فتحت المقاهي والاسواق التاريخية والمواقع الاثرية أبوابها مجددا للرواد أمس في مؤشر إلى عودة الحياة ببطء إلى طبيعتها في أوروبا، فيما يواصل فيروس كورونا المستجد تفشيه في أميركا الجنوبية مهددا بانهيار الأنظمة الصحية فيها.
وأعلن رئيس الوزراء الفرنسي إدوار فيليب العودة إلى «حياة شبه طبيعية» بعد عزل مستمر منذ شهرين ونصف الشهر.
وإذا كانت المقاهي في باريس ومنطقتها لا يمكنها استقبال الرواد إلا في مساحاتها الخارجية، فبإمكان الحانات والمطاعم في باقي البلد فتح صالاتها بشرط الالتزام بشروط التباعد الاجتماعي.
واستعدت المطاعم في جميع أنحاء فرنسا لهذا الموعد الذي كانوا يترقبونه بشدة، مثل مطعم «لا ميزون كامرزيل» الشهير في ستراسبورغ (شرق).
وتبقى الكمامات إلزامية لجميع الندل كما للزبائن الراغبين في الذهاب إلى المراحيض.
وفتحت المدارس والثانويات وصالات العرض الصغيرة في معظم أنحاء فرنسا ورفع الحظر على التنقلات لمسافة تزيد على مائة كيلو متر من المنزل.
لكن خبير علم الأوبئة والعضو في المجلس العلمي الذي تستشيره السلطات الفرنسية أرنو فونتانيه قال «العودة إلى الحياة كما كانت قبل الوباء؟ لا، ليس الآن»، مضيفا «لن أتحدث عن تلاشي (الوباء) لأن الفيروس سيبقى، لكن هناك تراجعا كبيرا يلاحظ» في انتشاره.
وباشرت مواقع سياحية كبرى في أوروبا استقبال الجمهور أمس، ولو أن التدابير الصحية والقيود المفروضة على السفر لاتزال تحول دون إقبال حاشد عليها.
ففي روما، استقبل الكولوسيوم، القبلة السياحية الأولى في إيطاليا اول من امس، حوالي 300 زائر بناء على حجر مسبق على الإنترنت، في حين كان يستقبل في الظروف العادية عشرين ألف سائح في اليوم.
اضافة الى العديد من المواقع السياحية، مثل كاتدرائية القديس بطرس وبومبيي وبرج بيزا المائل، وكاتدرائية ميلانو وفلورنسا ومتاحف الفاتيكان وغيرها.
وفتحت المتاجر والمقاهي والمطاعم في الهواء الطلق، على أن تفتح الحدود اليوم في المرحلة الأخيرة من رفع القيود، كما سيسمح للإيطاليين بالتحرك من جديد بين المناطق.
لكن الرئيس الإيطالي سيرجيو ماتاريلا حذر أمس من أن الأزمة الناجمة عن الفيروس «لم تنته بعد» في إيطاليا، وذلك في كلمة بمناسبة العيد الوطني، مثنيا على «وحدة» بلاده في مواجهة الوباء.
وحذر ماتاريلا من أن «الأزمة لم تنته بعد وعلى المؤسسات كما المواطنين أن يتعاملوا مع نتائجها والصدمات التي تسبب بها».
ورحب العديد من السياسيين بتصريحات ماتاريلا الذي يشغل منصبا فخريا إلى حد كبير، لكن يعد ضامنا للوحدة الوطنية. وأجرى فريق الاستعراض البهلواني في القوات الجوية الإيطالية «السهام ثلاثية الألوان»، عرضا فوق روما صباح أمس، ورسمت طائراته ألوان العلم الإيطالي في السماء.
وفي إسبانيا، حيث لم تسجل أي وفاة خلال 24 ساعة لأول مرة منذ ثلاثة أشهر، أعاد متحف غوغنهايم الشهير فتح أبوابه.
كما عادت الحياة إلى البازار الكبير في اسطنبول بعد إغلاقه في 23 مارس، وقال يسار صابونجو ـ أحد التجار الثلاثين ألفا العاملين في السوق الشاسعة المسقوفة بعدما فتح متجره حيث تصطف التذكارات والأشغال اليدوية الجلدية على الرفوف ـ «الحياة تستمر، وننتظر الزبائن».
وفيما تتجه الدول الأوروبية بحذر وبطء إلى حياة طبيعية مجددا، يواصل الوباء تفشيه في أميركا اللاتينية.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية أن أربع دول من أميركا اللاتينية هي البرازيل والبيرو وتشيلي والمكسيك هي بين البلدان العشرة التي أعلنت اعلى حصيلة من الإصابات الجديدة خلال 24 ساعة.
وقال مدير الأوضاع الصحية الطارئة في منظمة الصحة العالمية مايكل راين «من الواضح أن الوضع في العديد من دول أميركا اللاتينية بعيد عن أن يستقر».
وقال خلال مؤتمر صحافي عبر الفيديو في جنيف «سجلت زيادة سريعة في الإصابات وهذه الأنظمة (الصحية) تحت الضغط»، مبديا قلقه
حيال الوضع في هايتي أيضا.
ورغم تلك التحذيرات واستمرار تسجيل اعداد اصابات قياسية، استأنفت العديد من دول أميركا اللاتينية النشاط الاقتصادي.
ففي البرازيل، ثاني دولة بعد أميركا من حيث الاصابات بأكثر من نصف مليون حيث تقارب الحصيلة 30 ألف وفاة، تتداخل تدابير الحجر ورفع الحجر وتتباين بحسب الولايات والمدن، فيما يدعو الرئيس جايير بولسونارو بانتظام إلى رفع القيود المفروضة حفاظا على الاقتصاد والوظائف.
فأعلنت بلدية ريو دي جانيرو خطة تدريجية لعودة النشاط ابتداء من أمس. ليصبح بالإمكان استئناف المراسم الدينية وممارسة الرياضات المائية الفردية مثل التزحلق على الماء والسباحة، من غير أن يتمكن رواد الشواطئ من البقاء على الرمل أو التمدد في الشمس.
وباشرت ولاية ساو باولو، المحرك الاقتصادي للبرازيل والبؤرة الأولى للوباء فيها، تنفيذ خطة تدريجية لرفع الحجر المنزلي بحذر.
وتستعد منطقة كوينتانا رو السياحية في المكسيك لاستقبال الزوار مجددا في حين أعادت كولومبيا فتح القطاعات الاقتصادية.
وزادت الحكومة المكسيكية عدد القطاعات الاقتصادية التي تعتبر حيوية والمسموح لها بالعمل، مثل البناء وصناعة السيارات والمناجم.
في الوقت نفسه، مدد الرئيس الكولومبي إيفان دوك الحجر الصحي على مستوى البلاد حتى نهاية يونيو، ولكنه سمح في الوقت نفسه بإعادة فتح الأنشطة الاقتصادية، بما في ذلك مراكز التسوق ومحال تصفيف الشعر والمتاحف والمكتبات اعتبارا من يوم اول من امس.