أحمد سليمان
شهدت منطقة حوض البحر المتوسط تغيرات جذرية خلال السنوات الماضية بعد توقيع القاهرة وأثينا ونيقوسيا اتفاقا في 2014 للتعاون الثلاثي وتمحور في إعلان نيقوسيا في 2015 وضع شكل وأطر التعاون بين الدول الثلاث ومهد لإعادة رسم خريطة المنطقة بصورة جذرية وأسس لتحالف سياسي- استراتيجي قائم على المنفعة المشتركة بعد الاكتشافات الكبيرة لكميات النفط والغاز في الجرف القاري للحوض والتي قدرت بنحو 345 تريليون قدم مكعبة من الغاز وكميات ضخمة من الاحتياطيات النفطية تبلغ 3.4 مليارات برميل من النفط إلى جانب كميات كبيرة أيضا من سوائل الغازات.
شراكة استراتيجية
أسست القاهرة لآلية عمل تضمن التوازن الجيوسياسي وتدشن فصلا جديدا من فصول التعاون تضمن عدم إغراق المنطقة في صراع جيو- إستراتيجي وتمنع تحكم أحد في أمن الطاقة والهيمنة عليها، خاصة في ظل احتدام الصراع بين عدد من الدول الإقليمية والغربية على ثروات البحر المتوسط في المناطق الاقتصادية الخالصة وهو ما ورد في نص إعلان نيقوسيا الذي أكد تعزيز التعاون بين «مصر واليونان وقبرص» في مجال مكافحة الإرهاب والاستعداد له، ما دفع البعض الى تفسير الرسالة التي بعث بها الرئيس عبدالفتاح السيسي أول من أمس من نيقوسيا حول ضرورة التصدي للدول التي تدعم وتسلح وتمول الإرهاب وضرورة مواجهة الأعمال الاستفزازية شرقي المتوسط، بأنها قد تؤسس الى تحالف عسكري مقبل يضمن مصالح أطرافه لمواجهة أية تهديدات محتملة مستقبلا ويعيد النظر في الجغرافيا الاقتصادية للمنطقة، بما فيها الممرات الآمنة لخطوط أنابيب للنفط والغاز تزامنا مع تقوية مصر لقواتها البحرية وألويتها المقاتلة خلال السنوات الماضية لحماية مصاف النفط وحقول الغاز المكتشف في المسرح البحري.
وكانت وزير الدفاع الألمانية قالت في أغسطس الماضي إن الوضع في شرق المتوسط صعب ومعقد وقابل للانفجار ما يعني أنه يمثل تهديدا للاتحاد الأوروبي خاصة بعد ما بدأ الصراع على غاز شرق المتوسط يأخذ منحى تصاعديا منذ عدة شهور.
أهداف متعددة
يطرح التوجه السابق لمصر دلالات رئيسية أولها، الحرص على جذب شركات التنقيب العالمية للعمل لصالحها ضمانا لتصدير الغاز الى القارة الأوروبية من خلال منتدى الغاز الذي وضع ميثاقه في القاهرة مؤخرا، اعتمادا على محطات التسييل لديها الاستفادة من الاتفاقيات الموقعة.
ثانيهما توسيع عقود البيع طويلة الأمد مع الدول المستوردة للغاز في مواجهة النجاح الذي حققته روسيا في توقيع اتفاقية لنقل الغاز عبر بحر البلطيق للقارة الأوروبية.
ثالثهما تقليل المخاطر الجيوسياسية في استخراج الغاز باعتبار دولتي قبرص ويونان أعضاء في الاتحاد الأوروبي وكلاهما يرتبطان باتفاقيات اقتصادية وأمنية.