ضاعفت السلطات العراقية امس، تحت ضغط الشارع والقوى السياسية والدينية، تشكيل لجان للتحقيق في مقتل أكثر من 100 شخص غالبيتهم من المتظاهرين الذين سقطوا بالرصاص الحي.
جاء ذلك بعد ان صعد المرجع الشيعي الأعلى في البلاد السيد علي السيستاني لهجته ضد الحكومة خلال خطبة الجمعة التي قال فيها مباشرة إن «الحكومة وأجهزتها الأمنية مسؤولة عن الدماء الغزيرة التي أريقت في مظاهرات الأيام الماضية».
واعتبر أن الحكومة مسؤولة «عندما تقوم عناصر مسلحة خارجة عن القانون، تحت أنظار قوى الأمن، باستهداف المتظاهرين وقنصهم، وتعتدي على وسائل إعلام معينة بهدف إرعاب العاملين فيها»، محددا مهلة أسبوعين للسلطات كي تعلن نتائج تحقيقاتها.
واعترفت القيادة العسكرية العراقية بحصول «استخدام مفرط للقوة»، في مناسبتين فقط، خلال مواجهات مع محتجين في مدينة الصدر ذات الغالبية الشيعية بشرق بغداد، وبمقتل محتج على يد ضابط من شرطة مكافحة الشغب في بابل جنوب العاصمة. وأمرت السلطات بتشكيل لجنتي تحقيق جديدتين.
واللجنة الأولى برئاسة قيادة العمليات المشتركة ستحقق «بحالات الاستشهاد والإصابة في صفوف المتظاهرين ومنتسبي الأجهزة الأمنية والاعتداءات على المنشآت والبنى التحتية ووسائل الإعلام».
أما اللجنة الثانية، فتضم الوزارات المختصة والأجهزة الأمنية وممثلين عن القضاء والبرلمان ومفوضية حقوق الإنسان، للتحقيق مع العسكريين الذين ارتكبوا تجاوزات، وتقديمهم إلى العدالة.
وقالت رئاسة الوزراء إن اللجنة الأخيرة جاءت «استجابة لخطبة المرجعية الدينية العليا».
والغالبية الساحقة من هؤلاء القتلى كانوا من المحتجين الذين يطالبون بتوفير فرص عمل وخدمات عامة ومحاربة الفساد، وأصيبوا بالرصاص الحي الذي قالت السلطات إن «قناصين مجهولين» يقفون وراءه.
وبالنسبة للمدافعين عن حقوق الإنسان وللعراقيين الذين يتمكنون من التعبير عن آرائهم على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال تطبيقات للالتفاف على حجب الانترنت في البلاد أو من الخارج، فإن الشرطة هي المسؤولة، فإما أن القوات الأمنية أطلقت النار، بحسب هؤلاء، أو أنهم فشلوا في حماية المتظاهرين من نيران القناصة.
في غضون ذلك، شنت قوات الامن العراقية حملة اعتقالات واسعة في قضاء سامراء مع اقتراب موعد الزيارة الأربعينية في العراق.
وقالت قيادة عمليات سامراء في بيان لها امس إن «قواتها وقوات سرايا السلام التابعة للتيار الصدري الذي يسيطر على المنطقة اعتقلت 148 مواطنا بتهم مختلفة تتراوح بين الارهاب والقضايا الجنائية». وأضاف البيان أن «الجميع أحيلوا إلى القضاء للتحقيق معهم فيما اسند إليهم من تهم إرهابية وجنائية»، موضحا أن 37 منهم مطلوبون للقضاء على خلفية أعمال إرهابية، فيما احيل العدد الباقي 111 شخصا بموجب قضايا جنائية.
وتتخذ السلطات الأمنية العراقية سنويا إجراءات حازمة مع اقتراب موسم الزيارات الشيعية للمراقد المقدسة، وتلجأ في أحيان كثيرة الى الاعتقال الاحترازي ضد من يشتبه بقيامهم بأعمال جنائية أو إرهابية.