عواصم ـ عمر حبنجر- هدى العبود
الزيارة التاريخية الموعودة لرئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري الى دمشق تمت امس، وفي معلومات لـ «الأنباء» ان مداخلات سعودية وتركية لعبت دورا في ازالة آخر العقبات من طريق الزيارة التي طوت صفحة الماضي، والتي تمثلت بالمذكرات القضائية السورية، المشار اليها مجازا تحت اسم «استنابات» ضد شخصيات لبنان، والتي اعتبرتها دمشق بلا خلفية سياسية، واعتبرت انها بحت قضائية.
واستقبل الرئيس السوري بشار الاسد رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري في قصر تشرين «بحرارة» وتبادلا القبلات، ثم بدءا جلسة مباحثات ثنائية بعد التقاط الصور التذكارية.
وكان الحريري قد وصل الى مطار دمشق الدولي بعد ظهر امس على متن طائرته الخاصة حيث كان في استقباله وزير شؤون رئاسة الجمهورية السوري منصور عزام والسفير اللبناني في سورية ميشال الخوري.
وذكرت وكالة الانباء السورية الرسمية (سانا) امس ان زيارة الحريري لسورية تستغرق يومين.
وأعلن مكتب الحريري امس انه سيبحث مع الأسد تطوير العلاقات بين البلدين كما سيقدم التعازي للأسد بوفاة شقيقه مجد.
ولم يضم الوفد المرافق للحريري ايا من الاشخاص الذين وردت اسماؤهم في الاستنابات القضائية التي نصت على دعوة شخصيات للاستماع اليها في قضية مرفوعة امام القضاء السوري تتصل باغتيال الحريري.
وتأتي هذه الاستدعاءات في اطار شكوى تقدم بها المدير العام السابق للامن العام اللبناني اللواء الركن جميل السيد ضد «خمسة شهود زور» سوريين و«شركائهم اللبنانيين»، محملا اياهم مسؤولية اعتقاله لمدة تناهز اربع سنوات في قضية اغتيال الحريري.
من جهته يقول التيار الوطني الحر بزعامة العماد ميشال عون ان هذه الزيارة «لطي صفحة من تاريخ لبنان الحديث، يكون في ضوئها لبنان» متصالحا مع نفسه ومع محيطه، كما تقول اذاعة «صوت المدى» الناطقة بلسان التيار.
واكثر من ذلك فان عضو كتلة الاصلاح والتغيير النائب عباس هاشم، يرى ان زيارة الحريري الى دمشق حصلت سياسيا، بكلام الرئيس الحريري وبكلام المحيطين به، ويبقى اللقاء الشخصي الذي حصل لاحقا.
زيارة جنبلاط
اما عن زيارة وليد جنبلاط الى دمشق فقد رأى النائب هاشم ان جنبلاط كان ترأس حملة التحريض على اسقاط النظام السوري علنا في المحافل الدولية والمحلية والاقليمية، ومع ذلك فان الوضع سيختلف بعد زيارة الحريري الى دمشق.
هاشم تناول الاخبار الزاعمة ان ثمة «توترا» بين الرئيس ميشال سليمان ورئيس القوات اللبنانية سمير جعجع، مؤكدا ان هناك تصريحات صدرت عن جعجع بهذا الخصوص، عبر اتهامه الرئيس بالانحياز الى قوى 8 آذار، واضاف: مسيو جعجع لم يخف هذا الامر، ودعا الى معايير جديدة مختلفة لطاولة الحوار، التي لا تعد اساسية بعدما اعتمد القرار السياسي للحكومة وهو بيانها الوزاري، اعتمد المقاومة، وقد اكد الرئيس سليمان هذا الامر امام الرئيس الاميركي باراك اوباما.
وكان جعجع حمل على العماد ميشال عون، في لقاء مع طلاب جامعيين حيث قال ان تربية الجنرال تقوم على محبة السلطة والايمان بأن حزب الله وسورية يشكلان رافعات تاريخية للوصول الى هذه السلطة. واضاف جعجع: ولا يوم من الايام طلبنا من الجنرال عون ان يعطينا شهادة بالتربية المسيحية او الوطنية، وتساءل بقوله: اي ايمان او محبة او رجاء يقوم على محبة السلطة؟ او يقوم على الايمان بأن حزب الله وسورية يشكلان رافعات تاريخية للوصول الى هذه السلطة، او يقوم على الرجاء بأن يقوم حزب الله وسورية بانهاء كل مسيحي حر من درب الجنرال. وردا على هذا تحدثت اذاعة «صوت المدى» الناطقة بلسان التيار الوطني الحر، على جعجع دون ان تسميه بالقول: ان اصواتا يضيرها التوافق تحاول ان تسيء إليه بنشوزها وبمخالفتها للجو السائد مع علمها الاكيد بأنها اصوات هراء، لا اصوات صارخة في البرية، كما توهم نفسها.
استبعاد القرار 1559 من النقاش
عن القرار 1559 الصادر في 2004 مطالبا بنزع سلاح الميليشيات اللبنانية، وغير اللبنانية وبوقف التدخل الخارجي في لبنان واجراء انتخابات رئاسية حرة، استبعدت مصادر رسمية امكانية الغاء هذا القرار الدولي. اما سلاح المقاومة فاعتبر ان الموضوع غير مطروح للنقاش من زاوية القرار الدولي، كما قال الرئيس سليمان للرئيس الاميركي اوباما، في حين يتبقى منه موضوع السلاح الفلسطيني خارج المخيمات والذي هو بدوره موضع حوار لبناني، وفيه خطوات اتفق عليها ويجب الشروع بتنفيذها.
قاسم: المقاومة في موقع الدفاع
من جهته الشيخ نعيم قاسم قال: ان المقاومة حق لانها تعمل لتحرير الارض وتريد الاستقلال والحرية، واضاف في حديث عاشورائي امس، ان الله خلقنا احرارا لا لنكون عبيدا لا لاسرائيل ولا لأميركا، والمقاومة كانت دائما في الموقع الدفاعي، واسرائيل هي المعتدية دائما. واشار الى انه لو لم يكن لبنان قويا بالمقاومة والشعب والجيش لداسته اسرائيل في كل يوم وحولته الى مستعمرة اسرائيلية.
تحرك فرنسي في بيروت
والى ذلك برز امس دعم فرنسي للبنان من خلال جولة مسؤولين فرنسيين على المسؤولين في بيروت، وافتتاح محل ازياء لكريستيان ديور في وسط بيروت، رأى فيه الرئيس سعد الحريري الذي حضر حفل الافتتاح «دليلا على استعادة لبنان عافيته» وقد جالت وزيرة الاقتصاد والصناعة والعمل الفرنسية كريستينا لاغارد على المسؤولين اللبنانيين واستهلت لقاءاتها بالرئيس ميشال سليمان في قصر بعبدا في حضور السفير الفرنسي وتم البحث في سبل التعاون بالمجالين الاقتصادي والاستثماري.
الوزيرة الفرنسية أملت توسيع دائرة الاستثمارات الفرنسية في لبنان، خصوصا في مجالات الطاقة والاتصالات والنقل، واشارت الى ان لبنان سيكون مركزا اقليميا رئيسيا للكثير من المؤسسات الاستثمارية فيه وفي الشرق الاوسط.من جهته الرئيس ميشال سليمان تحدث عن الاوضاع الداخلية المستقرة على كل المستويات، والتي تشكل فرصة جيدة للاستثمار في لبنان، متمنيا استمرار التعاون القائم مع فرنسا تحت عنوان العلاقات التاريخية والجيدة بين لبنان وفرنسا.
الوزيرة لاغارد زارت ايضا رئيس الوزراء سعد الحريري الذي اقام على شرفها مأدبة غداء في السراي الحكومي، ثم رعى توقيع ملحق لاتفاق باريس 3 يقضي بتقديم الجانب الفرنسي قرضا بقيمة 125 مليون يورو الى القطاع الخاص في لبنان لتمويل مشاريع من خلال المصارف، مؤكدا ان صمود الاقتصاد لم يعد يحتاج الى الاثبات مشددا على ان اولويات الحكومة تأمين مناخ افضل للاستثمارات.
واعلنت الوزيرة الفرنسية التمديد لمدة سنة قرضا بقيمة 125 مليون يورو من اجل اتاحة الفرصة للحكومة لتحقيق الشروط المطلوبة للحصول على هذا المبلغ وهي تحرير قطاع الاتصالات الخلوية وتنفيذ الاصلاحات في قطاع الكهرباء، كما اكدت دعم فرنسا انضمام لبنان الى منظمة التجارة العالمية، وفي الحصول على مساعدات اوروبية في اطار الشراكة الاورومتوسطية. وفي هذا الوقت كان رئيس الغالبية في الجمعية الوطنية الفرنسية جان فرانسوا كوبيه على رأس عدد من المسؤولين اللبنانيين وزار رئيس الحكومة سعد الحريري الذي اقام مأدبة عشاء على شرفه، كما التقى كوبيه الرئيس فؤاد السنيورة، معتبرا ان هذه الزيارات هي لتأكيد الصداقة الفرنسية للبنان الذي يشهد بعد مصاعب سياسية كثيرة انطلاقة جديدة، مشددا على ان وضع المنطقة يقلق فرنسا كثيرا. في غضون ذلك واصل مساعد الموفد الاميركي الخاص جورج ميتشل، فردريك هوف جولته على المسؤولين اللبنانيين تحضيرا لجولة ميتشل واجتمع امس مع رئيس الحكومة سعد الحريري.