في خضم بلورته إمكان ترشحه لولاية رئاسية ثانية في العام 2024، يعمد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب الذي يواجه متاعب قضائية إلى إعادة إحياء حركة «كيو أنون» لمروجي نظرية المؤامرة التي كرسها أعضاؤها أيقونة لهم. وأحدث المتاعب القضائية التي يواجهها ترامب، الدعوى التي رفعتها المدعية العامة لولاية نيويورك ليتيشيا جيمس ضده و3 من ابنائه ومؤسسة ترامب لقيامهم بتضخيم تقييمات أصول وخفض صافي ثروته بالمليارات بهدف الحصول على مزايا ضريبية وتأمينية. وقالت جيمس للصحافيين إن مكتبها يسعى إلى تغريم الرئيس السابق 250 مليون دولار، إضافة الى حظر عائلته من «إدارة الأعمال التجارية في نيويورك بشكل نهائي» ومنعه وشركته من شراء أملاك في الولاية لمدة خمس سنوات.
وفيما يتوارى المؤسس المجهول للحركة اليمينية المتطرفة المعروف باسم «كيو» (Q) عن الأنظار، بدا جليا خلال تجمع لمؤيدي ترامب في ولاية أوهايو أن الحركة مازالت قوة داعمة للرئيس السابق.
وتم تداول مشاهد لمناصرين لترامب على وقع موسيقى إلكترونية قال مركز «ميديا ماترز» للأبحاث التقدمية إنها نشيد الحركة وشعارها «حيثما نذهب مجتمعين، نذهب بكامل زخمنا».
وسبق أن استخدم ترامب هذه المقطوعة الموسيقية في التاسع من أغسطس في ڤيديو احتج فيه على تفتيش وحدة تابعة لمكتب التحقيقات الفيدرالي لمقره في فلوريدا وتحفظت على وثائق سرية قالت انه نقلها من البيت الابيض في مخالفة للقانون، وفي مناسبات أخرى عدة، وهو ما لاحظه أنصار «كيو أنون» على شبكات التواصل الاجتماعي.
من جهة أخرى، يستعيد ترامب بشكل متزايد أفكار «كيو أنون» على شبكته للتواصل الاجتماعي «تروث سوشال».
وفي 13 سبتمبر نشر صورة معدلة له تظهره واضعا شعار «كيو» على سترته.
وتفيد إحدى نظريات «كيو أنون» بأن الرئيس الأميركي جو بايدن والحزب الديموقراطي ضالعون في مؤامرة عالمية شيطانية.
ومن أتباع الحركة جيكوب تشانسلي ولقبه «تشامان» الذي شارك في اقتحام الكونغرس في السادس من يناير 2021 عاري الصدر حاملا حربة ومعتمرا خوذة بقرنين.
ويقول خبراء إن الحركة باتت تتبع بشكل متزايد نظريات «ترامبية» على غرار إنكار فوز بايدن في الانتخابات الرئاسية التي أجريت في العام 2020، وأيضا مصطلح «الدولة العميقة» الذي غالبا ما يستخدمه الرئيس السابق للتنديد بموظفين حكوميين يقول إنهم يعملون على تقويض سلطات الرئيس.
وتقول الخبيرة في شؤون اليمين المتطرف في مركز «ساذرن بوفرتي لو» ريتشل غولدواسر، إنه بات حاليا «من الصعب أن نجد فارقا» بين «كيو أنون» وحركة «ماغا» (لنجعل أميركا عظيمة مجددا) التي أطلقها ترامب.
وتعتبر غولدواسر أن الملياردير أصبح حاليا «نوعا ما بطلا لنظرية المؤامرة».
حركة «كيو أنون» التي ولدت في العام 2017 في الولايات المتحدة، تستمد اسمها من رسائل غامضة نشرها شخص يدعى «Q» يعتقد أنه مسؤول أميركي رفيع مقرب من ترامب.
وعلى مر السنين تزايدت أعداد أتباع هذه النظريات في صفوف الأميركيين، ووضع مكتب التحقيقات الفيدرالي المجموعة اليمينية المتطرفة تحت الرقابة لخطورتها المحتملة.
وشارك عدد من نشطاء «كيو أنون» في تجمعات انتخابية لدونالد ترامب رافعين لافتات تحمل اسم حركتهم أو ارتدوا قمصانا تحمل حرف «Q».
ولم يعلن ترامب يوما تأييده رسميا الحركة لكنه لم ينأ يوما بنفسه عنها.
وبعد هزيمته الانتخابية وتحديدا بعد اقتحام الكونغرس، تلاشت الحركة وانقطعت رسائل «Q» كما دعا شخص على صلة بموقع إلكتروني للتواصل مع أتباع الحركة إلى الإقرار بفوز بايدن.
وبعدما نبذتهم شبكات التواصل الاجتماعي الكبرى، تحول أتباع «كيو أنون» إلى تطبيق تلغرام ومن ثم إلى شبكة «تروث سوشال» التي أطلقها ترامب في فبراير 2022.
وعادت الحركة للتركيز على تزوير مفترض للانتخابات أدى إلى خسارة ترامب الاستحقاق الرئاسي، بدفع من مؤثرين كثر نظموا تجمعات بهذا الشأن.
وفي العام 2021 نظم جون سابال المعروف بـ «كيو أنون جون» تجمعا كبيرا في دالاس، وهو يعتزم تنظيم تجمع جديد في نوفمبر المقبل.
ويجري مستشار البيت الأبيض الأسبق للأمن القومي الجنرال السابق مايكل فلين جولات مكوكية في الولايات الأميركية للترويج للنظريات نفسها. ومن دون ذكر «كيو أنون»، يستخدم فلين عبارة «العاصفة آتية» التي تستخدمها الحركة اليمينية المتطرفة.
وأظهرت مشاهد التقطت خلال جمع تبرعات في كاليفورنيا في 18 الجاري فلين وآخرين يستمعون إلى امرأة تؤدي نشيد «حيثما نذهب مجتمعين، نذهب بكامل زخمنا».