تنبئ احتجاجات «لا أستطيع التنفس» غير المسبوقة ضد العنصرية وعنف الشرطة، بانقسامات حادة تعصف بالمجتمع الأميركي.
وتحسبا للمظاهرة الكبرى في العاصمة واشنطن مع نهاية الأسبوع الثاني من الحركة الاحتجاجية، أغلقت الشرطة في واشنطن الطرق المؤدية إلى البيت الأبيض.
ومنذ الصباح الباكر بدأ المحتجون بالتدفق نحو محيط البيت الأبيض للمشاركة في التظاهرة غير المسبوقة بالتزامن مع تظاهرات في مختلف المناطق الأميركية بما فيها نيويورك وميامي ومينيابوليس.
ووجه بعض النشطاء دعوة على مواقع التواصل الاجتماعي لمشاركة مليون شخص في مسيرة واشنطن. وقال مدير شرطة العاصمة بيتر نيوشام لوسائل الإعلام المحلية: «لدينا الكثير من المعلومات من مصادر عامة ومصادر أخرى تشير إلى أن الحدث قد يكون واحدا من أكبر المسيرات التي شهدناها في المدينة».
وإلى تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب المثيرة للجدل منذ اليوم الاول لمقتل الاميركي من اصل افريقي جورج فلويد تحت ركبة شرطي ابيض، تشير الصور والفيديوهات التي يتناقلها المحتجون ومواقع التواصل الاجتماعي، إلى أن حادثة مقتل فلويد الأعزل ليست حادثة فردية واستثنائية وانما ترقى الى مصاف السياسة الممنهجة التي تتبعها الشرطة في التعامل مع المحتجين العزل في معظم الأحيان.
وقبل أن تهدأ الانتقادات لقيام الشرطة بفض المحتجين في ساحة لافاييت بالقوة للسماح لترامب بالتقاط الصورة الشهيرة أمام الكنيسة حاملا الانجيل، جاءت حادثة المسن السبعيني الذي دفعته الشرطة ليقع على الأرض مغشيا عليه والدم ينزف من أذنيه في بوفالو، وتركه رجال الشرطة ملقى على الأرض ومضوا لقمع الاحتجاجات.
وبعد إيقاف الشرطيين اللذين دفعا العجوز، استقال جميع عناصر وحدة مكافحة الشغب، ليس احتجاجا على العنف الممارس ضد المحتجين، ولكن تضامنا مع زميليهما بحسب صحيفة الـ «واشنطن بوست».
وقال رئيس بلدية المدينة بايرون براون الذي نشر العقوبة على تويتر، إنه ومفوض الشرطة: «شعرا باستياء» شديد بعد مشاهدة الفيديو.
وفي انديانابوليس فتحت الشرطة تحقيقا بعد نشر شريط فيديو يظهر 4 شرطيين على الأقل يضربون امرأة بالهراوات ويرشونها بكرات الفلفل.
وأفادت عدة تقارير إعلامية بأن شرطيي مدينة نيويورك انهالوا الخميس بالضرب على عشرات المتظاهرين المسالمين الذين خالفوا حظر التجول في برونكس بعد محاصرتهم، بحيث لم يتركوا لهم مكانا يهربون إليه.
وأعلن مفوض الشرطة في نيويورك ديرموت شي وقف شرطيان عن العمل في أعقاب «العديد من الحوادث المثيرة للاستياء»، أحدهما لدفعه امرأة وقعت أرضا والثاني لإزالة القناع الواقي لرجل ورشه برذاذ الفلفل. والحادثان موثقان في تسجيل مصور.
من جهته، قال رئيس بلدية نيويورك بيل دي بلازيو الذي فرض حظر التجول الليلي طيلة الأسبوع الماضي بعد عمليات نهب واسعة النطاق في بداية الأسبوع، إن شرطة نيويورك تتحلى «بضبط النفس».
وفي مقالة نشرتها أمس الأول، خاطبته صحيفة نيويورك تايمز قائلة: «افتح عينيك»، مضيفة إن «الشرطة باتت في حالة انفلات».
وأعادت رئيسة البلدية موريل باوزر تسمية هذه المنطقة خارج البيت الأبيض باسم ساحة «حياة السود مهمة» (بلاك لايفز ماتر بلازا) وأزاحت الستار عن لوحة جدارية عملاقة بعد أن غردت برسالة دعت فيها ترامب إلى «سحب كل قوات الشرطة والقوات العسكرية التي نشرت بشكل استثنائي من مدينتنا».
وتشير هذه الحوادث التي وثقها الناشطون بالفيديو إلى انها التكتيكات العنيفة التي تتبعها الشرطة باستخدام الهراوات والرصاص الماطي والغاز المسيل للدموع هي تكتيكات ممنهجة تعتبرها الشرطة ضرورية لأداء واجبها، لكنها حولت الصرخة التي خرجت من منيابوليس تضامنا مع فلويد إلى احتجاجات عارمة تجتاج الولايات المتحدة ضد «وحشية الشرطة». وأضافت تساؤلا أخلاقيا جديدا الى الاحتجاجات ضد العنصرية وهو هل هذه الأساليب الوحشية ضرورية؟
في الأثناء، مازالت ترامب يثير انتقادات حادة، لاسيما بإشادته بإنجازاته الاقتصادية وحديثه «عن يوم عظيم جدا، للمساواة»، في حين تشهد البلاد أوسع الاحتجاجات حول قضايا أخلاقية يندد بها المتظاهرون لاسيما العنصرية وعنف الشرطة وعدم المساواة.
وبإصراره على الحديث عن العنف والنهب الذي رافق اول ايام الاحتجاجات متعهدا بألا يدع «ذلك يتكرر».
وقال في خطابه امس الأول «آمل أن يكون جورج يشاهدنا من السماء ويفكر بأن ما يجري في بلاده أمر عظيم جدا. هذا يوم عظيم بالنسبة له، هذا يوم عظيم للجميع».
وفسرت تعليقاته حول جورج فلويد أيضا على أنها مقاربة مثيرة للدهشة، حيث ربط بين ذلك التطور الإيجابي على الصعيد الاقتصادي، وحدث مؤلم يهز الولايات المتحدة.
لكن البيت الأبيض احتج على هذه المقاربة «الخاطئة» لتصريحات ترامب.
وكتب بين ويليامسون أحد مستشاري ترامب حول الاتصالات، في تغريدة أن «الرئيس كان يتحدث بوضوح عن الكفاح من أجل عدالة منصفة والمعاملة المنصفة أمام القانون، حين أدلى بذلك التعليق».
كذلك، أثار خيار ترامب التكلم باسم الضحية فلويد انتقادات لاذعة.
وقال المرشح الديموقراطي للانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر جو بايدن إن «الكلمات الأخيرة لجورج فلويد - «لا أستطيع أن أتنفس، لا أستطيع أن أتنفس» - دوى صداها في كافة أنحاء بلدنا».
وأضاف نائب الرئيس السابق باراك أوباما في خطاب «أن يحاول الرئيس وضع كلمات أخرى على لسان جوروج فلويد، هو أمر بغيض بصراحة».
وفي الشارع، نظمت أوسع احتجاجات في عدة مدن ونظمت مراسم تكريم إضافية لفلويد في ريفورد بكارولاينا الشمالية، الولاية التي ولد فيها، في أعقاب مراسم أولى أجريت في مينيابوليس الخميس.
أما في منيابوليس، حيث توفي جورج فلويد (46 عاما)، فقد أيدت قيادات ديموقراطية في تصويت بالمدينة منع استخدام تقييد المشتبه بهم باستخدام الركبة أو أوضاع الخنق، لكن الأمر يحتاج إلى موافقة قضائية قبل سريانه.
وقال حاكم كاليفورنيا جافين نيوسوم، وهو ديموقراطي أيضا، إنه سيمنع وكالة تدريب قوات الشرطة في الولاية من تعليم أفرادها طريقة تقييد المشتبه بهم التي تعتمد على الضغط على الشريان السباتي في الرقبة.
كما قال آندرو كومو حاكم ولاية نيويورك إن على ولايته أن تقود مساعي لإقرار إصلاحات تتضمن إتاحة الاطلاع على سجلات تأديب أفراد الشرطة وحظر وسائل التقييد بالخنق.
وأضاف كومو، وهو ديموقراطي أيضا، في بيان «قتل فلويد كان نقطة تحول.. الناس يقولون كفى.. يجب أن نتغير».
ووسط اتهامات باستخدام الشرطة القوة المفرطة خلال الاحتجاجات مستمرة، أمر قاض اتحادي شرطة مدينة دنفر بالكف عن استخدام الغاز المسيل للدموع والطلقات البلاستيكية وأدوات القوة الأخرى «الأقل فتكا» مثل قنابل الصوت ضد المحتجين في المدينة.
ويأتي هذا القرار ردا على دعوى قضائية محلية أقامها محتجون. وقال متحدث باسم شرطة دنفر إن القوة ستلتزم بقرار القاضي.
تحالف ميركل ينتقد قرار ترامب خفض قواته في ألمانيا بدون تشاور
عواصم - رويترز: انتقد نواب بارزون من التكتل المحافظ الحاكم لألمانيا بقيادة المستشارة أنجيلا ميركل، قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب إخراج 9500 جندي أميركي من ألمانيا.
وستقلل الخطوة عدد القوات الأميركية في ألمانيا من 34500 إلى 25 ألفا.
وقال يوهان فادفول المتحدث باسم السياسة الخارجية لتكتل حزبي الاتحاد الديموقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي في البرلمان لـ «رويترز»: «الخطط تظهر مجددا أن إدارة ترامب تتجاهل مهمة مبدئية في القيادة ألا وهي مساهمة شركاء التحالف في عمليات صنع القرار».
وأضاف ان كل الدول المشاركة في حلف شمال الأطلسي تستفيد من ترابط الحلف بينما يصب الخلاف في صالح الصين وروسيا، وقال: «يجب أن يحظى هذا بمزيد من الاهتمام في واشنطن».
كما اعتبر فادوفول أن ذلك يشكل «جرس إنذار آخر» للأوروبيين لوضع أنفسهم في موقع أفضل فيما يتعلق بالسياسة الأمنية.
وأحجمت وزارة الخارجية الأميركية عن التعليق.
وقال أندرياس نك، وهو عضو أيضا في لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، لدويتشه فيله إن الدلائل تشير إلى أن «القرار ليس فنيا بل لدوافع سياسية بحتة».
وقال مسؤول أميركي طلب عدم نشر اسمه إن هذه الخطوة كانت نتيجة عمل استمر شهورا من جانب الجنرال مارك ميلي رئيس هيئة الأركان الأميركية المشتركة وليست لها علاقة بالتوترات بين ترامب والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل التي أحبطت خطة ترامب استضافة اجتماع لمجموعة السبع هذا الشهر. وقد أثار القرار غضب ترامب الذي اعلن أن المجموعة «G7» عفى عليها الزمن واعلن عزمه توسيعها.
وتمثل هذه الخطوة أحدث تطور في العلاقات بين برلين وواشنطن التي كثيرا ما شابها التوتر خلال رئاسة ترامب. وحث ترامب ألمانيا على زيادة الإنفاق الدفاعي واتهم برلين بأنها «أسيرة» لروسيا بسبب اعتمادها عليها في مجال الطاقة.
وكان مسؤول أميركي كبير آخر في الإدارة الأميركية قال إن الجنود الذين سيتم سحبهم سيرسلون إلى مناطق أخرى بعضهم إلى پولندا والبعض إلى دول أخرى حليفة في حين سيعود البعض إلى الولايات المتحدة.
وأضاف هذا المسؤول إن الحاجة لوجود هذه القوة الكبيرة في ألمانيا قلت نتيجة الزيادة العامة في الإنفاق الدفاعي من قبل حلف شمال الأطلسي الذي تقوده أميركا.
وقال المسؤول إن أوامر هذا التغيير وردت في مذكرة وقعها في الآونة الأخيرة روبرت أوبراين مستشار الأمن القومي. وأضاف المسؤول ان الولايات المتحدة بدأت العمل بشأن هذه الخطة في سبتمبر وانتهت للتو من استكمالها.
وقال البيت الأبيض إنه ليست لديه بيانات ولكن ترامب «يقوم بشكل مستمر بتقييم أفضل الأوضاع للقوات المسلحة الأميركية».
وقال جون يوليوت المتحدث باسم مجلس الأمن القومي إن الولايات المتحدة مازالت ملتزمة بالعمل مع ألمانيا بشأن الدفاع وقضايا أخرى.