جاء اتفاق المصالحة بين حركتي فتح وحماس الذي وقع في غزة في 23 أبريل الماضي، والذي أعطاه لقاء محمود عباس - خالد مشعل في الدوحة قوة دفع إضافية، نتاج مأزق الطرفين الحرج والتطورات والضغوطات المتلاحقة التي دفعتهما إلى تغيير خريطة مصالحهما:
٭ وصلت «فتح» إلى طاولة المصالحة مثقلة بمأزق سياسي، والأفق المسدود لعملية التسوية السلمية، فالرئيس عباس واقع عمليا تحت مطرقة الضغوط الإسرائيلية والسندان الأميركي للقبول بما هو مطروح عليه، وفي ظل وضع فلسطيني منقسم على ذاته، وفي أجواء داخلية باتت أشد تذمرا وتململا من واقع ما يجري بالنسبة إلى عملية التسوية السياسية، وخلافات داخلية، وخذلان من الإدارة الأميركية التي لم تف بوعد وقف الاستيطان خلال ولايتها الرئاسية الأولى، فيما أمضت الأشهر الأولى من ولايتها الثانية في جولات كيري المكوكية التي استهدفت، إدامة أمد التفاوض لأجل التفاوض فقط، تزامنا مع تذمر شعبي وفصائلي من مسار تفاوضي عبثي ممتد منذ العام 1991 من دون تحقيق نتائج ملموسة على صعيد الحقوق الوطنية.
٭ «حماس» لم تكن أفضل حالا، وإنما جاءت هي الأخرى للاتفاق منهكة بعد أشواط قطعتها من مسار الابتعاد عن حلفها الاستراتيجي القديم، سورية وإيران وحزب الله، من دون أن تحصد ثمار مد جسور ما انقطع معه، مقابل تغيرات داخلية أصابت حلفها المصري ـ القطري ـ التركي، لم تصب في مصلحتها .
وهناك عقبات وألغام كثيرة تكمن في كل زاوية من زوايا الطريق نحو إتمام المصالحة وإنهاء الانقسام الذي تجذر عبر منظومة واسعة من المصالح السياسية والأمنية والاقتصادية والمتناقضة، قد يجعل الاتفاق حبرا على ورق، أهمها:
٭ اكتفى الاتفاق بإيراد جدول زمني لتشكيل الحكومة وإجراء الانتخابات، مؤجلا بحث الملفات الأخرى الشائكة إلى فترة لاحقة، مثل الأجهزة الأمنية، والبرنامج السياسي، وإعادة بناء منظمة التحرير، والحريات العامة، والسلم المجتمعي، والتي شكلت في أوقات سابقة محور خلاف الطرفين حيال طريقة وآلية حسمها، بسبب رؤيتين متوازيتين لم تلتقيا في قواسم مشتركة حتى الآن.
تضع «حماس» مجموعة من الخطوط الحمر في غزة أمام أي حكومة شراكة وطنية قبل الانتخابات وبعدها، مثل: عدم المس بالتشكيلات العسكرية في القطاع والتي تطلق عليها اسم المقاومة، وعدم فصل أي من موظفي الحكومة في غزة، وعدم إجراء تغييرات دراماتيكية في تركيبة الجهازين الإداري والأمني للسلطة في القطاع.