على عكس ما تشتهي السفن الإسرائيلية، جرت رياح أكبر صفقة سلاح في تاريخ الولايات المتحدة تبرمها مع السعودية وتتجاوز قيمتها الـ 60 مليار دولار، حيث اعترفت إسرائيل أمس بفشلها في منع عقد الصفقة.
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية الرسمية عن مصادر سياسية في إسرائيل قولها إن إسرائيل لا يمكنها منع صفقة الأسلحة الضخمة التي تنوي الولايات المتحدة إبرامها مع السعودية.
لكن تقارير أميركية قالت إن واشنطن استرضت إسرائيل وطمأنتها عبر طريقين: الأول التعهد لإسرائيل بالحفاظ على تفوقها العسكري والاستراتيجي في المنطقة، والثاني التأكيد بأن هذه الصفقة تمنح السعودية تقدما حاسما تجاه ايران وبقية دول المنطقة باستثناء اسرائيل، وحيث انه لا خطر على اسرائيل من هذه الصفقة، وان تعزيز العلاقات الأميركية ـ السعودية يصب في مصلحة حملة الضغوط والتضييق على ايران.
وتشدد مصادر على أن صفقة السلاح للسعودية مبررة من الناحية الأميركية، لأن «السعودية جزء من محور الاعتدال وينبغي تعزيز قوتها. وفي ضوء خروج الولايات المتحدة من العراق، وتسلح إيران، ثمة مبرر لتعزيز قوة محور الاعتدال».
ويشير مسؤولون أميركيون الى ان الأمر لا يتعلق فقط بإيران، إنه يتعلق بمساعدة السعوديين في حاجاتهم الأمنية المشروعة، إنهم يعيشون في منطقة خطرة ونحن نساعدهم في المحافظة على أمنهم، فيما أكد هؤلاء أن عملية البيع ستزيد من قدرة السعودية على التنسيق مع الولايات المتحدة حول «التحديات الأمنية المشتركة، ما يعني أنه قد يمكن أن ننشر قوات أقل بشكل دائم في المنطقة».
وفي تفاصيل الصفقة، فإن المشروع الذي عرضته إدارة الرئيس باراك أوباما على الكونغرس أمس الأول يطلب بان يسمح لها بان تبيع السعودية 84 مقاتلة قاذفة من طراز «أف-15» وتحديث 70 أخرى. كما تتضمن الصفقة تزويد الرياض بـ 178 مروحية هجومية 70 منها من طراز اباتشي و72 من طراز بلاك هوك و36 من طراز اي اتش-6 آي، اضافة الى 12 مروحية خفيفة للتدريب من طراز «ام دي-530 اف»، كما أوضح اندرو شابيرو مساعد وزيرة الخارجية المكلف بالشؤون السياسية والعسكرية.
وبرر المسؤول الأميركي هذه الصفقة الضخمة بانها «ستنشر السلام الاقليمي وتزيد من القدرات الدفاعية لشريك مهم».
واضاف ان هذه الصفقة «ستفيد الامن القومي الاميركي» عبر «ارسال رسالة قوية في المنطقة بشأن عزمنا على دعم امن شركائنا الرئيسيين في الخليج، وفي الشرق الاوسط بأسره».
والدافع الاساسي لهذه الصفقة هو تعاظم القدرات العسكرية الايرانية والذي يشكل مصدر قلق لدول الخليج العربية بأسرها ويغير المعطيات الاستراتيجية.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الاميركية فيليب كراولي رد في سبتمبر الماضي سبب التعاون العسكري مع الرياض الى «المخاوف المبررة التي تساور السعودية ودولا اخرى بسبب صعود ايران».
غير ان شابيرو نفسه شدد أمس الأول على ان هذه الصفقة «سببها ليس فقط ايران».
وفي هذا الاطار لفت الكسندر فيرشبو نائب وزير الدفاع لشؤون الامن الدولي الى الدور الذي يمكن للمروحيات الاميركية القيام به في حماية الحدود السعودية، حيث ستمكن هذه المروحيات الجيش السعودي من سد ثغرة ظهرت في النزاع الذي دار اواخر 2009 بينه وبين المتمردين الحوثيين اليمنيين على الحدود بين البلدين.
وستتسلم السعودية الاسلحة الواردة ضمن هذه الصفقة خلال فترة تمتد بين 15 و20 عاما.
وفي حال تم تطبيق الصفقة التي تقدر قيمتها الإجمالية بـ 60 مليار دولار بالكامل فهي ستصبح اضخم صفقة بيع اسلحة تبرمها الولايات المتحدة في تاريخها، كما اعلن في سبتمبر مسؤول في وزارة الدفاع الاميركية.
واضافة الى هذه الصفقة، هناك مفاوضات جارية حاليا بين واشنطن والرياض حول تطوير قدرات السعودية في مجالي البحرية والدفاع المضاد للصواريخ. وفي حال تكللت هذه المفاوضات بالنجاح فهي ستثمر عقودا بعشرات مليارات الدولارات ايضا.
وبإمكان الكونغرس، الذي يعتبر الكثير من اعضائه موالين لاسرائيل، تعديل هذه الصفقة او تأخيرها، حيث يمنحه القانون الأميركي مهلة شهر للاعتراض على الصفقة التي تشمل كذلك التدريب على الاسلحة والمولدات وقطع الغيار وغيرها من بنود برنامج الدعم المختلفة.
لكن شابيرو طمأن هؤلاء مؤكد أنه «وفقا لتقديراتنا فان الصفقة لن تؤثر على التفوق العسكري النوعي الذي تتمتع به اسرائيل»، في حين شدد فيرشبو على انه وبناء لـ «مفاوضات جرت على مستوى رفيع» مع اسرائيل فان الدولة العبرية «لا تعارض هذه الصفقة».
كما سيهتم البرلمانيون الاميركيون بالجانب الاقتصادي لهذه الصفقة وفرص العمل الهائلة التي ستنجم عن ابرامها، فشركة بوينغ التي تصنع طائرات اف-15 ومروحيات اخرى واردة ضمن الصفقة اعلنت انها ستوظف 77 الف عامل جديد اذا ما ابرمت هذه الصفقة التي ستكون حصتها منها 24 مليار دولار.