عادت من جديد المظاهرات والاضطرابات الى شوارع فرنسا بعد ان كانت قد هدأت حركة احتجاجات اصحاب السترات الصفراء، لكن هذه المرة جاءت احتجاجا على خطة الرئيس ايمانويل ماكرون لإصلاح نظام التقاعد، حيث بدأ العاملون في السكك الحديدية والمدرسون وطواقم الطوارئ بالمستشفيات امس، واحدا من أكبر الإضرابات العامة في فرنسا منذ عقود.
وأعلنت الشركة الوطنية الفرنسية للسكك الحديدية أن قطارا واحدا فقط يعمل من بين كل عشرة من قطارات المسافات الطويلة، بينما تم تشغيل قطار واحد فقط من بين كل خمس قطارات داخل الأقاليم. كما أغلقت 10 محطات مترو من أصل 14 محطة في باريس.
وفيما يتعلق بقطارات أنفاق باريس، واصل الخطان الوحيدان اللذان يعملان بدون سائق العمل بشكل طبيعي، مع تقليص عمل الخطوط الأربعة عشر الأخرى إلى الحد الأدنى أو تعليقها تماما.
وتأتي المشاركة الواسعة في الإضراب من جانب عمال قطاع النقل العام بسبب مخاوفهم إزاء خطط إصلاح نظام التقاعد، حيث إنهم يستفيدون حاليا من حقوق التقاعد المبكر التي من المحتمل أن يتم إلغاؤها تدريجيا.
وأقر وزير الدولة الفرنسي لشؤون النقل جان-بابتيست جيباري بأن الإضراب قد يستمر لأيام.
وأكد الرئيس ماكرون أنه «لن يتراجع» عن هذا التعديل الذي يريد من خلاله توحيد نظام معاشات التقاعد الفرنسي الذي يضم أكثر من 40 خطة معاش الكثير منها تحديد سن المعاش ومزاياه بشكل مختلف. ويقول ماكرون إن هذا النظام غير عادل ومكلف للغاية.
إلا أن القيادي النقابي فيليب مارتينيز قال في مقابلة إذاعية إن النظام الجديد سيفاقم «انعدام المساواة»، لأنه يعتمد على إجمالي المال المتحصل من العمل دون النظر إلى البدلات المرتبطة بالظروف الفردية أو المهنية.
وتعهدت الحكومة بأن يكون النظام الجديد «أكثر بساطة» و«أكثر عدالة»، لكن المناهضين للتعديل يتوقعون أن يؤدي إلى «انعدام في الاستقرار» لدى المتقاعدين.
واعتبر ايف فيريه الأمين العام لنقابة «القوى العاملة» هذا الأسبوع بأنه «يجب المراهنة على خطوة كبيرة جدا».
وفي قطاع التعليم، أعلن 70% من أساتذة تعليم المرحلة الابتدائية الإضراب، فيما يتوقع أن يكون عدد الأساتذة المضربين في مرحلة التعليم الثانوي قريبة أيضا وفق مصدر نقابي.
ودعا كذلك الشرطيون والعاملون في جمع القمامة والمحامون والمتقاعدون والسائقون الى تنفيذ عملية لعرقلة حركة السير. وانضم للتحركات ناشطون في «السترات الصفراء» والأحزاب اليسارية وكذلك حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف. كما شارك كذلك 180 مثقفا مثل الخبير الاقتصادي توماس بيكيتي والممثلة أريان أسكاريد للتنديد بـ«انتهاكات حكومة نيوليبرالية وسلطوية».
ولن يكشف عن مشروع الإصلاح التام قبل منتصف ديسمبر الجاري من أجل طرحه للتصويت أمام البرلمان مطلع عام 2020.
وأبقت الحكومة الأسبوع الماضي الباب مفتوحا أمام دخول التعديل الجديد حيز التنفيذ بعد عام 2025، إضافة إلى تطبيق بنود أساسية بالنسبة للنقابات، مثل أخذ صعوبة العمل بعين الاعتبار مع «ضمانات» يترقبها المعلمون.
ومن أجل تهدئة المعلمين، أعلن وزير الاقتصاد بورنو لومير عن دراسة إعادة تقييم لرواتبهم.
نقابيا، يعد الناشطون لتحركات إضافية، مع عقد جمعيات عمومية في الشركات والإدارات، والتحضير لاجتماع اليوم لعدة نقابات وتنظيمات طلابية. ويسعى النقابيون الى أن يكون تحركهم وازنا، فهم لم يحققوا أي مكاسب كبيرة منذ 2006 تاريخ تصديهم لتعديل في عقود العمل.
من جانبه، قال لوران برون نقيب عمال سكك الحديد في الاتحاد العام للعمل «لم نحقق أي انتصار كبير منذ عام 1995».
ونشرت وزارة الداخلية 6 آلاف شرطي ودركي تحسبا لاندلاع أي أعمال عنف.
بدوره، توقع وزير الداخلية كريستوف كاستانير أن يسعى آلاف من جماعة (بلاك بلوك) وجماعة (القمصان الصفراء) لإثارة الفوضى، وأمر المتاجر المنتشرة على الطريق بإغلاق أبوابها.
الى ذلك، أعلن «برج إيفل» إغلاق أبوابه أمام الزوار بسبب الإضراب العام كما أغلق متحف أورسيه للفن الحديث أبوابه.
إلا أن متحف اللوفر أعلن مواصلة استقبال الزوار، باستثناء بعض الغرف، وأن المعرض المقام به بمناسبة الذكرى الـ 500 لرحيل ليوناردو دا فينشي لن يتأثر.