تواصلت الاحتجاجات الشعبية في بغداد وعدد من المحافظات الوسطى والجنوبية العراقية امس، تزامنا مع بحث مجلس النواب وعدد من القادة الأمنيين تفاصيل الاعتداء الذي استهدف المحتجين في الناصرية قبل أكثر من أسبوع.
وواصل المحتجون في بغداد الاحتشاد في ساحة التحرير الرمزية، المعقل الرئيسي للتظاهرات، فيما انتشر آخرون عند جسري السنك والأحرار القريبين في إصرار واضح على مواصلة الاحتجاج والاضراب عن الدوام.
الا ان الساحة شهدت حالة من الاستقرار الامني ولم تسجل اي اعمال احتكاك او صدامات مع الاجهزة الامنية او غيرها من الجهات مع استمرار حالة السخط بين صفوف المحتجين بسبب «مجزرة» يوم الجمعة الماضي التي راح ضحيتها العشرات بين قتيل وجريح على يد جماعات مسلحة مجهولة.
من جهتها، فرضت قوات الأمن إجراءات مشددة وأغلقت ثلاثة جسور رئيسية عند مواقع التظاهر، لمنع وصول المتظاهرين إلى المنطقة الخضراء حيث مقار الحكومة ومجلس النواب والسفارات الأجنبية.
كما استمرت الاحتجاجات في مدن جنوبية عدة. فأغلقت غالبية الدوائر الحكومية والمدارس في الناصرية والحلة والديوانية والكوت والنجف، وكلها ذات غالبية شيعية، بحسب مراسلي وكالة فرانس برس.
وشددت القوات الأمنية في تلك المدن إجراءاتها لتجنب وقوع «مذبحة» على غرار تلك التي وقعت في بغداد على جسر السنك بأيدي مسلحين مجهولين.
وفي المحافظات الاخرى، ذكر صحافيون وناشطون لـ«كونا» ان نشاطات مدنية رافقت الاحتجاجات في واسط والبصرة والمثنى والديوانية وبابل وابرزها اقامة أسواق خيرية داخل ساحات الاعتصام لدعم المنتج الوطني العراقي وتنظيم مسيرات منددة بالعنف وقتل المحتجين.
وفي الناصرية، نظم العشرات من المحتجين عملية تشييع رمزي بتوابيت فارغة وموشحة بالاعلام العراقية استذكارا لارواح الضحايا الذين سقطوا في المدينة برصاص القوات الامنية، فيما قطع اخرون جسري (الزيتون) و(الحضارات) وسط المدينة.
وذكر مصدر في الدائرة الاعلامية للبرلمان لـ«كونا» ان موضوع قتلى الناصرية طرح على طاولة لجنة الامن والدفاع النيابية في مجلس النواب العراقي.
وقال المصدر ان اللجنة بحثت مع رئيس اركان قوات الرد السريع العراقية وعددا من القادة ملف قتل المحتجين في الناصرية في الـ27 من نوفمبر الماضي والتي شهدت مصرع 32 متظاهرا واصابة العشرات برصاص القوات الامنية.
وبين المصدر ان الاستضافة جاءت استكمالا لعمل اللجنة النيابية التي زارت الناصرية قبل يومين وبهدف اعداد تقرير متكامل لعرضه على مجلس النواب في وقت لاحق.
من جهة اخرى، أعلن مجلس القضاء الأعلى العراقي امس، الإفراج عن 2626 موقوفا من المتظاهرين في عدد من محافظات البلاد.
وذكر المجلس في بيان أن اجمالي الذين افرجت عنهم الهيئات التحقيقية المكلفة بالنظر في قضايا المظاهرات بلغ حتى اليوم 2626 موقوفا من «المتظاهرين السلميين».
واشار الى انه لايزال هناك 181 موقوفا جار التحقيق معهم عن التهم المنسوبة لهم «وفق القانون العراقي النافذ».
وتتهم السلطات العراقية من تصفهم بالمندسين بين المتظاهرين بتعمد تخريب الممتلكات العامة والخاصة والاعتداء على الاجهزة الأمنية.
الى ذلك، بحث الرئيس العراقي برهم صالح، امس، مع الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في العراق جينين هينيس بلاسخارت، الآليات الدستورية والعمل السياسي المطلوب من أجل إنجاز التشريعات القانونية اللازمة للإصلاح وإجراء انتخابات نزيهة في أسرع وقت.
وذكرت الرئاسة العراقية في بيان أوردته الوكالة الوطنية العراقية ـ «أن الرئيس العراقي التقى بلاسخارت في قصر السلام ببغداد، وناقشا الآليات الدستورية والعمل السياسي المطلوب من أجل سرعة إنجاز التشريعات القانونية اللازمة للإصلاح وإجراء انتخابات نزيهة، وكذلك إجراءات اختيار مرشح مناسب لرئاسة مجلس الوزراء للمرحلة المقبلة».
وأكد الجانبان حق المواطنين في التظاهر السلمي الحر ومسؤولية أجهزة الدولة المختصة بالعمل على حماية المتظاهرين السلميين وحفظ الأمن العام للدولة وحقوق وأملاك المواطنين وعدم السماح بالفوضى وبكل ما يمكن أن يشوه الطابع السلمي للتظاهرات. وأوضح البيان أنه جرى استعراض الأوضاع الحالية التي يمر بها البلد، وسبل الحلول الممكنة التي تساعد في حماية أمن واستقرار العراق وتطلعات الشعب إلى الإصلاح.