أثار الرئيس الأميركي دونالد ترامب موجة من الانتقادات الحادة لتعريضه حياة المحيطين به وفريق حراسته لخطر الاصابة بفيروس كورونا المستجد، واستأنف حملته الانتخابية «افتراضيا» عبر توتير لتعويض ما فاته نتيجة تعليق مشاركته فيها ميدانيا حتى التأكد من شفائه. وفي اطار محاولات التعويض، اراد ترامب إرسال رسالة تطمين لأنصاره بخروجه لبرهة من مستشفى والتر ريد العسكري لإلقاء التحية على عدد منهم تجمعوا خارجها.
وهذا ما أثار موجة غضب عارمة خاصة من الفرق الطبية، ورغم أنه كان يضع الكمامة عندما لوح بيده من داخل سيارته المصفحة خلال الجولة والتي جاءت على ما يبدو لاستعادة التحكم بالحديث عن حالته الصحية، بعد تصريحات ومعلومات متضاربة.
وشكى خبراء من أن خروجه من المستشفى ينتهك تدابير الصحة العامة التي فرضتها حكومته والتي تطلب من المرضى عزل أنفسهم خلال فترة العلاج.
وترامب الذي كثيرا ما تعرض للانتقاد لاستخفافه بإرشادات الصحة العامة ونشر معلومات مضللة حول الوباء، نشر فيديو قبل الجولة على تويتر قال فيه إنه «تعلم الكثير عن كوفيد ـ 19» في صراعه مع الفيروس، وتابع «إنها المدرسة الحقيقية».
لكن خبراء الصحة سارعوا إلى وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي لانتقاد «الحملة» التي قالوا إنها تظهر أنه لم يتعلم شيئا على الاطلاق.
وقال كبير الخبراء المكلفين بحالات الكوارث في جامعة جورج واشنطن «كل شخص كان في السيارة خلال تلك الجولة الرئاسية غير الضرورية إطلاقا، يتعين الآن أن يخضع للحجر الصحي لـ 14 يوما».
وأضاف «قد يمرضون، قد يموتون. من أجل استعراض سياسي. تلقوا أمرا من ترامب لتعريض حياتهم للخطر للقيام بعرض. هذا جنون».
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جاد دير إنه تم اتخاذ الاحتياطات «المناسبة» لحماية ترامب وفريق دعمه، بما يشمل مستلزمات الوقاية.
وأضاف «الخطوة تلقت موافقة من الفريق الطبي باعتبارها مأمونة».
غير أن رئيس دائرة الاخلاق الطبية وسياسات الصحة في جامعة بنسلفانيا زيكي إيمانيويل، وصف جولة ترامب بـ «المعيبة»، وكتب على تويتر «جعل عناصر حمايته الخاصة في نفس السيارة مع مريض بكوفيد ـ 19، ونوافذها مغلقة أيضا، عرضهم من دون داع لخطر الإصابة بالعدوى. ومن أجل ماذا؟ حملة علاقات عامة».
وتزيد الخطوة من الاتهامات لترامب بأن يكون قد عرض العديد من الأشخاص لخطر الاصابة حتى بعد معرفته بإصابته وإخفائه الامر، وقالت صحيفة «وول ستريت جورنال» إن الرئيس علم بإصابته بالفيروس لكنه لم يكشف عن نتيجته الإيجابية. وبحسب الصحيفة، فإن نتائج الفحص السريع أثبتت أن إصابة ترامب ظهرت مساء الخميس قبل ظهوره على شبكة «فوكس نيوز» في لقاء ولم يفصح عن إصابته بالفيروس وفضل الانتظار حتى اجراء الفحص الثاني الاكثر دقة.
ويشير جدول زمني عرضه مستشاروه وأطباؤه إلى أنه التقى بأكثر من 30 مانحا يوم الخميس في بيدمينستر بولاية نيوجيرسي، حتى بعد معرفة إصابة هوب هيكس مستشارته بالفيروس.
وحضر أكثر من 200 شخص حفل جمع التبرعات، فيما عملية تتبع المخالطين في نيوجيرسي تنظر في احتمال أن يكون آلاف الأشخاص قد تعرضوا للفيروس.
ورغم الانتقادات وفي محاولة على ما يبدو لاستدراك ما فاته من حملته الانتخابية المتعثرة ولتعويض تخلفه في الاستطلاعات خلف خصمه جو بايدن، لجأ الرئيس الأميركي من مقره في مستشفى والتر ريد العسكري إلى موقع التواصل الاجتماعي «تويتر». ونشر نحو 20 تغريدة خلال ساعة واحدة هاجم فيها خصومه الديموقراطيين، داعيا فيها الاميركيين للتصويت في الانتخابات الرئاسية المقررة في 3 نوفمبر. وحملت كل تغريدة شعارا من شعاراته وألحقها بكلمة «صوتوا».
وقال «السلام من خلال القوة، لنعد جنودنا إلى الوطن. صوتوا». وهو وعد كان قطعه بإنهاء مشاركة القوات الاميركية بحروب خارجية وإعادة الجنود المنتشرين في المناطق الساخنة.
وفي تغريدة أخرى موجهة لأنصاره من المتشددين وممن يدافعون عن حق الأميركيين في حمل السلاح، قال «لإنقاذ التعديل الثاني للدستور. صوتوا». وهاجم وسائل الاعلام في تغريدة ثالثة، وقال «حاربوا وسائل الاعلام والاخبار المزيفة. صوتوا».
وتطرق إلى النظام الصحي الذي كان أحد محاور الخلاف بينه وبين خصمه الديموقراطي جو بايدن خلال المناظرة الرئاسية الأسبوع الماضي، واضاف «لأجل نظام صحي أفضل وأرخص. صوتوا».
وفي محاولة لمغازلة كبار الناخبين من الاثرياء وعد «بتخفيضات أكبر في الضرائب»، وقال في تغريدة أخرى «اذا اردتم أكبر زيادة بالضرائب في تاريخنا والذي سيؤدي لاغلاق الاقتصاد وانخفاض في الوظائف، فصوتوا للديموقراطيين».
في تلك الأثناء، بدأ منافسه بايدن الذي أكد أن آخر فحوص كورونا التي أجريت له كانت سلبية، أسبوعه برحلة أمس إلى ولاية فلوريدا المهمة والمتأرجحة.
وكان استطلاع لـ «رويترز/ إبسوس» نشر اول من امس أشار الى أن بايدن يتقدم بعشر نقاط على ترامب على مستوى البلاد وهو ما يزيد قليلا عما كان عليه الأمر خلال الشهرين الماضيين. وقال نحو 65% من الأميركيين إن ترامب ما كان ليصاب بالمرض على الأرجح لو أخذ الفيروس على محمل الجد. وهو رأي أيده نصف الجمهوريين المسجلين الذين استطلعت آراؤهم. وقال 55% إنهم لا يعتقدون أن ترامب كان يقول الحقيقة عن الفيروس.
ومع وجود ترامب في المستشفى أعلنت حملته عن مشاركة نائب الرئيس مايك بنس وأكبر أبناء ترامب، وهما دونالد جونيور وإريك، في أنشطة الدعاية الانتخابية بدءا من يوم أمس.
ويواجه بنس المرشحة لمنصب نائب الرئيس في حملة الحزب الديموقراطي كامالا هاريس في مناظرة يوم الأربعاء.