تنتهي مع نهاية أبريل الجاري مهلة الشهور التسعة المخصصة للمفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية، ولكن بدلا من أن تتعزز احتمالات التوصل إلى اتفاق أقله «اتفاق إطار»، تتسع الهوة بين الضفتين وتتبدد احتمالات التسوية ويلجأ الطرفان إلى استخدام متبادل لسلاح الضغط والتهديد.
وكانت المفاجأة هنا أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس هو الذي بادر إلى لعب أوراقه الضاغطة مربكا إسرائيل والإدارة الأميركية، وبعد انضمام فلسطين إلى مواثيق ومنظمات دولية لوح بورقة حل السلطة الفلسطينية، والأهم من كل ذلك أنه بادر إلى اتفاق مصالحة وشراكة مع حماس بعد سنوات من الانقسام والانفصال على المستويين الجغرافي والسياسي.
وضعت حركتا «فتح» و«حماس»، من حيث المبدأ، حدا لسبع سنوات من الخلافات بالاتفاق في قطاع غزة على تشكيل حكومة كفاءات وطنية، خلال خمسة أسابيع تكون مهمتها التحضير لإجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية خلال ستة أشهر على الأقل، وتعالج كل القضايا الخلافية الأخرى المتعلقة بملفات الحريات العامة والأمن والتوظيف والاعتقال السياسي والإعلام.
وعموما، جاءت خلاصة بيان المصالحة في مقدمته بالقول «قررنا الالتزام بكل ما تم الاتفاق عليه في القاهرة والدوحة واعتبارها المرجعية عند التنفيذ»، وتضمنت آليات التطبيق بدء الرئيس عباس مشاورات تشكيل حكومة التوافق الوطني وإعلانها خلال خمسة أسابيع، وإلى الاتفاق على تزامن الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني بحيث يحدد الرئيس عباس موعدها بالتشاور على أن تتم الانتخابات ليس قبل مرور ستة أشهر من تشكيل الحكومة، وتم الاتفاق على تفعيل وتطوير منظمة التحرير الفلسطينية في غضون خمسة أسابيع واستئناف عمل لجنة المصالحة المجتمعية، ولجنة الحريات فضلا عن تفعيل المجلس التشريعي، وفق ضوابط واشتراطات متفق عليها.
وبرغم ترحيب كل القوى الفلسطينية بهذا الاتفاق، فان الجميع لايزال حذرا في التعامل معه خشية تكرار مشاعر الخيبة السابقة، ولكن إسرائيل لم تنتظر نتائج محادثات المصالحة بين فتح وحماس لترسل تهديدها للسلطة الفلسطينية بأن تختار بين السلام مع إسرائيل أو المصالحة مع حماس، التي تعني «نهاية المفاوضات بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية».
أما الإدارة الأميركية فإنها لم تتأخر في إبداء تذمرها من اتفاق المصالحة، حيث قالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية جين بيساكي إن على أي حكومة فلسطينية مقبلة أن تلتزم «من دون لبس» بمبادئ «اللاعنف ووجود دولة إسرائيل».
وأضافت ان «غياب الالتزام الواضح بهذه المبادئ يمكن أن يعقد جديا جهودنا لمواصلة المفاوضات»، وتابعت «من الصعب التفكير كيف ستتمكن إسرائيل من التفاوض مع حكومة لا تؤمن بحقها في الوجود»، مشيرة الى أن الولايات المتحدة تشعر في آن واحد بـ «خيبة أمل» وبـ «القلق» إزاء هذا الإعلان.
وقبل اتفاق المصالحة كانت كثرت الأحاديث على ألسنة قيادات فلسطينية عن احتمال اللجوء إلى خيار حل السلطة الفلسطينية في ظل الجمود في المفاوضات.
وبرغم أن أحدا لا يجزم حتى الآن بمدى جدية التهديد بحل السلطة فان النقاش الدائر في الأوساط الفلسطينية بهذا الشأن صار أكثر جدية، فهناك مدرسة تعتقد أن هذه الخطوة تشكل ورقة ضاغطة أساسية، خصوصا إذا أخذنا بالحسبان حقيقة اعتراف العالم بفلسطين كدولة «غير عضو» في الأمم المتحدة.
وكانت لافتة مسارعة الإدارة الأميركية إلى التحذير من مغبة اللجوء إلى هذا الخيار والتهديد بـ «العواقب الجسيمة» لذلك على العلاقات مع السلطة وعلى المساعدات الأميركية لها، بما فيها المساعدات الأمنية بعد جهود أميركية ودولية كبيرة بذلت في بناء مؤسسات السلطة الفلسطينية.
أما الإسرائيليون فمنهم من يرى أن هذا تهديد فارغ ويجب دفع الفلسطينيين نحوه لإثبات أن مسدسهم بلا ذخيرة وآخرون يجزمون بأن هذه كارثة سياسية وأمنية يصعب على إسرائيل احتمال عواقبها.