوبية بما وصفته «عنصرية» الإجراءات ضد الأفارقة.
ودعا أنتوني فاوتشي كبير خبراء الصحة في الولايات المتحدة الأميركيين إلى الاستعداد لفعل «أي شيء وكل شيء» لمواجهة تفشي أوميكرون، الذي قال ان المؤشرات تؤكد انتشاره بسرعة، لكنه اعتبر ان «من السابق لأوانه» طلب الإغلاق.
وقال مسؤولو الصحة بنيوساوث ويلز، الولاية الأكثر ازدحاما بالسكان في استراليا، إن شخصين قادمين إلى سيدني من جنوب القارة الأفريقية مساء أمس الأول تأكدت إصابتهما بمتحور أوميكرون.
وقالت السلطات الصحية في الولاية إن الراكبين لم تظهر عليهما أعراض وتلقيا التطعيم كاملا وهما قيد الحجر الصحي. ودخل 12 مسافرا آخرين قادمين من جنوب القارة الأفريقية كذلك الحجر الصحي في فندق لمدة 14 يوما ونصحت السلطات نحو 260 راكبا وأفراد طواقم طيران بالعزل المنزلي.
بدوره، وزير الصحة الفرنسي أوليفييه فيران أعلن أمس إن سلالة أوميكرون موجودة وتنتشر بالفعل على الأرجح في فرنسا، مضيفا ان الحكومة ستشدد الإجراءات لاحتواء التفشي. وتابع فيران قائلا للصحافيين في مركز للتطعيمات في العاصمة باريس بالرغم من هذه التطورات المقلقة فإنها «لن تغير التدابير الصحية المطبقة في هذه المرحلة».
وأوضح فيران ان المتحور الجديد هو متغير هجين بين (بيتا) و(الدلتا)، مؤكدا ان طفرة دلتا عمت فرنسا لأشهر عدة.
من جـانـبـها، أعـلنت السلطات الصحية الهولندية أمس أنه تم تأكيد 13 إصابة بالمتحور الجديد على الأقل في أوساط 61 مسافرا كانوا على متن طائرتين قادمتين من جنوب أفريقيا وخضعوا لحجر صحي بعدما ثبتت إصابتهم بكوفيد-19.
وجاء في بيان المعهد الوطني للصحة العامة أنه «تم تحديد المتحورة أوميكرون في 13 من الفحوص التي جاءت نتيجتها إيجابية (لجهة الإصابة بكوفيد-19)».
ويعد ظهور الحالات الجديدة أحدث مؤشر على احتمال أن يكون من الصعب احتواء المتحور الجديد الذي اكتشف لأول مرة في جنوب أفريقيا، ورصد منذ ذلك الحين في بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وبلجيكا وبتسوانا وإسرائيل وهونغ كونغ إضافة الى عدة دول أفريقية.
وأثار اكتشاف متحور أوميكرون، الذي صنفته منظمة الصحة العالمية الأسبوع الماضي بأنه «مقلق»، مخاوف على مستوى العالم من أن يكون مقاوما للقاحات وأن يطيل أمد جائحة كوفيد-19 المستمرة منذ نحو عامين.
وفرضت دول قيودا على السفر وحظرا على المسافرين من دول جنوب القارة الأفريقية.
وأعلن المغرب بعد إسرائيل حظر دخول جميع الأجانب إلى البلاد ووقف جيمع الرحلات الجوية لمدة اسبوعين. وباتت إسرائيل أول دولة تغلق حدودها تماما للتصدي لسلالة أوميكرون. وقال رئيس الوزراء نفتالي بينت في بيان إن الحظر سيستمر 14 يوما وبانتظار موافقة الحكومة.
ومنعت جزر المالديف دخول المسافرين من سبع دول أفريقية بداية من أمس. وقالت وزارة الصحة في بيان إنه لن يتم السماح للمسافرين من جنوب أفريقيا وبوتسوانا وزيمبابوي وموزامبيق وناميبيا وليسوتو وإيسواتيني بدخول جزر المالديف.
ويتعين على المسافرين الذين وصلوا من هذه البلدان خلال اليومين الماضيين الخضوع للحجر الصحي لمدة 14 يوما.
ويقول خبراء الأوبئة إنه ربما يكون أوان فرض قيود على السفر لوقف انتشار أوميكرون قد فات.
وألقى المتحور الجديد الضوء على التباين الكبير في توزيع اللقاحات على مستوى العالم. ففي حين بدأت بعض الدول المتقدمة في إعطاء جرعة ثالثة منشطة لم يتلق الجرعة الأولى سوى أقل من 7% من سكان الدول النامية وفقا لمنظمات طبية ومدافعة عن حقوق الإنسان. وقال سيث بيركلي الرئيس التنفيذي للتحالف العالمي للقاحات والتحصين (جافي) الذي يدير مع منظمة الصحة العالمية مبادرة كوفاكس التي تهدف إلى توزيع عادل للقاحات إن هذا أمر ضروري لتجنب ظهور متحورات جديدة من الفيروس.
وقال في بيان لـ «رويترز» أمس الأول: «مازال يتعين علينا معرفة المزيد عن أوميكرون لكننا نعرف أنه ملدام لم يتلق عدد كبير من سكان العالم التطعيمات ستستمر المتحورات الجديدة في الظهور وسيطول أمد الجائحة».
في المقابل، استنكرت الدول الأفريقية التي استهدفتها قرارات التعليق وإغلاق الحدود الإجراءات «المبالغ» بها. وأعربت بريتوريا عن استيائها بعد ان أصبح مواطنوها فجأة أشخاصا غير مرغوب فيهم في العالم، وعن غضبها من الوصمة التي عانت منها في اليومين الماضيين.
وذكرت وزارة الخارجية في بيان أن تعليق الرحلات «يشبه معاقبة جنوب أفريقيا على التسلسل الجيني المتقدم والقدرة على اكتشاف المتحورات الجديدة بشكل أسرع». وأفاد البيان «تم اكتشاف متحورات جديدة في بلدان أخرى. كل هذه الحالات لم يكن لها صلات بجنوب القارة الأفريقية» ومع ذلك فإن «رد الفعل العالمي تجاه تلك البلدان يختلف اختلافا صارخا عن الحالات في جنوب القارة الأفريقية».
وانتقدت وزارة الصحة الجنوب أفريقية القيود ووصفتها بأنها إجراءات «صارمة» و«ذعر» و«مضللة» تتعارض «مع القواعد والنصائح الصادرة عن منظمة الصحة العالمية».
وقال وزير الصحة جو فاهلا: «نشعر بأن بعض قادة الدول يبحثون عن كبش فداء في التعامل مع مشكلة عالمية».
ودافع رئيس مالاوي، لازاروس شاكويرا، عن جارته الأفريقية، وقال إن حظر السفر المفروض على المسافرين من جنوب أفريقيا يستند إلى ما وصفه بـ «الخوف من الأفارقة» وليس العلم.
واعتبر في منشور على صفحته على فيسبوك، أن العالم يجب أن يكون ممتنا لعلماء جنوب أفريقيا لتحديد متحور فيروس كورونا (أوميكرون) قبل أي شخص آخر.
وقال رئيس ملاوي، وهو أيضا رئيس مجموعة التنمية للجنوب الأفريقي (SADC) المكونة من 16 عضوا، ان «حظر السفر أحادي الجانب الذي تفرضه الدول، الآن لا مبرر له. يجب أن تستند تدابير كوفيد إلى العلم وليس الى رهاب الأفارقة».