شهد يوم امس اول معارك بين مقاتلين من حماس وجنود اسرائيليين داخل مدينة غزة منذ بدء الهجوم العسكري الاسرائيلي البري السبت الماضي.
ووصفت هذه المعارك بالعنيفة وافاد شهود عيان بأن عشرات المقاتلين من حركتي حماس والجهاد الاسلامي اشتبكوا مع الجيش الاسرائيلي في حي الشجاعية شرق مدينة غزة.
وافاد الشهود بأنهم سمعوا انفجارات قوية وأصوات الغارات التي شنتها مروحيات عسكرية اسرائيلية في المدينة.
واعلنت حركة حماس في بيان انها اطلقت قذائف مضادة للدروع على 7 دبابات على الأقل، في حين اعلنت حركة الجهاد ان احد عناصرها قتل في المعارك.
كما اكد مصدر عسكري اسرائيلي ان الجنود يواجهون معارك ضارية داخل مدينة غزة التي تحاصرها الدبابات في شكل شبه كامل.
وسجلت مواجهات اخرى في حي الزيتون وفي محيط مدينتي جباليا وبيت لاهيا بشمال القطاع.
وقال مصدر إسرائيلي أن 23 جنديا إسرائيليا أصيبوا بجروح خلال اشتباكات مسلحة عنيفة في قطاع غزة امس وأن جراح بعضهم حرجة ما يرفع عدد الإصابات في الجيش الإسرائيلي إلى 88 جريحا منذ بداية العدوان.
من جانبه قال عضو في حماس رفض كشف هويته لفرانس برس ان «المعارك في الشجاعية عنيفة جدا»، مضيفا ان «المقاومة نصبت مكامن للقوات الاسرائيلية واصابت 7 جنود». واوضح «اننا وضعنا متفجرات كثيرة على طريقهم».
وقال متحدث باسم حركة الجهاد الاسلامي ابواحمد لفرانس برس ان عناصر من الحركة شاركوا في المعارك. وقال ان «وحدة من الجهاد شاركت في المواجهات مع الجنود الاسرائيليين في شرق غزة. لقد هاجموا الخطوط الخلفية» للجيش.
واضاف ان «الاتصالات مع مقاتلينا مقطوعة حاليا لكن المعارك متواصلة». وتواصلت الغارات الجوية الاسرائيلية شمال القطاع حيث افاد مصدر طبي فلسطيني بأن فلسطينيين اثنين قتلا في غارة ليلية على بلدة بيت حانون.
وواصلت آلة الحرب الاسرائيلية في وقت سابق امس دك البشر والشجر والحجر، واغتالت بحسب مسؤولين بالقطاع الطبي، سبعة من أفراد أسرة فلسطينية واحدة عندما ضربت منزلهم صباح أمس وجرحت عشرة من نفس العائلة. وأضاف المسؤولون أن الهجوم الذي وقع بمخيم الشاطئ للاجئين على مشارف مدينة غزة جاء عقب قصف أودى بحياة ثلاثة أطفال وأمهم بقذيفة دبابة في منزلهم بشرق مدينة غزة. واضافوا ان عدة فلسطينيين آخرين أصيبوا بجروح في الحادث الذي وقع بحي الزيتون في غزة. واستشهد طفلان آخران في قصف بحري على مدينة غزة.
شلال الدم الفلسطيني لم يتوقف عند هذا الحد، حيث اعلنت مصادر طبية «استشهاد 4 فلسطينيين وإصابة 40 آخرين خلال قصف لمدفعية الدبابات الاسرائيلية، مستهدفة بيت عزاء في بلدة بيت حانون شمال شرق قطاع غزة، فيما كانت طائرات الاستطلاع ومروحيات الاباتشي تحلق هي الأخرى فوق أجواء بيت العزاء.
وذكر مراسل قناة الجزيرة ان عدد المنازل المدمرة تجاوز 15 منزلا وان الشهداء المنتشلين منها أكثر من 25، مؤكدا وجود المزيد من القتلى والجرحى الذين يصعب الوصول إليهم بسبب كثافة القصف ليرتفع عدد الشهداء إلى أكثر من 540.
استهداف قياديي حماس
ومن بين المنازل السكنية التي استهدفتها المقاتلات الإسرائيلية، منزل القيادي في الجبهة لشعبية لتحرير فلسطين جميل مزهر.
وذكرت مصادر طبية أن الطائرات الحربية قصفت بصاروخين منزل مزهر في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة ودمرته بشكل كامل دون التبليغ عن ووقوع إصابات.
وذكرت مصادر محلية أن الطائرات الإسرائيلية قصفت منازل ومخازن ومحلات تجارية في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة والتي دمر الكثير منها.
وقصفت تلك الطائرات كذلك منزل القائد في كتائب القسام في خان يونس ياسر حمدان وعددا من منازل نشطاء في حركة حماس ومحل الخزندار للصرافة دون وقوع إصابات. الى جانب قصفها مقر جمعية صحية قرب مستشفى الشفاء ما أدى إلى إصابة أربعة فلسطينيين.
وأفاد شهود عيان بأن الدبابات وحاملات الجند المصفحة والجرافات العسكرية وقوات اسرائيلية خاصة تقدمت باتجاه بلدتي بيت حانون وبيت لاهيا وشرق مخيم جباليا منطلقة من جبل الكاشف وجبل الريس وشرق حي الزيتون والتفاح جنوب شرق مدينة غزة، حيث تصدى لها مقاتلو الفصائل الفلسطينية بالعبوات الناسفة وقذائف «الياسين» والهاون والاسلحة الرشاشة.
من جانبها، أعلنت كتائب القسام الجناح العسكري لحركة حماس أنها فجرت عبوة ناسفة في ناقلة جند اسرائيلية شمال شرق قطاع غزة مما ادى الى تدميرها، وانها قصفت قاعدة «حتسور» الجوية الإسرائيلية شرق مستوطنة كريات ملاخي جنوب إسرائيل.
وقالت القسام ـ في بيان صحافي لها ـ إن القصف تم بصاروخي غراد وذلك للمرة الأولى. وأعلنت القسام أنها قنصت جنديين إسرائيليين شمال غرب بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة. كما أعلنت سرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الاسلامي تفجير عبوة من نوع «زلزال 3» بناقلة جند قرب المدرسة الأميركية شمال القطاع.
آلاف المقاتلين
وفي مؤتمر صحافي لابوعبيدة المتحدث باسم كتائب القسام قالت الكتائب ان لديها «آلاف» المقاتلين المستعدين لخوض المعركة ضد اسرائيل في غزة، في ثاني كلمة متلفزة للحركة خلال يوم واحد. وصرح في كلمة بثها تلفزيون الأقصى التابع لحماس «لقد اعددنا لكم الآلاف من المقاتلين الأشداء ينتظرون في كل شارع وزقاق لحظة اللقاء بكم وسيقابلونكم بالنار والحديد». واتهم القيادي الحمساوي اسرائيل بالتعتيم على مواقع سقوط صواريخ المقاومة في أراضيها تحاشيا للاعلان عن الضحايا وبالتالي الضغط الشعبي الذي ينجم عن ذلك.
وتوعد ابوعبيدة بأن تطال صواريخ وقذائف المقاومة من الاسرائيليين اضعاف عدد سكان غزة اذا استمرت الاعتداءات البربرية على القطاع البالغ عدد سكانه 1.5 مليون نسمة. على الجانب الآخر، أكد سلاح الجو الاسرائيلي انه استهدف 130 موقعا في قطاع غزة الليلة قبل الماضية وحتى صباح امس، على ما افادت به ناطقة باسم الجيش في تل ابيب.
واوضحت الناطقة امس «قواتنا الجوية هاجمت 130 هدفا في قطاع غزة الليل الماضي». واضافت «استهدف الطيران خصوصا مسجدا في جباليا تخزن فيه اسلحة، فضلا عن منازل تشكل مخابئ للاسلحة وآليات تنقل قاذفات صواريخ ورجالا مسلحين». في حين ان صحيفة هآرتس نقلت اعترافات الجيش الاسرائيلي امس بارتفاع عدد جرحاه في قطاع غزة منذ الاجتياح البري مساء السبت إلى 55 جريحا بينهم اربعة في حالة خطيرة. وذكرت صحيفة «هآرتس» الاسرائيلية على موقعها الالكتروني أن اليوم الثاني من الاجتياح كان الاكثر دموية بالنسبة للجيش الاسرائيلي حيث شهد بمفرده جرح أكثر من أربعين جنديا فضلا عن مقتل جندي آخر.
من جانبه، أعلن وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك امس في اليوم الثالث من الهجوم البري على قطاع غزة ان مدينة غزة باتت محاصرة جزئيا. وقال باراك متحدثا امام لجنة الخارجية والدفاع في الكنيست (البرلمان) الذي اجتمع استثنائيا في جلسة غير مغلقة ان «مدينة غزة محاصرة جزئيا». وصرح باراك «تلقت حماس ضربة بالغة القوة منا حتى الآن ولكننا لم نحقق هدفنا بعد لذا فإن العملية مستمرة». وقال باراك «الهدف الاساسي تغيير الواقع الامني في الجنوب» في إشارة للبلدات الإسرائيلية التي تتعرض لهجمات صاروخية فلسطينية من غزة.
بالمقابل أكد القيادي البارز في حركة حماس في غزة محمود الزهار ان الحركة ستحقق «النصر» على إسرائيل.
وقال الزهار في كلمة بثها تلفزيون الاقصى التابع لحماس، في اول ظهور له منذ بدأت اسرائيل هجومها «النصر آت باذن الله».
وأشار الزهار الى استعداد الحركة للحديث «في كل ما فيه مصلحة شعبنا»، لكن بعد وقف العملية العسكرية ورفع الحصار.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )