يبدو أن تداعيات المناظرة الرئاسية الأولى التي وصفت بـ «الأسوأ في تاريخ أميركا»، بين الرئيس دونالد ترامب وخصمه الديموقراطي جو بايدن، ستستمر طويلا، خصوصا على ترامب الذي أثار استياء واسعا ان لجهة تصريحاته المستفزة أو أدائه طوال الـ 90 دقيقة التي استغرقتها.
وفي مسعى منه إلى تهدئة الغضب بعد رفضه التنديد صراحة بالمجموعات اليمينية المتطرفة التي تنادي بنظرية تفوق العرق الأبيض، دعا ترامب تلك الميليشيات شبه المسلحة التي نزلت الى الشوارع لمواجهة الاحتجاجات ضد العنصرية، إلى «ترك الشرطة تقوم بعملها». وفي تزييف واضح لموقفه تراجع ترامب، وقال «أنا لا أعرف من هم براود بويز»، رغم أنه دعاها خلال المناظرة إلى «التراجع والاستعداد». وأضاف «الأمر الوحيد الذي يمكنني قوله هو أنه يجب عليهم أن يتراجعوا ويتركوا سلطات تطبيق القانون لتقوم بعملها».
وأتى تصريح ترامب غداة السجال الحاد الذي تسببت به تهربه من سؤال المذيع كريس والاس حول ما اذا كان مستعدا لأن يدين صراحة تلك الجماعات، فلم يفعل بل قال انه يدعو جماعة «براود بويز» إلى «التراجع والاستعداد».
وبدا أن الجماعة اليمينية شبه العسكرية أعجبت كثيرا بما قاله ترامب، إذ سارعت إلى تحويل جملته هذه شعارا اعتمدته على حساباتها في مواقع التواصل الاجتماعي.
وجاء تراجع ترامب بعدما نأى عدد من الجمهوريين بأنفسهم عن تعليقاته. وقال السيناتور تيم سكوت، الجمهوري الأسود الوحيد في مجلس الشيوخ الأميركي، إن على ترامب أن «يصحح» تصريحاته.
وكذلك فعل زعيم الغالبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل.
واحتلت «المناظرة - الفضائحية» العناوين لما اتسمت به من فوضى وإهانات شخصية وصراخ ومقاطعات مستمرة. وذهب الاستياء الى حد إطلاق دعوات من بعض المعلقين إلى إلغاء المناظرتين المتبقيتين.
وهو ما دفع اللجنة المنظمة للمناظرات للإعلان عن عزمها تطبيق إجراءات جديدة لمساعدة مديريها في «الحفاظ على النظام» في المناظرتين القادمتين.
واستأنف الخصمان حملتهما حيث انطلق بايدن في قطاره الانتخابي بجولة على ولايتي أوهايو وبنسلفانيا العماليتين، ومن هناك استأنف هجومه على ترامب مستغلا سقطته تلك، وقال في الاينس بولاية أوهايو «أجد أن سلوك رئيس الولايات المتحدة عار وطني».
وإذ هاجم بشدة عدم إدانة الرئيس صراحة للجماعة المتطرفة، قال بايدن «رسالتي إلى براود بويز وكل جماعة تنادي بتفوق العرق الأبيض هي: توقفوا وكفوا»، مضيفا «هذا مناف لمبادئنا كأميركيين».
وخلال توقف القطار في غرينسبرغ ببنسلفانيا، حيث انتظره المئات في أكبر تجمع مؤيد لبايدن منذ أزمة الوباء، قال بايدن «لديهم شعار جديد الآن، حرفيا، يقول (تراجعوا واستعدوا) أي أنه في حال خسر الانتخابات، ربما يتعين القيام بشيء ما».
كما هاجم بايدن، خصمه الجمهوري لامتناعه عن مخاطبة الأميركيين بشأن المصاعب التي يواجهونها جراء أزمة كوفيد-19.
وحمل عليه أيضا بسبب تشكيكه بمصداقية الانتخابات الأميركية وقوله إن الاقتراع البريدي ستشوبه عمليات «تزوير لم تروا مثيلا لها من قبل».
ويسعى بادين للتقرب من طبقة العمال والعودة إلى جذوره. وفي هذا السياق، قبل دعم «جمعية النجارين الأميركيين» التي تضم 550 ألف عضو.
وإلى بايدن تواصل سيل الانتقادات لأداء ترامب خلال المناظرة، حيث أظهرت استطلاعات للرأي أجريت بعد المناظرة تقدما طفيفا لبايدن.
وقالت رئيسة مجلس النواب الديموقراطية نانسي بيلوسي في تصريح على شبكة إم إس إن بي سي «رأيتم انهيارا عصبيا سياسيا. لم يحترم أبدا كرامة منصبه».
في مقابلة مع شبكة سي.إن.إن ألمحت السيناتور كمالا هاريس المرشحة لمنصب نائب الرئيس على بطاقة بايدن، إلى أنه من غير المرجح أن ينسحب المرشح الديموقراطي من المناظرتين القادمتين.
وقالت هاريس «جو بايدن لن يرفض التحدث إلى الشعب الأميركي». حيث من المقرر إجراء المناظرة الثانية في 15 أكتوبر في ميامي.
من ناحيته توجه ترامب جوا إلى دولوث في ولاية مينسوتا في الوسط الغربي التي فازت بها هيلاري كلينتون بفارق ضئيل عام 2016، لتجمع مع أنصاره في الهواء الطلق.
وقالت آلي إيد (29 عاما) التي كانت تقف مع العديد من المؤيدين تحت رذاذ المطر، إنها لم تشعر بالاستياء إزاء تصريحات ترامب الحادة خلال المناظرة. واعتبرت «أنه يعبر بصراحة عن آرائه ويشرحها لهذا يدعمه الكثير من الناس».
واجتذبت المناظرة جمهورا أصغر بكثير من الرقم القياسي الذي سجل قبل أربع سنوات، وفقا لبيانات نيلسن، وشاهدها ما يقدر بنحو 73.1 مليون شخص عبر 16 شبكة أي أقل من الرقم القياسي البالغ 84 مليونا الذين شاهدوا مناظرة ترامب والسيدة الأولى السابقة هيلاري كلينتون منافسته في انتخابات عام 2016. ويمثل هذا انخفاضا 13% عن الرقم المسجل عام 2016.
إلى ذلك، أعلنت إدارة الرئيس الأميركي أنها تعتزم السماح بقبول 15 ألف لاجئ فقط في الولايات المتحدة في السنة المالية 2021، لتحدد بذلك مستوى قياسيا منخفضا جديدا في تاريخ برنامج اللجوء الحديث.
وقالت وزارة الخارجية إن الاقتراح يعكس إعطاء الإدارة الأولوية «لسلامة ورفاهية الأميركيين، لاسيما في ضوء استمرار جائحة كوفيد-19».
ويتضمن الاقتراح حصصا محددة للاجئين الذين يعانون أو يخشون الاضطهاد بسبب الدين، واللاجئين من العراق الذين ساعدوا الولايات المتحدة وكذلك اللاجئين من السلفادور وغواتيمالا وهندوراس وهونغ كونغ وكوبا وفنزويلا.
لكن هذا العدد يبدو أقل بكثير من ذلك الذي تعهد به منافسه بايدن، الذي وعد بزيادة العدد إلى 125 ألف لاجئ سنويا إذا فاز.