شهدت الجزائر امس اول انتخابات رئاسية بعد استقالة الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة وكانت نسخة مغايرة تماما للدورات السابقة من حيث الاحتجاجات الضخمة الرافضة لها أو من حيث الصعوبات الكثيرة التي واجهتها، فقد خرج الآلاف إلى شوارع وسط الجزائر العاصمة امس، مرددين هتافات «لا للتصويت» فيما نظمت السلطات انتخابات رئاسية تعتبرها الحركة الاحتجاجية مسرحية تهدف إلى إبقاء النخبة الحاكمة في السلطة.
وفي وسط المدينة، انتشرت الشرطة بشاحنات مكافحة الشغب وخراطيم المياه لوقف أي مظاهرة معارضة للانتخابات. كما ان مروحية تحلق دون توقف فوق العاصمة. ومنعت الشرطة باستخدام العصي تظاهرة لعشرات الأشخاص بدأوا بالهتاف «لا انتخابات مع العصابات»، ولاحقت العديد منهم وأوقفت 8 أشخاص على الأقل بينهم امرأة، بحسب وكالة فرنس برس. واحتل المتظاهرون بأعداد كبيرة الجزء الأكبر من شارع ديدوش مراد، حتى ساحة البريد المركزي، كاسرين الطوق الذي فرضته قوات الشرطة. وفي وسط العاصمة أدلى الجزائريون بأصواتهم امس، في حين جاب أفراد الشرطة شوارع المدينة راجلين وفي مركبات. وحلقت طائرة هيليكوبتر في السماء.
إلى ذلك، وردت تقارير عن احتجاجات خارج العاصمة. وفي منطقة القبائل، وهي مركز رئيسي للاحتجاجات ضد النخبة الحاكمة، قال أحد السكان إن المتظاهرين اقتحموا مركز اقتراع في مدينة بجاية ودمروا صناديق الاقتراع وخرجوا إلى الشوارع في بلدة حيزر وهم يهتفون «لا للتصويت».
وقال شهود إن مراكز الاقتراع في بعض المناطق كانت مغلقة بعد ساعات من الموعد الرسمي لبدء الاقتراع.
إلا ان محمد شرفي، رئيس السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات في الجزائر، قال ان 95% من مراكز التصويت في البلاد فتحت أبوابها أمام الناخبين للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية، وإنها عملت بصورة طبيعية، ولكنه اعترف بوجود بعض الصعوبات «التنظيمية» في بعض المناطق.
وكشف شرفي، في تصريح للتلفزيون الرسمي امس، عن أن 3600 مكتب تصويت من مجموع أكثر من 61 ألف مكتب، شهدت بعض الصعوبات، مشيرا إلى انهم سعوا لإعادة الأمور إلى نصابها.
ولم يذكر شرفي المناطق التي واجهت فيها العملية الانتخابية صعوبات، غير أن مصادر عديدة أشارت إلى أن الأمر يتعلق بمكاتب التصويت بمنطقة القبائل خاصة في ولايتي بجاية وتيزي أوزو، وبدرجة أقل ولاية البويرة.
ووصف شرفي إقبال الناخبين على مكاتب التصويت في أغلب المدن الجزائرية بـ «المحترم جدا»، مشيرا إلى الطوابير بالعاصمة الجزائر، وخنشلة وبسكرة.
وفي السياق، أدلى الرئيس الجزائري السابق، عبدالعزيز بوتفليقة، بصوته في الانتخابات بمركز البشير الإبراهيمي منيبا عنه شقيقه ناصر بوتفليقة بالتصويت بتوكيل رسمي، اعتمده مركز التصويت وسمح له بالإدلاء بصوته نيابة عن شقيقه الذي يعاني وضعا صحيا صعبا.
وفي مقابل المظاهرات الرافضة قام جزائريون بالتصويت لاختيار الرئيس الجديد خوفا من مخاطر انزلاق البلاد في الاضطراب.
وأوضح كريم وهو موظف يبلغ 28 سنة، لوكالة فرنس برس «أنا أصوت لأنني أخشى أن تغرق البلاد في الأزمة».
من جانبه، أظهر السعدي محديد، وهو متقاعد يبلغ من العمر 76 عاما، بطاقة الانتخاب وعليها عدة طوابع قائلا: «لقد انتخبت في كل مرة وأنا أصوت اليوم، إنه واجب».