خلال حملة الانتخابات الرئاسية المقبلة سيعمل المرشحون من كلا الحزبين على التحذير من خطر وقوع هجوم ارهابي آخر على الولايات المتحدة.
ولكن يتعين على الاميركيين ان يصروا في الوقت ذاته على ان يشرح هؤلاء الكيفية التي سيصلحون بها الضرر الذي الحقه الرئيس بوش بقدرات الاستخبارات الاميركية على جمع المعلومات باسم محاربة الارهاب.
من المؤكد ان الكونغرس لم يقم بواجبه. فعلى مدى 6 سنوات كان اما يقف صامتا او يؤيد بقوة بينما كان فريق بوش يتلاعب بالدفاتر لتبرير الحرب، ويجر جواسيس البلاد الالكترونيين الى عمليات مراقبة غير قانونية للمكالمات الهاتفية ويحول عملاء الاستخبارات والعسكريين النظاميين الى ممارسين للتعذيب في سجون خارجة على القانون.
وهنالك فرصة الآن أمام المشرعين لكي يبدأوا بتصحيح بعض الأخطاء في تلك المجالات. ولكن ثمة دلائل مقلقة على انهم سيخفقون مرة أخرى في القيام بما هو ضروري.
وبعد الكشف عن ان بوش كان قد أجاز لوكالة الأمن القومي التنصت على المكالمات الهاتفية الدولية للأميركيين وعلى رسائلهم الالكترونية من دون أمر قضائي أخذ الكونغرس يكافح لسن قانون يقوم بـ 3 أمور مهمة وهي: اجبار الرئيس على التقيد بقانون مراقبة الاستخبارات الخارجية لعام 1978، والابقاء على صلاحيات القضاة في اقرار ومتابعة مراقبة الأميركيين، وتحديث القانون لكي يواكب التطور التكنولوجي.
في الصيف الماضي أعطى الكونغرس الرئيس بوش مشروع قانون يتضمن التحديثات المطلوبة ولكنه سهل عمليات التجسس على الأميركيين.
هذا القانون ينتهي أجله في فبراير المقبل وقد اقر مجلس النواب مشروع قانون يحدث قانون مراقبة الاستخبارات الخارجية ويحتوي على الكثير من الضمانات لقيام اشراف حقيقي من القضاء والكونغرس على عمليات التنصت. كما وضعت اللجنة القضائية في مجلس الشيوخ مشروع قانون يتضمن هذه الامور مع مدة تطبيق معقولة لسنتين.
ما يريده بوش بالطبع هو قيود اقل وليس اكثر كما يريد لهذه الصلاحيات ان تكون دائمة. ويريد ايضا العفو عن شركات الاتصالات التي قدمت للحكومة بيانات خصوصية للاميركيين على مدى 5 سنوات على الأقل ومن دون امر قضائي.
ويبدو ان السناتور هاري ريد، زعيم الاغلبية الديموقراطية في مجلس الشيوخ، مصمم على تنفيذ رغبات الرئيس. فقد المح الى انه بدلا من مشروع قانون اللجنة القضائية سيقترح اجراء حافلا بالعيوب من لجنة الاستخبارات بالمجلس ويوسع بشكل خطر صلاحيات الحكومة ويمنح عفوا غير مبرر لشركات الاتصالات.
ويقول البيت الابيض ان الغاية من العفو هي ضمان تعاون هذه الشركات في المستقبل ولكن يبدو ان هدفه الحقيقي هو منع الاميركيين من الاطلاع على مدى تورط الشركات في المراقبة غير القانونية للهواتف.
وفيما يختص بالاستجواب والتعذيب فان الكشف اخيرا عن ان الـ «سي آي ايه» أتلفت أشرطة ڤيديو تصور استجواب اثنين من اعضاء القاعدة كان تذكيرا صارخا بالغلطة الكارثية التي ارتكبها الكونغرس باقراره لقانون اللجان العسكرية عام 2006.
فاضافة الى انشاء محاكم صورية لمحاكمة معتقلي غوانتانامو سمح القانون لبوش بنقض معاهدة جنيڤ بوضعه قواعد سرية وغير قانونية للاستجواب من قبل عملاء الاستخبارات.
كان واضحا ان الاشرطة اتلفت لحماية القائمين على الاستجوابات او رؤسائهم من المسؤولية عن اعمال غير قانونية مثل الخنق بالماء. ويتعين على الكونغرس ان يحقق في اتلاف الاشرطة مستخدما الاستدعاءات القضائية.
وفيما يتعلق باستخدام واساءة استخدام المعلومات الاستخباراتية فقد اصيب الجميع بصدمة عندما نشر البيت الابيض تقويما استخباراتيا جديدا جاء فيه ان ايران اوقفت منذ 2003برنامجها السري للتسلح النووي. هذه الوقائع المذهلة تطرح تساؤلات حول ما اذا كان الرئيس على علم بهذا التقويم عندما حذر من نشوب «حرب عالمية ثالثة» اذا ما سمح لإيران بامتلاك السلاح النووي.
لقد اعاد ذلك الى الذاكرة قضية تضليل الرئيس للشعب حول برامج التسلح العراقية التي كانت قد اختفت منذ زمن طويل. وكان من المفترض ان تجري لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ تحقيقا منذ سنوات حول ما كان الرئيس بوش ومسؤولون آخرون يعرفونه من المعلومات الاستخباراتية عن تسلح العراق عندما استخدموها لجر البلاد الى الحرب.
ولكن الاميركيين لايزالون يجهلون ما اذا كان بوش قد تعمد تضخيم وتحريف المعلومات عن العراق او انه جرى اعطاؤه معلومات غير صحيحة.
يريد الاميركيون معرفة ما الذي كان بوش يعرفه عن العراق وايران؟ ومتى عرفه؟ أي شيء أقل من هذا لن يكون مقبولا. لقد سئمت البلاد من الاذعان واختلاق الأعذار والتعمية.
عن هيرالد تريبيون انترناشونال
صفحة قضايا في ملف ( pdf )