توفي في الثاني من سبتمبر الجاري عن 77 عاما الجلاد السابق لنظام الخمير الحمر في كمبوديا «دوتش» الذي كان يدير أسوأ مركز اعتقال في عهد نظام الخمير الحمر ويمضي حكما بالسجن المؤبد.
وفيما يلي بعض النقاط لفهم الوقائع وعمل القضاء وخيبة أمل المراقبين من العدد القليل للأحكام التي صدرت:
مليونا ضحية
استولت حركة الخمير الحمر الثورية على السلطة في كمبوديا في 17 ابريل 1975. وأراد بول بوت مستفيدا من دعم صيني بناء النموذج الماركسي المثالي، فألغى الدين والمدارس والعملة، وأخلى المدن لصالح المزارع الجماعية في الأرياف.
وضاعف النظام عمليات التطهير بحجة وجود «مؤامرات». وقضى نحو مليوني كمبودي يشكلون ربع سكان البلاد،، بسبب الانهاك والامراض والجوع او التعذيب والاعدام.
وأطاحت ڤيتنام بنظام الخمير الحمر في السابع من يناير 1979، بعدما تحالفت مع عناصر سابقين في الحركة بينهم هون سين رئيس الوزراء الحالي.
وبات الخمير الحمر متمردين في شمال البلاد وغربها بدعم عسكري من بكين وموافقة من الولايات المتحدة المناهضة لنظام هانوي.
وانهارت الحركة في نهاية تسعينات القرن الماضي.
أحكام على ثلاثة من القادة
بعد مفاوضات شاقة استمرت لسنوات، وقعت كمبوديا والأمم المتحدة في 2003 اتفاقا لإنشاء «الغرف الاستثنائية داخل المحاكم الكمبودية».
ومهمة هذه المحكمة المؤلفة من قضاة كمبوديين ودوليين هي محاكمة كبار مسؤولي النظام. واستبعدت عقوبة الإعدام وكذلك إمكانية دفع تعويضات مالية للضحايا.
وشكلت المحكمة فعليا في 2006 وكلفت مئات الملايين من الدولارات ولم تصدر أحكاما سوى على ثلاثة أشخاص:
الأول هو كايع غيك اياف المعروف باسم «دوتش» مدير سجن تول سلينغ في بنوم بنه حيث خضع حوالي 15 ألف شخص للتعذيب قبل إعدامهم. وقد توفي مؤخرا بعدما حكم عليه بالسجن المؤبد في 2012 بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.
أما الثاني فهو نون شيا منظر النظام، والثالث خيو سامفان منظر النظام اللذان حكم عليهما بالسجن المؤبد أيضا لجرائم ضد الإنسانية وأعمال إبادة بعد إدراءات استمرت أكثر من سبعة أعوام. وتوفي نون شيا في 2019 عن 93 عاما.
ومثل شخصان آخران أمام المحكمة هما: وزير الخارجية في النظام اينغ ساري الذي توفي خلال محاكمته، وزوجته اينغ ثيريت وزيرة الشؤون الاجتماعية التي كانت مصابة بالخرف وتبين أنها غير مؤهلة للمحاكمة أفرج عنها وتوفيت بعد ذلك.
خيبة أمل عائلات الضحايا
رحب المراقبون بالاعتراف بتهمة الإبادة الجماعية لأول مرة في 2018 أي بعد 40 عاما من فظائع الديكتاتورية الماوية المتطرفة، لكن العملية برمتها اعتبرت مخيبة للآمال.
وأفلت العديد من القادة من حكم العدالة. ولم تتم محاكمة بول بوت «الأخ الأول» الذي توفي عام 1998، وكذلك تا موك القائد المرعب للمنطقة الجنوبية الغربية من كمبوديا الذي توفي عام 2006.
ولم يحاسب آلاف المسؤولين والمقاتلين من ذوي الرتب الدنيا على أفعالهم، إذ إن صلاحيات المحكمة تقتصر على القادة. ولن يحاكم أي قائد آخر للخمير الحمر.
وقد رغب رئيس الوزراء الكمبودي هون سين الذي يحكم منذ 35 عاما، وباسم الوحدة الوطنية، في أن تنتهي المحاكمات بعد صدور الأحكام على «دوتش» ونون شيا وخيو سامفان، وهو نفسه مقاتل من الخمير الحمر انشق عن النظام وفر إلى ڤيتنام عام 1977 ليعود بعد ذلك من هانوي مع القوات التي حررت وأنهت كابوس الإبادة الجماعية. ودان النقاد هون سين واتهموه بالتدخل في سير المحكمة.