استنادا الى تجربة حصلت قبل أشهر، يبدو التحفظ في تقييم نتائج الانتخابات الإسرائيلية مبررا.
ففي انتخابات أبريل الماضي احتفل الجنرال بني غانتس بالفوز بعد نشر نتائج أولية، ولكن أمله خاب لاحقا وسخر منه بنيامين نتنياهو معلنا أنه هو الذي حقق نصرا انتخابيا، ليتبين لاحقا أنه نصر غير مكتمل. فلم يستطع نتنياهو تشكيل حكومة وقاد إسرائيل الى الانتخابات ثانية.
ولكن استنادا الى الأرقام شبه النهائية بانتظار صدور النتائج الرسمية، يمكن رسم صورة تقريبية للنتائج السياسية وللمشهد وخارطة القوى، ولمستقبل نتنياهو في الدرجة الأولى. وبعد فرز 92% من الأصوات، جاءت النتائج على الشكل التالي:
- حصل حزب «أزرق ـ أبيض»، أي حزب الجنرالات بزعامة بيني غانتس على 32 مقعدا، - حصل «الليكود» برئاسة نتنياهو على 31 مقعدا. - «القائمة العربية المشتركة» في المرتبة الثالثة 13 مقعدا، - حزب «إسرائيل بيتنا» برئاسة أفيغدور ليبرمان ٩ مقاعد، ـ 9 مقاعد لكل من «شاس» و«يهدوت هتوراه» وحزب «يمينا»، - ٥ مقاعد لكل من حزب «العمل» و«ميرتس» اليساري.
ماذا تعني هذه الأرقام سياسيا وعمليا؟!
١- خرج نتنياهو من الانتخابات خاسرا لمجرد أنه لم يحقق فوزا واضحا يتيح له تشكيل الحكومة. من جهة لم يحقق المرتبة الأولى ولم يتصدر النتائج، ومن جهة ثانية لم يضمن مع اليمين المتطرف أكثرية الـ ٦١ صوتا التي تتيح له الحصول على تكليف لتشكيل الحكومة، وحتى لو جاءت النتائج النهائية تعلن تعادلا أو تقدما ضعيفا لنتنياهو، فإنه يواجه أزمة تشكيل الحكومة، وقد حُشر في زاوية الخيارات الصعبة.
٢- بيني غانتس هو الشخصية السياسية الصاعدة في إسرائيل، ولكن ليس بدرجة كافية تكرسه زعيما أو رئيسا للحكومة.
٣- أفيغدور ليبرمان هو الرابح الأكبر، بعدما بات في يده مفتاح تشكيل الحكومة، وهو الذي يعطي الأكثرية لـ «نتنياهو» أو لـ «غانتس»، أي إنه بات القوة السياسية المرجحة.
٤- «القائمة العربية» دخلت على الخط وفي معادلة الحكومة الجديدة كصوت مؤثر وداعم.
٥- مع ظهور تعادل (من دون ليبرمان) بين معسكرين كبيرين: معسكر اليمين ومعسكر الوسط واليسار، فإن الاحتمالات والخيارات تتصدرها «حكومة وحدة وطنية» بين نتنياهو وغانتس، مع وجود عقبات عدة تعترض سبيل قيام مثل هذه الحكومة. رئاستها لمن تكون (مع إمكانية تطبيق المداورة)، توزيع الحقائب، وأي برنامج سياسي.
٦- نتنياهو هو الخاسر الأول مع خيارات محدودة ومكلفة: - إما أن يوافق على حكومة وحدة مع غانتس والوسط. - وإما أن يدفع باتجاه «حكومة يمين»، مع الحاجة الى ليبرمان والانصياع لشروطه، مع العلم أن ليبرمان يفضل حكومة يمين برئاسة «الليكود» ولكن مع شخصية أخرى غير نتنياهو.
أما احتمال إعادة الانتخابات لمرة ثالثة نتيجة أزمة تشكيل الحكومة، فإنه احتمال مستبعد تماما. فالرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين أعلن أنه سيبذل كل ما بوسعه من أجل أن يتم تشكيل حكومة، والامتناع عن معركة انتخابية ثالثة في هذه السنة، موجها تحذيرا إلى نتنياهو الذي يتوقع أن يتصرف مرة أخرى بالطريقة ذاتها، ويحاول منع أي إمكانية لتشكيل حكومة من دونه.
الرئيس الإسرائيلي لن يعطي نتنياهو التكليف إلا إذا حصل على ٦١ توصية، فقد سبق له أن أعطى التكليف لنتنياهو، وعندما فشل هذا في تشكيل الحكومة، رفض إعادة كتاب التكليف، والتف على رئيس الدولة باللجوء إلى الكنيست، وسن قانونا خاصا فرض بموجبه على الجميع التوجه إلى انتخابات جديدة.