تكثفت الضغوط الخارجية والداخلية على قادة المجلس العسكري الانتقالي في السودان للإسراع بتسليم السلطة إلى حكومة مدنية، فيما قامت قيادة المجلس بإعادة هيكلة القوات العسكرية والأمنية.
فقد توافد آلاف المتظاهرين للانضمام إلى الاعتصام أمام مقر القيادة العامة للجيش بالخرطوم، تلبية لدعوات المعارضة التي حذرت من توجهات لاستخدام القوة من اجل فض الاعتصام المتواصل منذ أكثر من 10 أيام. وشكل المعتصمون حواجز بشرية أمام مداخل مقر الاعتصام، وأضافوا عدد المتاريس منعا لأي تحركات من القوات النظامية التي تحاول التغلغل في صفوف المعتصمين، بعد أن دعا تجمع المهنيين السودانيين الذي يقود الاحتجاجات للتصدي لمحاولات فض الاعتصام بالقوة.
كما تكثفت عمليات الرقابة والتفتيش في الحواجز التي اقامها المتظاهرون، لتشمل جميع من ينوي الدخول إلى مقر الاعتصام.
جاء ذلك بعدما حاولت قوات الدعم السريع التابع للجيش، في وقت سابق من امس فض الاعتصام، حسب المعتصمين.
وقال شهود إن الجيش رفع لافتة على أحد جدران مقره تواجه المحتجين، كتب عليها «أخي المواطن، اختي المواطنة، لا تقترب أكثر لقد كنتم ضيوفنا وتحت حمايتنا لكن قانون الطوارئ يحكم الجميع».
وقال تجمع المهنيين إن قوات نظامية حاولت فض الاعتصام، وذلك بحشد قواتها في الجانب الشرقي والغربي من ساحة الاعتصام. وأضاف، في بيان إن تلك القوات روجت في مكبرات الصوت، خبر فض الاعتصام، والوصول لاتفاق لثني الثوار من الوصول لداخل مقر الاعتصام، وإغلاق بعض الطرق التي تؤدي لمكان الاعتصام في وجه الثوار.
وأكد التجمع أن فض الاعتصام هو قرار يرجع للثوار في الأرض ومرهون بتحقيق كل أهداف الثورة. وصعد التجمع سقف مطالبه، ودعا إلى حل مؤسسات النظام السابق وتشكيل مجلس سيادي مدني بمشاركة عسكرية محدودة. وخلال مؤتمر صحافي نقله التلفزيون، دعا التجمع إلى إقالة رئيس القضاء ونوابه وإقالة النائب العام وحث المجلس العسكري على الاستجابة لمطالب الشارع، مجددا التأكيد على استمرار الاعتصامات إلى حين تحقيق مطالب الشعب.
على صعيد الضغوط الدولية، أمهل مجلس السلم والأمن الأفريقي المجلس الانتقالي، 15 يوما لتسليم السلطة لقيادة مدنية ليست لها علاقة بالجيش.
وأكد رئيس الدورة الحالية للمجلس سفير نيجيريا لدى إثيوبيا والاتحاد الأفريقي، بانكولي أديوه، خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماع مجلس الامن والسلم في اديس ابابا امس، على رفض استيلاء المجلس العسكري الانتقالي على السلطة في السودان.
وشدد أديوه على ضرورة مراعاة احترام رغبة الشعب السوداني في تشكيل حكومة مدنية، وأضاف: نطالب بتسليم السلطة السياسية للإدارة المدنية بالتراضي خلال 15 يوما كحد أقصى، وإذا لم يتم ذلك فسيتم تعليق عضوية السودان تلقائيا في الاتحاد الأفريقي. وأعرب المجلس عن قلقه لسيطرة الجيش على السلطة وتأثير ذلك على الوضع الإقليمي والقاري، رافضا قراره قيادة المرحلة الانتقالية لمدة عامين.
في المقابل، دافع عضو المجلس العسكري الانتقالي جلال الدين الشيخ الطيب عن الخطوات التي اتخذها المجلس، ورفض تسميتها بالانقلاب.
وفي أول زيارة لممثلين عن المجلس الى الخارج، قال الطيب في تصريحات صحافية بعد لقائه وزيرة الدولة بالخارجية الإثيوبية هيروت زمني في اديس ابابا ان «انحياز القوات المسلحة للشعب لا يعد انقلابا عسكريا أو طمعا في سلطة، مؤكدا التزام المجلس بوعده نحو الشعب بتسليم السلطة للمدنيين».
وفي السياق، دعت بريطانيا المجلس الانتقالي إلى سرعة تشكيل حكومة مدنية انتقالية من خلال عملية شفافة وذات مصداقية وشاملة. وطالب السفير البريطاني في الخرطوم عرفان صديق، خلال لقائه امس مع نائب رئيس المجلس العسكري محمد حمدان حميدتي، بالإصلاح الفوري لجهاز الأمن والمخابرات الوطني.
وقال السفير البريطاني على حسابه بموقع «تويتر» إن هذا اللقاء لم يكن للتأييد أو منح الشرعية ولكن للتأكيد على الخطوات التي تريد المملكة المتحدة أن يتخذها لتحسين الوضع في السودان، مطالبا بعدم اللجوء للعنف او محاولة فض الاعتصام بالقوة.
واشار صديق إلى أنه طلب خلال اللقاء بضرورة الكشف عن مكان تواجد الرئيس المعزول عمر البشير وكبار الشخصيات في النظام السابق.
إلى ذلك، اعلن المجلس العسكري الانتقالي اعادة تشكيل رئاسة الأركان المشتركة. وقال المجلس في بيان انه تم تعيين الفريق أول ركن هاشم عبد المطلب رئيسا للأركان وتعيين الفريق أول ركن محمد عثمان نائبا له.
حزب الترابي يطالب بتقليص «الانتقالية» إلى عام
الخرطوم ـ الأناضول: طالب حزب المؤتمر الشعبي السوداني الذي أسسه حسن الترابي بحل جهاز الأمن والمخابرات، وتقصير مدة الفترة الانتقالية التي اعلن عنها المجلس العسكري على ألا تتجاوز عاما واحدا على أقصى تقدير.
جاء ذلك في مؤتمر صحافي عقده الأمين العام للحزب علي الحاج امس تعقيبا على تطورات الأحداث بالبلاد.
وقال الحاج «نختلف مع المجلس العسكري في مدة الفترة الانتقالية، ونطالب بأن تكون مدتها القصوى عاما واحدا، خصوصا أن دولا أوروبية تقول إن ما جرى في السودان انقلاب».
كما طالب الحاج بـ «تشكيل هيئة رقابية نظرا لامتلاك المجلس العسكري كل الصلاحيات»، معتبرا أن «استمرار الاعتصام يعد ضمانة أخرى مهمة».
وعلى الصعيد الأمني، قال أمين عام «المؤتمر الشعبي» ان «استقالة المدير السابق لجهاز الأمن والمخابرات صلاح قوش لا يكفي، ومن الضروري نقل مهام الجهاز للشرطة».
وعن عزل البشير، كشف الحاج أن «حزبه طالب البشير بالتنحي قبل أن تعزله القوات المسلحة والتصدي لمحاولات فض الاعتصام بالقوة».
وأشار إلى ضرورة تقديم طلب للانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية وميثاق روما، باعتبار أن الوجود في القضاء العالمي مسألة مهمة وضمان لعدم تكرار ما حدث من فظاعات وانتهاكات لحقوق الإنسان في عهد البشير.