تتوالى الحوادث الاستفزازية في الخليج العربي وكأن هناك من يستجدي الحرب، التي أعلن طرفا المواجهة، إيران والولايات المتحدة، مرارا أنهما لا يريدانها، إلا أن مخاوف المواجهة تتصاعد بشكل يومي لاسيما بعد اعتراف الحرس الثوري الايراني احتجاز ناقلة نفط ترفع علم بريطانيا في آخر حلقات «حرب الناقلات» التي اندلعت منذ أسابيع.
وأعلنت وزارة الخارجية البريطانية استدعاء القائم بالأعمال الإيراني في لندن احتجاجا على الاستيلاء على الناقلة «ستينا إمبيرو»، فيما حذر وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت من أن ذلك يكشف «مؤشرات مقلقة» إلى أن «إيران قد تكون اختارت طريقا خطيرا لسلوك غير قانوني ويسبب زعزعة في الاستقرار»، مهددا بأن «ردنا سيكون مدروسا لكنه حازم».
وقال إنه تحدث مع نظيره الإيراني محمد جواد ظريف للتعبير عن «خيبة أمله البالغة» بشأن احتجاز الناقلة. وقال وزير الدولة البريطاني جيمس بروكنشير إن احتجاز الناقلة في مضيق هرمز أمر «غير مقبول على الإطلاق»، مؤكدا أن لندن لا تزال تحاول القيام باتصالات ديبلوماسية مع طهران حول المسألة.
هذا، وأكد ديفيد ريتشاردز رئيس أركان الجيش البريطاني بين 2010 و2013، أن خيارات بريطانيا «محدودة جدا» في ما يتعلق بالخطوات العسكرية التي يمكن اتخاذها دون دعم الحلفاء مثل الولايات المتحدة، في حال أخفقت العقوبات الاقتصادية في حل المشكلة.
ورأى توم توغندات، الذي يرأس لجنة تدقيق في الشؤون الخارجية مشتركة بين الأحزاب في البرلمان، أن الخيار العسكري حاليا سيكون «غير حكيم على الإطلاق».
وكان الحرس الثوري الإيراني اعترف بأنه احتجز الناقلة «ستينا إمبيرو» متهما إياها بخرق «القواعد البحرية الدولية».
وأعلن المدير العام للموانئ والملاحة البحرية في محافظة هرمزكان الله مراد عفيفي بور، إن الناقلة اصطدمت بقارب صيد إيراني وتجاهلت نداء الاستغاثة الذي أطلقه. وكشف أن خبراء سوف يحققون في «الحادثة».
وقال عفيفي بور إن «عدد أفراد طاقم هذه الناقلة» التي يملكها طرف سويدي «هو 23 شخصا»، وفق ما نقلت عنه وكالة أنباء فارس.
و18 من أفراد طاقم الناقلة بينهم القبطان هنود، بالإضافة إلى ثلاثة روس ولاتفي وفلبيني.
وأكد عفيفي أن الصيادين أطلقوا نداء استغاثة بعد الاصطدام واتصلوا بسلطات المرفأ «عندما لم يتلقوا أي رد» من الناقلة.
وعندها تم اصطحاب الناقلة تحت إشراف الحرس الثوري إلى ميناء بندر عباس، الواقع على الساحل الجنوبي لإيران وقبالة المضيق.
ونقلت وكالة الطلبة الإيرانية للأنباء عنه أن الناقلة لا تحمل أي شحنة.
وتابع أن أحد أسباب احتجاز الناقلة «لمزيد من التحقيق هو مواصلة طريقها لبعض الوقت وأجهزة إرسالها مطفأة».
وأكدت الشركة المالكة أن الناقلة كانت تعبر مضيق هرمز وفي «المياه الدولية» حين «هاجمتها قوارب صغيرة غير محددة الهوية ومروحية».
وقالت إن الناقلة كانت «ملتزمة تماما بجميع قواعد الملاحة واللوائح الدولية»، وإن الطاقم لم يعد مسيطرا عليها ولا يمكن الاتصال له.
وجاءت هذه الحادثة بعد ساعات من إعلان محكمة في جبل طارق تمديد احتجاز ناقلة نفط إيرانية لثلاثين يوما بعد أسبوعين من ضبطها في عملية شاركت بها البحرية الملكية البريطانية، للاشتباه بأنها كانت متوجهة إلى سورية لتسليم حمولة من النفط في انتهاك لعقوبات أميركية وأوروبية.
من جهته، برر ظريف التحركات الإيرانية بأنها تدعم القوانين البحرية الدولية.
وذكر ظريف، في تغريدة عبر حسابه على «تويتر»، أنه «على العكس من القرصنة التي حدثت في جبل طارق، تحركاتنا في الخليج تدعم القوانين البحرية الدولية».
وفي الأثناء، حض الأوروبيون الباحثون عن مخرج من مأزق البرنامج النووي الإيراني المحتضر، طهران على الإفراج عن الناقلة.
ودعت فرنسا وألمانيا السلطات الإيرانية إلى الإفراج بلا تأخير عن الناقلة، فيما رأت برلين أن احتجازها يشكل «تصعيدا إضافيا لوضع متوتر أصلا».
وقالت نيودلهي ومانيلا وموسكو إنها تواصلت مع طهران في إطار مساعي الإفراج عن مواطنيهما من طاقم الناقلة.
وجاء الحادث الأخير فيما يؤكد الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومسؤولوه، أن الجيش الأميركي أسقط طائرة مسيرة إيرانية كانت تهدد سفينة تابعة للبحرية الأميركية في مضيق هرمز. رغم نفي طهران المتكرر لذلك.
وأكد ترامب أن الناقلة كانت تهدد سفينة «يو اس اس بوكسر» الهجومية للإنزال.
لكن الحرس الثوري نشر تسجيلا مصورا قال إنه يدحض الادعاءات الأميركية.
ويظهر الفيديو الذي يدوم لسبع دقائق ويبدو أنه صور من ارتفاع عال، مجموعة سفن قال الحرس الثوري إنه كان يتعقبها خلال مرورها في مضيق هرمز.
ونفى نائب وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي أن تكون إيران فقدت طائرة مسيرة مؤخرا، مرجحا في تغريدة أن تكون الولايات المتحدة قد دمرت واحدة من طائراتها المسيرة «بالخطأ».