قضت محكمة «خاصة» في الخرطوم أمس بإيداع الرئيس السوداني المخلوع عمر البشير إلى «دار للإصلاح الاجتماعي لمدة عامين» بعد إدانته بالفساد في واحدة من عدة قضايا ضده منذ أطاح به الجيش تحت ضغط الشارع.
وأدين البشير البالغ 75 عاما بـ «الثراء الحرام» و«التعامل بالنقد الأجنبي»، بعد أشهر من إطاحة الجيش به في 11 أبريل الفائت. وتحمل التهمتان عادة عقوبة بالسجن لمدة قد تصل إلى عشر سنوات.
وصرح القاضي الصادق عبدالرحمن الذي ترأس محكمة «خاصة» لمحاكمة الرئيس السابق بالقول «بما أن المدان تجاوز السبعين عاما ولا يجوز إيداعه السجن، قررت المحكمة إرساله لدار الإصلاح الاجتماعي لمدة عامين». وتابع القاضي أن البشير سيقضي عقوبته بعد صدور الحكم في قضية أخرى اتهم فيها بإصدار أوامر لقتل المتظاهرين خلال الاحتجاجات التي أدت لعزله. وقررت المحكمة أيضا مصادرة 6.9 ملايين يورو و351.770 دولارا و5.9 ملايين جنيه سوداني (128 ألف دولار) وجدت في منزله.
وقال أحمد ابراهيم الطاهر وهو محام للبشير للصحافيين خارج القاعة «سوف نستأنف الحكم أمام محكمة الاستئناف والمحكمة العليا على الرغم من أن ثقتنا في القضاء اهتزت».
وعلى مقربة من المحكمة، تجمع العشرات من أنصار البشير وهم يحملون صورة له ويهتفون «لا إله إلا الله».
وشارك المئات من انصار النظام السابق في تظاهرة أخرى نظمت في الخرطوم وسط حراسة مشددة، حيث رفع محتجون لافتات تقول «تسقط تسقط الحكومة» واتهموها بـ«الابتعاد عن الإسلام ومحاولة إقصاء القوى السياسية» فيما انتشرت قوات امنية امام مقر القيادة العامة للجيش وأغلقت الطرقات المؤدية إليها.
ولا صلة لهذه المحاكمة بالاتهامات بارتكاب إبادة جماعية وجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية التي يواجهها البشير أمام المحكمة الجنائية الدولية.
وأكد «تحالف الحرية والتغيير» المعارض الذي قاد الاحتجاجات ضد البشير، والذي يحتفظ بتمثيل كبير في المجلس السيادي الذي بات أعلى سلطة تنفيذية في البلاد، أنه لا اعتراض لديه على تسليم البشير الى الجنائية الدولية.
ووصف (تجمع المهنيين السودانيين) وهو أحد فصائل قوى (الحرية والتغيير) الحكم القضائي بأنه «ضربة البداية لمحاكمة حقبة البشير» التي امتدت لثلاثين عاما ورأى فيه «إدانة سياسية وأخلاقية» للبشير ونظامه.
واكد التجمع أهمية خضوع البشير للمحاسبة على «جرائمه التي ارتكبها خلال ثلاثة عقود وتشمل تقويض النظام الدستوري والتعذيب والاغتيالات والتصفية العرقية والجرائم ضد الانسانية وقتل المتظاهرين السلميين» بجانب «جرائم سياسة التمكين والثراء الحرام والتصرف بالبيع في أصول الدولة وثرواتها وأراضيها». وقبل صدور الحكم، قال محمد الحسن الأمين أحد محامي البشير للصحافيين إنهم على قناعة بأن القضية ليست قانونية وإنما «سياسية».
في الوقت نفسه، أعلنت السلطة الانتقالية في السودان أمس حل مجالس النقابات والاتحادات المهنية التي أنشئت في عهد الرئيس السابق.
ومنذ أغسطس، حضر البشير داخل قفص حديدي وبالزي السوداني التقليدي - الجلابية البيضاء والعمامة - عددا من جلسات هذه المحاكمة. والبشير الذي وصل إلى السلطة إثر انقلاب في 1989، معتقل منذ ابريل الماضي في سجن كوبر في الخرطوم.
وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتقال بحق البشير لدوره في النزاع الذي اندلع في دارفور عام 2003 عندما حملت السلاح مجموعات تنتمي لأقليات ذات أصول افريقية ضد حكومة الخرطوم التي ناصرتها القبائل العربية بدعاوى تهميش الإقليم سياسيا واقتصاديا.