بحثا عن بديل لرئيس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبدالمهدي، تتكثف المشاورات في بغداد على وقع مساع اقليمية لإقناع القوى السياسية الشيعية والسنية للسير بأحد المرشحين، تزامنا مع استمرار التوتر على خلفية الاحتجاجات المتواصلة منذ شهرين. وقال مصدر سياسي مقرب من دوائر القرار في العاصمة العراقية لـ «فرانس برس» ان قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني «متواجد في بغداد للدفع باتجاه ترشيح إحدى الشخصيات لخلافة عبدالمهدي».
وأشار المصدر نفسه إلى أن «مسؤول ملف العراق في حزب الله اللبناني الشيخ محمد كوثراني يلعب أيضا دورا كبيرا في مسألة إقناع القوى السياسية من شيعة وسنة في هذا الاتجاه».
لكن على الطرف الآخر، يشير مراقبون إلى أن هناك قلقا من بعض الشخصيات من تسلم المنصب في خضم الأزمة القائمة، تخوفا من السقوط السياسي على غرار ما حصل مع رئيس الوزراء المستقيل.
من جانبه، قال النائب عن تحالف «سائرون» علاء الربيعي ان تحالفه سيمنع تقديم اسم اي مرشح لمنصب رئيس مجلس الوزراء يأتي عن طريق المحاصصة ولا ترتضيه الجماهير المنتفضة والشعب العراقي.
في السياق، شهدت الأيام الماضية جهدا ملحوظا من المتظاهرين لتشكيل قيادة تتحدث باسمهم، وقام المتظاهرون بالفعل من خلال هذه القيادة الوليدة بطرح أسماء بديلة لعادل عبدالمهدي لقيادة الحكومة، مثل عبدالوهاب الساعدي وعبدالغني الأسدي.
ويسعى البرلمان بدوره إلى دراسة قانون انتخابي جديد يفترض أن يؤدي إلى مجلس نواب أقل عددا وأوسع تمثيلا، بينما أعلن تأجيل جلسته المقررة امس، حتى إشعار آخر، لعقد المزيد من المشاورات.
كل ذلك يبقى في مواجهة الشارع، حيث تواصلت الاحتجاجات والاضرابات في بغداد وعدد من المحافظات العراقية امس، منها مدينتي النجف وكربلاء، بحسبما أفاد مراسلون من «فرانس برس».
ففي النجف، حاول متظاهرون ليل اول من امس الدخول إلى مرقد محمد باقر الحكيم رجل الدين العراقي الشيعي البارز، وشوهد مسلحون بملابس مدنية يطلقون النار على المتظاهرين الذين أحرقوا جزءا من المبنى. وأفاد شهود عيان بأن هؤلاء أطلقوا أعيرة نارية وقنابل الغاز المسيل للدموع على المتظاهرين الغاضبين الذين كانوا ينوون اقتحامه لوجود رفاق لهم محتجزون في قبو فيه.
وقال شهود عيان وناشطون لـ «كونا» ان مدينة النجف، جنوب بغداد، شهدت حالة من الاستقرار الامني وتوقفت فيها المصادمات بين الشرطة والمحتجين صباح امس، وذلك بعد اعلان الشرطة حالة الطوارئ القصوى منذ ايام.
لكن الشهود قالوا ان قوات الشرطة قطعت الطرق المؤدية الى المرقد الذي كان هدفا لمحتجين فيما تواصلت محاولات شخصيات عشائرية بارزة التفاوض على آلية للخروج من الأزمة. ودعا زعماء العشائر امس، رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر ومقاتليه من «سرايا السلام» إلى التدخل.
وأشاروا الى ان وفودا عشائرية واخرى من التيار الصدري وصلت المحافظة مساء اول من امس للتوسط بين المحتجين وحراس المرقد والوصول الى حلول ترضي الطرفين وتمنع اقتحام المرقد.
وفي الناصرية كبرى مدن محافظة ذي قار والتي كانت هي الاخرى محور احداث ساخنة نهاية الاسبوع الماضي، شهدت المدينة امس استقرارا امنيا وانسيابية في حركة السير.
وقال ضابط في شرطة المدينة لـ «كونا» ان جسري الزيتون والحضارات مغلقان من قبل محتجين، بيد ان الحركة في بقية الجسور والشوارع تمضي بانسيابية كبيرة. واكد ان الدوائر الحكومية والجامعات والمدارس لاتزال مغلقة استجابة لدعوات الاضراب العام.