تحليل ـ أحمد سليمان
أثار موضوع منح الجنسية المصرية للراغبين من الأجانب شريطة إنشاء مشروع استثماري، أو إيداع مبلغ مالي بالعملة الأجنبية لم تحدد قيمته بعد، الكثير من الجدل حول جدوى تلك الخطوة، وهل ما اذا كان الهدف منها هو سياسي أم اقتصادي كما يقول أنصار مشروع القانون، خاصة أنه جاء بعد أشهر قليلة من إعلان الحكومة عن قرار يمنح بموجبه الأجنبي حق الإقامة لمدة خمس سنوات مقابل تملكه وحدة سكنية، طبقا للقانون رقم 230 لسنة 1996 في خطوة استهدفت ـ آنذاك ـ تنشيط حركة بيع العقارات وزيادة موارد الدولة الدولارية.
ورغم تأثر الدولة المصرية ـ تاريخيا ـ بعناصر وشعوب أخرى بحكم موقعها الجغرافي المتوسط، حيث إن بها خليطا من أجناس مختلفة جميعها انصهرت وأصبحت ذات مظاهر اجتماعية وثقافية واحدة، فإن الآراء تباينت حول مشروع القانون الحالي، حيث يرى أنصاره أنه جاء متأخرا فهو تعديل للقانون رقم 89 الصادر عام 1960 بشأن دخول وإقامة الأجانب ورقم 154 لسنة 2004 بشأن الجنسية المصرية، وأن أغلب دول العالم تمنح جنسيتها للأجانب وفقا للضوابط والقوانين، وأن هذه الخطوة ستنعكس إيجابا على تحقيق التنمية الاقتصادية وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية، حيث يضم التعديل 5 مواد رئيسية تحدد شروط منح الجنسية، وأن الموضوع ليس بمنطق البيع والشراء.
لكن يخشى في المقابل معارضو القانون من تطبيقه حاليا في ظل التوترات الأمنية التي تمر بها المنطقة العربية وزيادة عدد اللاجئين في مصر الى 5 ملايين، رغم التطمينات التي خرج بها المشرعون في هذا الشأن، خاصة والمتعلقة بحق التجنيس للأشقاء الفلسطينيين.
وبين من يرى أن الدولة تضع حاليا الإستراتيجيات والسياسات بما يضمن لها تحقيق التوازن مع عناصر التهديد المحيطة بها، اقتصاديا وأمنيا، ومن يقول أن الجنسية ليست عائقا أمام المستثمرين الأجانب، خاصة ما تجلى في الفترة الماضية من إشادات دولية بالمؤشرات الكلية للاقتصاد المصري وارتفاع قيمة الجنيه خلال الفترة الماضية أمام الدولار، واتفقت الآراء في الشارع المصري أن يلزم على الدولة حاليا الاستغلال الدقيق لعناصر القوى الشاملة لها لتتمكن من خلالها من القيام بالتقديرات الإستراتيجية لعلاقاتها الدولية والإقليمية التي تبنى على تبادل وتوازن المصالح بما فيها منح جنسيتها للراغبين من الدولة الأخرى، مع حساب دقيق لجنسيتهم الأخرى، حيث يعتبر الامن القومي لمصر متشعبا وينظر إليه في العلوم الإستراتيجية على انه ليس محدود بحدود معينة وتقاس درجته المحققة لدى الدولة كدليل على مهارة وقدرة النظام السياسي بها، كما أن المشرعين أكدوا أن عملية منح الجنسية ستخضع لشروط وضوابط أمنية دقيقة.