أحيت الولايات المتحدة عيدها الوطني أمس، في ظروف استثنائية تختلف كليا عن تلك التي رافقت احياء هذه الذكرى على مدى العقود الماضية. الاحتفالات جاءت بعد يوم من تسجيل عدد قياسي من الاصابات بفيروس كورونا المستجد، وطغت فيها أصوات المحتجين المنددين بالارث العنصري الذي مازال ماثلا، على اصوات الالعاب النارية التي تعتبر واحدة من ابرز الفعاليات.
ليلة العيد الوطني، وبعيدا عن واشنطن، أشاد الرئيس دونالد ترامب أمام جبل راشمور العريق بالولايات المتحدة «الاستثنائية» ودان «العنف والفوضى» اللذين تسببت بهما التظاهرات المناهضة للعنصرية، كما تحدث باقتصاب عن وباء كوفيد-19 في بلد قلق.
وحضر الرئيس الأميركي الذي يواجه انتقادات حادة لإدارته الوباء، حفل الألعاب النارية والقى خطابا قاسيا جدا في منطقة مؤيدة له.
وتحدث الملياردير النيويوركي أمام تماثيل حفرت في الصخر لأربعة من الرؤساء السابقين اشاد بهم مطولا، وهم جورج واشنطن وتوماس جيفرسون وتيودور روزفلت وأبراهام لينكولن.
وتحت سماء صافية وأمام حشد يردد «أربع سنوات أخرى»، قدم ترامب نفسه قبل أربعة أشهر من الانتخابات الرئاسية على أنه المدافع عن «سلامة» بلده.
وقال «سنقول الحقيقة كما هي، وبدون أن نعتذر: الولايات المتحدة الأميركية هي أكثر بلد عادل واستثنائي وجد على الأرض».
واجتذب الحدث نحو 7500 شخص تكدسوا في مدرج والكثير منهم لم يلتزم باستخدام الكمامة في مخالفة لإرشادات مسؤولي الصحة العامة الذين حثوا الأميركيين على تجنب التجمعات الكبيرة لإبطاء انتشار «كوفيد-19».
وفي أوج جدل حول رموز تاريخ البلاد المخضب بالحروب الاهلية والعبودية أطلق ترامب أبشع الاوصاف على المحتجين المناهضين للعنصرية معتبرا أنهم «غوغاء غاضبون» حاولوا تحطيم تماثيل لقادة الكونفدرالية وشخصيات تاريخية أخرى، يشنون «حملة تهدف إلى محو تاريخنا وإلغاء قيمنا وأدلجة أطفالنا».
وأضاف أن «الفوضى العنيفة التي رأيناها في شوارعنا ومدننا هي نتيجة سنوات من الأدلجة القصوى والانحياز في التعليم والصحافة وغيرها من المؤسسات الثقافية».
وكان موت الأميركي من أصول أفريقية جورج فلويد اختناقا بعدما أوقفه شرطي أبيض في مينيابوليس في 25 مايو، شرارة التظاهرات غير المسبوقة منذ المسيرات الكبرى لحركة الحقوق المدنية في ستينات القرن الماضي.
ووعد ترامب الذي يواجه انتقادات حادة أيضا بسبب موقفه من الاحتجاجات، بألا يمس جبل راشمور وبأنه لن يلغي الشرطة أو حق حيازة السلاح.
وقال «إنهم يريدون إسكاتنا لكننا لن نسكت»، مؤكدا أنه «حان الوقت للتحدث بصوت عال وقوي وللدفاع عن سلامة بلدنا».
وأضاف «لا يكون لديكم شك، ثورة الثقافة اليسارية تلك تهدف للإطاحة بالثورة الأميركية.. يتعلم أطفالنا في المدارس أن يكرهوا بلدهم».
وكرر قائلا «الغوغاء الغاضبون يحاولون تحطيم تماثيل المؤسسين لبلادنا وتشويه أكثر النصب التذكارية قدسية لدينا وإطلاق موجة من الجرائم العنيفة في مدننا».
وأضاف «ثمة فاشية جديدة تنتمي لليسار المتطرف تطلب الولاء المطلق. إذا لم تتحدث بلغتها وتنفذ طقوسها وتردد تعاويذها وتتبع وصاياها فستتعرض للرقابة والابعاد وتدرج في قائمة سوداء وتتعرض للملاحقة والعقاب. لن يحدث هذا لنا».
ولم يشهد الموقع عرضا للألعاب النارية منذ 2009 بسبب مخاوف بيئية. ويدافع ترامب عن استئناف العروض كما تقول الولاية إن حالة الغابة المحيطة تحسنت منذ ذلك الحين وإن تقنيات الألعاب النارية تطورت.
وأظهر تسجيل فيديو نشر على مواقع للتواصل الاجتماعي على الإنترنت اعتقال السلطات لبعض المحتجين من السكان الأصليين بعد أن قطعوا طريقا مؤديا لجبل راشمور. وانتقد السكان الأصليون زيارة ترامب بسبب خطر نشر العدوى ولأنها تحتفل بالاستقلال الأميركي في منطقة تعتبر مقدسة بالنسبة لهم.
وتزامن حضور ترامب لهذا الحدث مع تسجيل سبع ولايات أميركية لأعداد إصابة قياسية جديدة بكوفيد-19 ووصول الفيروس لدائرة مقربة من الرئيس.لكنه لم يتطرق إلى بلوغ عدد الإصابات بالفيروس رقما قياسيا جديدا تجاوز 57 ألفا في يوم واحد أمس الأول.
واكتفى بتوجيه شكر مختصر للذين «يعملون بلا كلل لقتل فيروس» كورونا المستجد.
وكان ترامب برر ذلك الارتفاع بأن «فحوصنا واسعة جدا وجيدة جدا»، ووصف ذلك بـ«النبأ العظيم». إلا أن خبراء الصحة يؤكدون أن المعدل مازال قليلا بالمقارنة مع عدد السكان ومازال بعيدا عن دول أخرى، مشيرين إلى أن ذلك لا يفسر ارتفاع عدد الإصابات.
كما يشيرون إلى أن عدد الوفيات يميل إلى الارتفاع في الاسابيع المقبلة بسبب ارتفاع عدد الإصابات.
من جهته، أرجأ نائب الرئيس الأميركي مايك بنس رحلة إلى ولاية أريزونا خلال الاسبوع الجاري بعدما ظهرت أعراض كورونا على عدد من حراسه التابعين للخدمة السرية المكلفة حماية الشخصيات، بينما بدأ هو وعدد من الجمهوريين يشددون على أهمية وضع الأقنعة الواقية.