بين تهديد رئيس الوزراء بوريس جونسون بالخروج في الموعد المحدد نهاية الشهر الجاري، وبين عشرات آلاف البريطانيين الذين احتشدوا في لندن للدعوة الى إجراء استفتاء ثان على خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، عقد مجلس العموم البريطاني جلسة استثنائية عاصفة أمس، للتصويت على القرار الجديد الذي تم التوصل إليه مع بروكسل لتنظيم عملية الخروج.
وقبل أقل من 12 يوما على موعد الخروج المفترض في 31 الجاري، عادت الأزمة الى المربع الأول، حيث أرجأ مجلس العموم البريطاني التصويت وأقر أمس تعديلا يلزم رئيس الوزراء التفاوض مع بروكسل على إرجاء هذا الموعد. وبأغلبية 322 صوتا مقابل 306 وافق النواب على التعديل الذي قدمه النائب أوليفر ليتوين والذي يهدف إلى إتاحة مزيد من الوقت للنواب لمناقشة الاتفاق الذي أبرمه جونسون مع بروكسل الخميس الماضي، من دون المخاطرة بحصول بريكست «من دون اتفاق» في 31 الجاري. وسيكون لزاما على جونسون بموجب القانون أن يطلب من الاتحاد الأوروبي تأجيلا لمدة 3 أشهر للخروج من التكتل.
غير أن رئيس الوزراء سارع إلى إعلان رفضه الطلب من بروكسل إرجاء الموعد المحدد لبريكست. وقال إنه لن يتفاوض على تأجيل انسحاب البلاد من الاتحاد الأوروبي.
وأضاف للبرلمان بعد التصويت: «لن أتفاوض على التأجيل مع الاتحاد الأوروبي ولا يلزمني القانون بذلك».
وتابع قائلا: «سأقول لأصدقائنا وزملائنا في الاتحاد الأوروبي ما قلته للجميع بالضبط على مدى 88 يوما مضت منذ تسلمت رئاسة الوزراء وهو إن المزيد من التأجيل سيكون مضرا لهذه البلاد وسيئا للاتحاد الأوروبي وضارا بالديموقراطية».
في الوقت نفسه، رفض متحدث باسم جونسون الرد على أي تساؤلات بشأن الخطوات المقبلة للحكومة بشأن الخروج من الاتحاد الأوروبي بما في ذلك متى أو ما إذا كان جونسون سيرسل إلى بروكسل طلبا بتأجيل الخروج من التكتل.
في المقابل، طالبت المفوضية الأوروبية رئيس الوزراء البريطاني، بالإسراع في توضيح الخطوة المقبلة.
وقالت المتحدثة مينا اندريفا إن بروكسل «أخذت علما بالتصويت في مجلس العموم على تعديل يقضي بإرجاء التصويت على الاتفاق»، مضيفة «على الحكومة البريطانية ان تبلغنا بالخطوات المقبلة في أسرع وقت». ويبدو أن جهود جونسون الحثيثة فشلت في إقناع النواب بالتصويت على الاتفاق الجديد مع أوروبا، الذي قال انه سيسمح للمملكة المتحدة بأكملها بمغادرة الاتحاد.
وأضاف في خطاب ألقاه أمام الجلسة التاريخية التي سادها التوتر أن اتفاق اللحظة الأخيرة، لن يؤدي إلى خفض معايير البيئة ولن ينتقص من حقوق العمال. ووصفه بأنه «اتفاق عظيم» قائلا إن النص سيسمح بلم شمل البلاد من جديد بعد انقسامها الحاد بشأن بريكست منذ استفتاء 2016. وقال: «لنتبنى اتفاقا يمكنه أن يشفي هذا البلد». وحذر من أن أي تأجيل جديد سيكون «غير مجد ومكلفا ومدمرا».
وأشاد جونسون بـ «اتفاق جديد أفضل للمملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي معا». ويمثل «أعظم استعادة للسيادة الوطنية في تاريخ البرلمان».
وقد رفض النواب البريطانيون ثلاث مرات الاتفاق السابق الذي توصلت إليه رئيس الحكومة حينذاك تيريزا ماي مع الدول الـ 27 في الاتحاد.
ولفت في جلسة الأمس، تأييد ماي، القوي للاتفاق الذي توصل إليه خليفتها جونسون. وقالت، إن من يسعى إلى منع خروج البلاد بدون اتفاق، يجب أن يصوت لصالح الاتفاق.
في المقابل، قال زعيم حزب العمال المعارض، جيريمي كوربين، إن حزبه لن يدعم الاتفاق، مطالبا بأن تكون الكلمة الفصل في ذلك للناخبين.
وأضاف كوربين امس: «أتفهم تماما الإحباط والإجهاد الذي أصاب كل أنحاء البلاد وهذا البرلمان. ولكن، ببساطة، لا يمكننا التصويت لصالح اتفاق أسوأ من الاتفاق الذي رفضه هذا البرلمان 3 مرات من قبل»، وذلك في إشارة منه إلى اتفاق الانسحاب الذي كانت توصلت إليه رئيسة الوزراء البريطانية السابقة، تيريزا ماي، مع الاتحاد الأوروبي. ووصف كوربين تأكيدات جونسون بأن هذا الاتفاق لن يخفض من حقوق العمال أو معايير البيئة بأنها «وعود خاوية».
وفيما كانت النقاشات محتدمة في البرلمان، احتشد عشرات الآلاف من البريطانيين في شوارع لندن مطالبين باستفتاء جديد، وقالت الجماعة المنظمة للمسيرة المسماة «تصويت الشعب»، المدعومة من مشرعين مؤيدين للاتحاد الأوروبي ومن الأحزاب السياسية الرئيسية في بريطانيا، إنها سعت لتكون «واحدة من أكبر وأهم الاحتجاجات التي شهدتها بلادنا على الإطلاق».