في غياب طرفي النزاع تتطلع الولايات المتحدة إلى المناقشات «المهمة» التي ستجرى خلال ورشة العمل الاقتصادية التي ستعقد في العاصمة البحرينية المنامة اليوم، تحت عنوان (السلام من اجل الازدهار).
وقد توافد مسؤولون عرب وغربيون إلى المنامة أمس للمشاركة في المؤتمر الذي سيعقد اليوم وغدا برئاسة جاريد كوشنر، مستشار الرئيس الأميركي دونالد ترامب وصهره. ويشكل فرصة لعرض خطة السلام والتي قال المسؤولون الأميركيون إنها تتضمن شقا سياسيا سيعلن لاحقا. وتبدأ ورشة العمل مساء بعشاء في فندق فخم في البحرين.
وتقترح الخطة جذب استثمارات تتجاوز قيمتها الخمسين مليار دولار لصالح الفلسطينيين وإيجاد مليون فرصة عمل لهم ومضاعفة إجمالي ناتجهم المحلي، ويمتد تنفيذها على عشرة أعوام.
وسيشارك في المؤتمر وزير الخزانة الأميركي ستيفن منوشين والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستين لاغارد، ويقاطع الفلسطينيون المؤتمر، فيما لم توجه الدعوة إلى إسرائيل.
ويقول منوشين «نتطلع قدما لهذه المناقشات المهمة بشأن رؤية توفر للفلسطينيين فرصا جديدة ومثيرة تمكنهم من تحقيق إمكاناتهم إلى أقصى حد ممكن».
ويضيف أن ورشة العمل «تشرك قادة من مختلف أنحاء الشرق الأوسط لتعزيز النمو الاقتصادي والفرص للشعوب في هذه المنطقة المهمة».
من جهته، قال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير إن ورشة البحرين «لا تتعلق بشراء السلام».
وأضاف في حديث لصحيفة «لوموند» الفرنسية أن الأمر «لا يتعلق أبدا بإجبار الفلسطينيين على قبول اتفاق لا يعجبهم وربط الأمر بقبول شيء مقابل الحصول على شيء آخر».
إلا أن ورشة العمل تقام وسط غياب طرفي النزاع الأساسيين وذلك إثر المقاطعة الفلسطينية وعدم دعوة الجانب الإسرائيلي الرسمي لإبقاء ورشة العمل بعيدة عن السياسة واقتصار التمثيل الإسرائيلي على مشاركة رجال أعمال إسرائيليين.
ويتوقع الجانب الفلسطيني الفشل للحدث، ويعتبر أن الورشة ستحدث توترا اضافيا في المنطقة وربما تؤسس لنقطة اللاعودة لكثير من الأمور.
وجدد رئيس الوزراء محمد اشتية انتقاد الخطة الأميركية التي يطلق عليها «صفقة القرن»، لأنها لا تتطرق إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي.
وقال اشتية في مستهل اجتماع للحكومة الفلسطينية إن «محتوى الورشة الأميركية في العاصمة البحرينية المنامة هزيل، والتمثيل فيها ضعيف ومخرجاتها ستكون عقيمة».
وتابع «ما تحاول إسرائيل والولايات المتحدة القيام به ببساطة هو تطبيع العلاقات مع العرب على حساب الفلسطينيين. وهذا أمر لا نقبل به».
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قال إن الفلسطينيين «لن يكونوا عبيدا أو خداما» لجاريد كوشنر أو الفريق الأميركي.
وأضاف «مشروع المنامة هو من أجل قضايا اقتصادية، ونحن بحاجة الى الاقتصاد والمال والمساعدات، لكن قبل كل شيء هناك حل سياسي، وعندما نطبق حل الدولتين ودولة فلسطينية على حدود 67 بحسب قرارات الشرعية الدولية، عندها نقول للعالم ساعدونا».
وتؤكد إدارة ترامب أنه سيتم الكشف عن الجانب السياسي من الخطة لاحقا هذه السنة، ربما في نوفمبر بعد الانتخابات المرتقبة في إسرائيل وتشكيل الحكومة الجديدة.
وألمح مسؤولون أميركيون إلى أن الخطة المرتقبة لن تتطرق إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة، وهو ما كانت تعد به الديبلوماسية الأميركية على مدى عقود.
ويرى المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبوردينة في بيان صحافي ان «ورشة البحرين ستؤدي الى تطبيع مجاني قبل تنفيذ مبادرة السلام العربية القائمة على اساس الانسحاب الاسرائيلي من الاراضي العربية المحتلة كخطوة أولى».
وحذر أبوردينة من خطورة هذه الخطوات ووصفها بـ «الاستفزازية» قائلا انها «ستحدث توترا اضافيا في المنطقة.. وربما تؤسس لنقطة اللاعودة لكثير من الأمور».
من جهته، قال الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي لـ «كونا» ان «هناك محاولة أميركية - إسرائيلية لاستبدال الحق الفلسطيني بالحرية والاستقلال بوهم تطور اقتصادي كبديل لإقامة دولة حرة ومستقلة وإنهاء الاحتلال وهذا لا يمكن ان يقبله الفلسطينيون».
وعلى الصعيد السياسي، قال البرغوثي «نرى في هذه الورشة محاولة لفرض تطبيع بين إسرائيل والدول العربية على حساب القضية الفلسطينية ونستهجن أن تعقد هذه الورشة في غياب الفلسطينيين مع وجود مسؤولين سابقين في الإدارة المدنية الإسرائيلية في محاولة للإيحاء بأن هناك تعاطيا وتعاملا مع إدارة الاحتلال كبديل لوجود الفلسطينيين». وقد اتفقت جهات اقتصادية فلسطينية على اتخاذ قرار موحد بعدم المشاركة في ورشة العمل.
وقال مدير العلاقات العامة والإعلام بغرفة تجارة وصناعة محافظة غزة د.ماهر الطباع لـ«كونا»، ان ورشة العمل واحدة من مبادرات طرحت لإنعاش الاقتصاد الفلسطيني في السنوات الأخيرة لكنها لم تحقق اي نتائج مرجوة.
ورأى الطباع ان «دعوة الولايات المتحدة لعقد ورشة اقتصادية خاصة بدعم الفلسطينيين في البحرين تتناقض والسياسة الأميركية تجاه السلطة الوطنية الفلسطينية والمتمثلة في قطع المساعدات عن الحكومة والشعب وإغلاق العديد من المؤسسات الأميركية العاملة في فلسطين».
بدوره، قال رئيس جمعية رجال الأعمال الفلسطينيين أسامة عمرو في مؤتمر صحافي ان القطاع الخاص الفلسطيني يرفض ان يكون هناك أي التفاف على مسألة الحقوق السياسية للشعب الفلسطيني.
وأضاف ان «أي شخص سيتعامل مع هذا المؤتمر المرفوض من قبلنا بالنسبة لنا هو خارج عن الصف الوطني».
من جهته، أعرب المكتب الحركي المركزي للاقتصاديين الفلسطينيين للمحافظات الجنوبية (قطاع غزة) في بيان صحافي عن استنكاره لعقد مؤتمر المنامة ووصفه بأنه «جزء من صفقة القرن».
وفي المقابل، ذكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس الأول أنه سيدرس الخطة بـ«إنصاف وانفتاح».
وكرر موقف إسرائيل بضرورة احتفاظها بوجود في غور الأردن الاستراتيجي الذي يقع في أقصى الجزء الشرقي من الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل ويحد الأردن.
وقال نتنياهو في التصريحات التي أدلى بها خلال جولة مع مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون في غور الأردن «سنستمع للمقترح الأميركي.. سنستمع إليه بإنصاف وانفتاح. ولا أستطيع أن أفهم كيف يرفض الفلسطينيون الخطة دون حتى أن يستمعوا إليها».
وأضاف «موقفنا في ظل أي اتفاق سلام سيكون ضرورة استمرار وجود إسرائيل هنا (في غور الأردن)، من أجل أمن إسرائيل وأمن الجميع».