أعلنت السلطة الفلسطينية أنها ستدعو الى فتح تحقيق دولي في شأن مدى قانونية موقف واشنطن التي لم تعد تعتبر المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية والقدس الشرقية المحتلتين غير شرعية، في وقت توالت ردود الأفعال الدولية والعربية المنددة بالقرار الأميركي الذي رحبت به إسرائيل.
وأعلن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات في مؤتمر صحافي عقده برام الله أمس أن السلطة الفلسطينية «بدأت بمجموعة من الخطوات ضد الموقف الأميركي الأخير بشأن الاستيطان ومنها التوجه إلى المؤسسات الدولية».
وأضاف: «سنتوجه إلى مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ومحكمة الجنايات الدولية ومجلس حقوق الإنسان ضد هذا القرار».
وتابع: «بدأنا مداولات في الأمم المتحدة لتقديم مشروع قرار في مجلس الأمن» المقرر أن يعقد اجتماعا في هذا الخصوص اليوم.
واستطرد عريقات بالقول: «نتوقع اعتراض الولايات المتحدة لكننا سنقدم على هذه الخطوة، دعوا الولايات المتحدة تستخدم حق النقض ضد القانون الدولي».
ومن الخطوات التي ستقوم بها السلطة الفلسطينية وفقا لعريقات هي الطلب من «المحكمة الجنائية الدولية فتح تحقيق قضائي رسمي مع المسؤولين الإسرائيليين فيما يتعلق بالمستوطنات».
وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو قد قال أمس الأول إنه «بعد دراسة جميع الحجج القانونية بعناية»، خلصت إدارة ترامب إلى أن «إنشاء مستوطنات لمدنيين إسرائيليين في الضفة الغربية لا يتعارض في حد ذاته مع القانون الدولي».
وأضاف بومبيو: «الحقيقة هي أنه لن يكون هناك أبدا حل قانوني للنزاع والجدل حول من هو محق ومن هو مخطئ في نظر القانون الدولي لن يجلب السلام».
وأشار إلى أن «اعتبار إقامة مستوطنات إسرائيلية أمرا يتعارض مع القانون الدولي لم ينجح ولم يحقق تقدما على مسار قضية السلام».
وأكد ان «الهدف ليس توجيه رسالة حول ما إذا يجب زيادة عدد المستوطنات أو تخفيضه، بل مجرد مراجعة قانونية».
وزعم بومبيو أن هذا القرار لا يستبق «الوضع النهائي» للضفة الغربية التي يرتبط مصيرها بمفاوضات مقبلة بين إسرائيل والفلسطينيين.
ويعتبر هذا الإعلان الأميركي ضربة جديدة للتوافق الدولي حول النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين. وجاء ليضاف إلى سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها إدارة الرئيس دونالد ترامب لصالح إسرائيل، ويتناقض هذا القرار الأحادي مع السياسة التقليدية الأميركية منذ عقود.
وقوبل قرار واشنطن بإدانات فلسطينية وعربية ودولية واسعة، حيث طلبت المندوبة الدائمة لدولة فلسطين لدى جامعة الدول العربية عقد اجتماع طارئ لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري، في أقرب وقت ممكن، لبحث تطورات الموقف الأميركي إزاء موضوع الاستيطان.
دوليا، نأى الاتحاد الأوروبي بنفسه بسرعة عن الموقف الأميركي الجديد، مذكرا بأن موقفه «واضح» و«لا يتغير»، ويقضي بأن «كل نشاط استيطاني غير قانوني بموجب القانون الدولي ويعرض للخطر إمكانية بقاء حل الدولتين وآفاق سلام دائم».
وقالت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني إن: «الاتحاد الأوروبي يدعو إسرائيل إلى وضع حد لأنشطتها الاستيطانية بما يتماشى مع التزاماتها بصفتها سلطة احتلال».
من جهتها، حذرت الخارجية الروسية من أن الموقف الأميركي الجديد «سيفاقم التوترات».
ونقلت وكالة «تاس» الروسية عن الوزارة القول في بيان: «نعتبر قرار واشنطن خطوة أخرى تهدف إلى تدمير الأساس القانوني الدولي للتسوية في الشرق الأوسط، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم التوترات في العلاقات الفلسطينية- الإسرائيلية».
بدورها، أكدت منظمة العفو الدولية أن الاستيطان في الضفة ينتهك القانون الدولي ويرقى لمستوى جرائم الحرب.
وقالت المنظمة في بيان على حسابها على «تويتر» أمس: «الحكومة الأميركية أعلنت لبقية العالم أنها تعتقد أنها وإسرائيل فوق القانون: وأن إسرائيل يمكنها أن تستمر في انتهاك القانون الدولي وحقوق الإنسان الخاصة بالفلسطينيين وأن واشنطن ستدعمها بقوة في ذلك».
من جانبه، رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان بالإعلان الأميركي ورأى أن هذا التفسير الجديد «يصحح خطأ تاريخيا».
وفي سياق متصل، أشاد مجلس المستوطنات «يشع» في بيان باللغة العبرية بقرار إدارة ترامب وقال: «نشيد بإدارة ترامب لكشفها عن حقيقة موقف المجتمعات الإسرائيلية في يهودا والسامرة ووادي الأردن».
وأضاف: «بعد الاعتراف الأميركي، يجب ان ننتقل إلى مرحلة تطبيق السيادة على الاستيطان الإسرائيلي».