يعقد زعماء الدول الأعضاء في حلف شمال الأطلسي (الناتو) اجتماع قمته التاسعة والعشرين في العاصمة البريطانية (لندن) اليوم للاحتفال بالذكرى الـ70 لتأسيس الحلف وسط خلافات حادة ومواقف متباينة تهدد وحدة أقوى الأحلاف العسكرية في القرن العشرين.
وقبيل حفل الاستقبال التقليدي برعاية الملكة اليزابيث الثانية في قصر (باكنغهام) امس، قال الأمين العام (للناتو) ينس ستولتنبرغ في مؤتمر صحافي في بروكسل امس بهذا الصدد إن القادة سيناقشون سبل تطوير قوات الحلف وإمكانية ادخال الفضاء كمجال للقيام بعمليات مختلفة، كما سيبحثون سبل تحديث خطة العمل حلف ضد الإرهاب وتقاسم الأعباء الدفاعية، بالإضافة الى بحث التهديدات التي تمثلها كل من الصين وروسيا للدول الأعضاء في الحلف.
ويتوقع أن تطغى الخلافات السياسية بين أعضاء الحلف على اجتماع لندن، بعد أن رد الرئيس الأميركي دونالد ترامب على وصفه نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون مؤخرا للحلف بأنه «ميت اكلينيكيا»، كما أن هناك خلافات حول ملفات أخرى، أبرزها: العملية العسكرية التركية في شمال شرق سورية والتقارب التركي- الروسي وتغير المناخ والتعامل مع ايران.
وقال ديبلوماسي أوروبي كبير بالحلف «السؤال المطروح، ونحن نحتفل بمرور 70 عاما، هو: هل نلوح احتفالا أم أن الناس يعتقدون أننا نغرق؟».
من جانبه، اقر أمين عام الحلف بوجود خلافات قائلا«في بعض الأحيان نختلف الا أنني أؤكد أن قوة (الناتو) تمكننا دائما من التغلب على خلافاتنا».
وأعلن ستولتنبرغ أنه «لا يتفق» مع تصريحات الرئيس ماكرون، مضيفا «لا يجب التشكيك في وحدة الحلفاء وعزمهم على الدفاع عن بعضهم البعض» على اعتبار أن ذلك يشكل أساسا لمبدأ الردع.
وأعرب عن شكه في إمكان حل هذا الخلاف خلال القمة، آملا في أن يأتمنه الحلفاء خلالها على مهمة قيادة العمل على سبل تحسين التفكير الاستراتيجي داخل الحلف.
من جهته، هاجم الرئيس الأميركي نظيره الفرنسي بشكل مباشر، واعتبر أن تعليق ماكرون على الحالة الراهنة للحلف تعتبر أمرا «مهينا للغاية».
وقال ترامب في مؤتمر صحافي مشترك مع الأمين العام للناتو امس إن تعليقات الرئيس الفرنسي «بغيضة بدرجة كبيرة جدا بشكل أساسي بالنسبة للدول الـ28» أعضاء الحلف.
وأكد أنه «فوجئ جدا» بتصريح ماكرون معتبرا بأنه «تصريح خطير جدا» من جانب باريس، معتبرا أن «لا أحد يحتاج إلى حلف شمال الأطلسي أكثر من فرنسا».
وانتقد الرئيس الأميركي من جديد «من لا يدفعون» جيدا في الحلف الأطلسي، خصوصا ألمانيا، متهما برلين ودولا أخرى تنفق ما يقل عن هذا الهدف بأنها «مقصرة»، ورحب في الوقت ذاته بالحصول على 130 مليار دولار إضافية في هذا الإطار، في إشارة إلى المبلغ الإجمالي لما وافقت كندا والدول الأوروبية على إضافته على موازناتها الدفاعية خلال 4 سنوات، لكنه أكد أنه لا يزال «غير راض».
وربط صراحة بين شكواه من أن أوروبا لا تدفع ما يكفي لمهام الحلف الأمنية ودفاعه الراسخ عن مصالح بلاده التجارية في إطار نهجه «أميركا أولا»، قائلا إن الوقت حان بالنسبة لأوروبا «لتحسين أدائها» في الجبهتين.
وفي إشارة للخلافات العديدة بالحلف، بدءا من مجال الفضاء وحتى الضريبة الرقمية الأوروبية على شركات تكنولوجيا عملاقة أميركية، قال ترامب «ليس من الصواب أن نتعرض للاستغلال فيما يتعلق بحلف شمال الأطلسي وأيضا أن نتعرض للاستغلال فيما يتعلق بالتجارة، وهذا هو ما يحدث. لا يمكننا أن ندع هذا يحدث».
بدورها، استبقت برلين احتفالات الذكرى الـ 70 لتأسيس (الناتو) المقررة بتأكيد أهمية دور الحلف العسكري في الدفاع عن الأمن والاستقرار في العالم.
وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس في بيان امس ان (الناتو) يبقى رغم النقاش الدائر حول أهميته «حلفا وضع مهمة الحفاظ على السلام والأمن هدفا» ورحب بالمناقشات حول مستقبل الحلف ودوره، مشيرا الى انها تساعد على تقويته وجعله اكثر تجاوبا مع التحديات الراهنة.
وطالب ماس بضرورة الحفاظ على وحدة الصف قائلا ان بلاده «تنشد مع الأعضاء الآخرين في (الناتو) حلفا متماسكا ومستقرا تجمع الدول المنتمية اليه قيم المحافظة على العلاقات الجيدة بين ضفتي الأطلسي»، مؤكدا تمسكه بالاقتراحات التي قدمها مؤخرا في بروكسل من أجل تحسين اداء حلف الأطلسي.