اتهم محامون وزارة الداخلية التونسية بإخفاء أدلة قد تدينها في قضية اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد الذي قتل بالرصاص في 6 فبراير 2013، لكن الوزارة نفت هذه التهم معتبرة انها تتعرض
لـ «حملة تشكيك ممنهجة وغير بريئة». وقالت «لجنة الدفاع عن الشهيد شكري بلعيد» التي شكلها محامون ان وزارة الداخلية أخفت عن القضاء التونسي نتائج اختبار بالستي اجراه معهد الادلة الجنائية بهولندا على الرصاصات التي قتل بها بلعيد. وأفادت اللجنة في مؤتمر صحافي بان نتائج الاختبار التي تسلمتها وزارة الداخلية في 29 مايو 2013 من المعهد الهولندي أظهرت ان بلعيد قتل برصاص من مسدس من نوع «بيريتا عيار 9 ملم». وأوردت في تقرير بعنوان «طمس معالم جريمة اغتيال الشهيد شكري بلعيد من قبل وزارة الداخلية» وزعته على الصحافيين، ان هذا المسدس «سلاح خاص بوزارة الداخلية» التونسية.
وقالت ان «الادارة العامة للامن العمومي (بوزارة الداخلية) تستعمل ضمن الاسلحة الفردية لأعوانها (عناصرها) مسدس بيريتا عيار 9 ملم». واستندت اللجنة في ذلك الى محاضر استنطاق أجراها القضاء العسكري مع مسؤولين أمنيين تابعين لهذه الادارة، متهمين بقتل متظاهرين خلال الثورة التونسية التي اطاحت مطلع 2011 بالرئيس المخلوع زين العابدين بن علي.
واتهمت اللجنة وحيد التوجاني المدير العام السابق للامن العمومي بوزارة الداخلية، والمحسوب على حركة النهضة الاسلامية الحاكمة، بتعمد إخفاء نتائج الاختبار البالستي عن القضاء التونسي. وتتهم عائلة شكري بلعيد حركة النهضة باغتياله بسبب معارضته الشديدة لحكمها فيما تنفي الحركة هذه الاتهامات.
واغتيل بلعيد عندما كان علي العريض القيادي في حركة النهضة ورئيس الحكومة الحالي، وزيرا للداخلية.
وتقول احزاب معارضة وحقوقيون ان حركة النهضة اخترقت وزارة الداخلية عبر تعيين موالين لها في مناصب حساسة بالوزارة.
وأضافت اللجنة ان وحيد التوجاني هو الذي «اختار» عناصر وفد من الضباط أرسلته وزارة الداخلية في الفترة ما بين 26 و29 مايو 2013 إلى هولندا للحصول على نتائج الاختبارات البالستية من معهد الادلة الجنائية الهولندي. وقالت ان احد الضباط ويدعى بلقاسم بالسعودي تسلم يوم 29 مايو 2013 تقريرا بنتائج الاختبار من المعهد الهولندي بعدما «أمضى على وصل في تسلم التقرير وتعهد بايصاله الى المدعي العام للشؤون الجزائية بوزارة العدل وإلى حاكم التحقيق المتعهد بقضية اغتيال شكري بلعيد». وتابعت اللجنة ان الضابط «بعودته الى تونس، اخفى هذا الاختبار وسلمه الى رئيسه المباشر الذي اخفاه بدوره» عن القضاء.
وبلقاسم بالسعودي مكلف باختبار الاسلحة والذخيرة في الادارة الفرعية للمخابر الجنائية والعلمية بوزارة الداخلية التونسية.
وقالت اللجنة ان وزارة الداخلية رقت بلقاسم بالسعودي إلى رتبة رئيس فرقة الشرطة الفنية والعلمية بمنطقة المنزه (شمال العاصمة تونس) «بعد قيامه بعملية إخفاء تقرير الاختبار ومقابل صمته عن تلك الجريمة». ولفتت اللجنة الى ان وزارة الخارجية الهولندية ابلغت نظيرتها التونسية في مذكرة شفوية بتاريخ 25 سبتمبر 2013 أن بلقاسم بالسعودي تسلم في 29 مايو 2013 النسخة الاصلية من تقرير يتضمن نتائج الاختبار البالستي.
وذكرت ان بلقاسم السعودي أقر عند مثوله يوم 28 اكتوبر 2013 أمام القضاء بأنه «تسلم فعلا خمس نسخ اصلية من تقرير الاختبار بتاريخ 29 مايو 2013 من المخبر الهولندي وأمضى على وصل في ذلك». . ورفضت وزارة الداخلية الاتهامات الموجهة اليها وقالت في بيان نشرته على صفحتها الرسمية على فيسبوك ان «حملة التشكيك في المؤسسة الأمنية أصبحت ممنهجة وغير بريئة». وأضافت الوزارة ان «وحدات الشرطة والحرس الوطنيين (في تونس) لا تمتلك نوع السلاح المذكور بالتقرير الهولندي».