تنفس الملايين من سكان أوروبا وعدد من الدول الغربية، الصعداء بعد ازدياد وتيرة تخفيف إجراءات العزل التي فرضها فيروس «كورونا» المستجد، في وقت يشهد التوتر الاميركي - الصيني جولة جديدة من الاتهامات على خلفية الجائحة.
ومن مجلس الأمن، انتقل الخلاف الاميركي - الصيني الى الامم المتحدة حيث رفضت البعثة الأميركية الدعوة التي أطلقتها الصين إلى الدول الأعضاء للإيفاء بالتزاماتها المالية للمنظمة الدولية بشكل كامل، معتبرة أنها محاولة من بكين لـ «صرف الانتباه» عن «سوء إدارتها» لأزمة كورونا.
وكانت البعثة الصينية أشارت في بيان استند إلى تقرير للمنظمة إلى أن «الولايات المتحدة هي أكبر مدين ويتوجب عليها دفع 1.332 مليار دولار» لعمليات السلام.
لكن البعثة الأميركية في الأمم المتحدة اعتبرت أنه «مثال آخر على سعي الصين لصرف الانتباه عن التستر وسوء الإدارة لأزمة كوفيد-19».
وأضافت ان «الولايات المتحدة قامت مؤخرا بدفع 726 مليون دولار في إطار التزامها بعمليات حفظ السلام وستدفع الجزء الأكبر من نصيبها في نهاية السنة».
علما أن الولايات المتحدة هي أول مساهم مالي في المنظمة إذ تدفع 22% من ميزانيتها التشغيلية السنوية التي تبلغ حوالي 3 مليارات دولار، و25% من ميزانيتها السنوية لعمليات السلام.
تمويل منظمة الصحة
وفي السياق، نقلت قناة فوكس نيوز عن إدارة البيت الأبيض، أن أميركا قد تستأنف تمويل منظمة الصحة العالمية، لكن بنفس المقدار الذي تدفعه الصين، بعد أن أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب الشهر الماضي، وقف تمويل منظمة الصحة، متهما اياها بمحاباة الصين.
وجاء في نص رسالة إلى المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، إن الإدارة «ستوافق على دفع نفس المبلغ الذي تدفعه الصين من الاشتراكات المقررة لمنظمة الصحة العالمية».
كما أضافت الرسالة: «إذا قامت الصين بزيادة تمويلها لمنظمة الصحة العالمية فإننا سننظر في إمكانية زيادتها».
ووسط تزايد الاتهامات الاميركية بالتسبب بالجائحة واخفاء المعلومات، أكدت اللجنة الوطنية الصحية أن السلطات أمرت مختبرات غير مرخصة بتدمير عينات من فيروس كورونا في المرحلة المبكرة من تفشي الفيروس، بدعوى الحفاظ على السلامة البيولوجية.
وقال ليو دنغفن، المسؤول بقسم العلوم والتعليم في اللجنة الوطنية للصحة، في مؤتمر صحافي في بكين، أنه «عندما تم الإبلاغ عن المرض الشبيه بالالتهاب الرئوي لأول مرة في ووهان (مركز تفشي الوباء)، كانت المعاهد والمختبرات تعمل على تحديد العامل المسبب للمرض، وأن هذا العامل من (الفئة الثانية - شديدة الإمراض) فإنه تم فرض متطلبات السلامة البيولوجية على جمع العينات والأنشطة التجريبية، وأخيرا تدمير العينات».
وتشير إحدى الاتهامات إلى أن الفيروس انتشر من أحد مختبرات ووهان، وأن التخلص من العينات يتم بطرق بدائية مثل القائها في مجاري الصرف الصحي.
4 ملايين ونصف مليون إصابة
إلى ذلك، ورغم ارتفاع إجمالي حالات الإصابة المؤكدة عالميا إلى أكثر من 4 ملايين و543 ألفا، والوفيات زادت إلى 307 آلاف و705 حالات حسب بيانات جامعة جونز هوبكنز الأميركية.
بدأ العالم يعتاد فكرة العيش بشكل مستدام مع هذه الآفة التي قد لا تختفي أبدا وفق قول منظمة الصحة العالمية.
وتنفس ملايين السكان الصعداء في أوروبا القارة الاكثر تضررا في العالم، لأول مرة منذ ظهر الوباء في الصين قبل 5 شهور.
وتجاوزت النمسا، الرائدة في تخفيف إجراءات العزل، مرحلة رمزية مهمة أمس الأول، عبر إعادة فتح كل المطاعم ومقاهي العاصمة فيينا.
وأعلن الفاتيكان إعادة فتح كاتدرائية القديس بطرس للزوار اعتبارا من يوم غد الإثنين، بعد تعقيمها بالكامل وتطبيق القواعد الصحية نفسها المطبقة في إيطاليا.
وفي التاريخ نفسه تبدأ ايرلندا تخفيف العزل مع فتح بعض المتاجر والشواطئ واحتمال التلاقي في الخارج في مجموعات لا تتعدى 4 أشخاص. وأعلنت اليونان فتح أكثر من 400 شاطئ خاص مع ارتفاع درجات الحرارة.
ويمضي مواطنو فرنسا، إحدى الدول الأكثر تضررا جراء الوباء في العالم مع أكثر من 27 ألف وفاة، أول عطلة نهاية أسبوع في الخارج بدون قيود العزل، إذ سمح بارتياد الكثير من الشواطئ فيما دعا رئيس الوزراء إدوار فيليب السكان إلى البدء بالتفكير في عطلهم الصيفية.
ووافقت الحكومة الإيطالية التي فرضت أكثر القيود صرامة في أوروبا أمس، على السماح بالسفر من وإلى البلاد اعتبارا من الثالث من يونيو المقبل، ما يعد حدثا رئيسيا على الطريق نحو التعافي، لإنقاذ موسم العطلات القادم.
وستسمح الحكومة بالسفر دون عوائق عبر البلاد اعتبارا من نفس اليوم.
وفي ايرلندا، يبدأ تخفيف العزل غدا مع فتح بعض المتاجر والشواطئ واحتمال التلاقي في الخارج في مجموعات لا تتعدى 4 أشخاص.
سيناريو أسود في أفريقيا
لكن ليس الأمر كله بهذا الاشراق كذلك ففي إفريقيا، قد تكون التداعيات مدمرة أكثر من الارقام المعلنة وفق دراسة أعدتها منظمة الصحة العالمية.
وبحسب الدراسة، فإن القارة السمراء التي نجت نسبيا من الوباء مع أقل من 2500 وفاة مسجلة رسميا، قد تسجل حتى 190 ألف وفاة جراء المرض.
أما في البرازيل، حيث يتفشى الوباء العالمي خصوصا بين السكان الأشد فقرا، قدم وزير الصحة نلسون تيش استقالته بسبب «خلافات في وجهات النظر» مع الرئيس جاير بولسونارو حول تدابير مكافحة الفيروس، بعد أقل من شهر على توليه المنصب.
اذ تواصل البلاد تسجيل أرقام مخيفة تجاوزت 15305 حالات إصابة جديدة وهو أكبر عدد إصابات في يوم واحد منذ بدء تفشي الجائحة، الى جانب 824 وفاة جديدة. وحتى الآن بلغت الإصابات 218223.
وفي الولايات المتحدة البلد الأكثر تضررا، بنحو 88 ألف وفاة، ومليون و443 ألف إصابة، بدأ رفع العزل في قسم من فيرجينيا وميريلاند أمس الأول، وأعيد فتح الشواطئ المحيطة بلوس أنجيليس في ولاية كاليفورنيا.
لكن تبقى نيويورك الرئة الاقتصادية للبلاد، معزولة حتى 28 الجاري على الأقل.