خديجة حمودة ووكالات
أكد وزير الخارجية سامح شكري عمق العلاقات المصرية ـ الروسية، موضحا أن العلاقات بين البلدين لها طابع تاريخي وممتدة لعقود طويلة مبنية على الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة.
وقال شكري، في مقابلة خاصة مع قناة «روسيا اليوم» امس على هامش زيارته الحالية لموسكو لحضور اجتماعات بصيغة 2+2 بين الجانبين المصري والروسي، ان زيارته الحالية لموسكو تأتي ضمن زيارات منتظمة وعديدة عقدت خلال السنوات الماضية تتيح المراجعة الشاملة في إطار ما تم التوقيع عليه من علاقة شراكة إستراتيجية شاملة بين البلدين.
وأضاف أن الزيارة بهدف دفع العلاقات الثنائية نحو الأمام والتنسيق فيما يتعلق بالأوضاع الدولية خاصة في منطقة الشرق الأوسط، والأوضاع الدولية بصفة عامة ذات الاهتمام المشترك.
وشدد وزير الخارجية على وجود توافق بين الجانبين حول أهمية تنمية العلاقات الثنائية خاصة في شقها الاقتصادي، وتناول كثيرا من القضايا الملحة في منطقة الشرق الأوسط المليئة بالتوترات، موضحا أنه يتم التنسيق والحوار وتبادل الرؤى حول أفضل الوسائل لاحتواء المشاكل.
وأشار شكري إلى أنه يتم التنسيق أيضا في العمل سواء في نيويورك أو جنيف أو فيينا، للإسهام في الاستقرار والأمن الدولي، موضحا أنه كلما كان هناك توافق بين دولة بحجم روسيا الاتحادية وقدراتها ودولة إقليمية بحجم مصر،أسهم في تعزيز الأمن والاستقرار العالمي.
وأكد على إجراء مشاورات في الماضي تناولت الملفات الأكثر حدة في المنطقة سواء الإيراني أو السوري، وما يعرف بـ «صفقة القرن»، مشددا على أنه سيتم التنسيق والتشاور حول هذه الملفات خلال الزيارة الحالية.
وحول القضية الفلسطينية وورشة العمل بالبحرين، أفاد شكري بأن الورشة تأتي بطرح من الولايات المتحدة في إطار الجهود المبذولة من قبل واشنطن للتوصل إلى حل نهائي للصراع الفلسطيني ـ الإسرائيلي، قائلا «ان رؤية مصر ترتكز في الأساس على مكون سياسي متصل بمقررات الشرعية الدولية والمبادرة العربية وحل الدولتين، لكن الجانب الأميركي فضل أن يطرح الجانب الاقتصادي أولا».
وأضاف «انه يحق للسلطة الفلسطينية تقييم هذا الشق ومدى تحقيقه للمصلحة الوطنية»، مؤكدا أن مدى قبوله هو قرار يرجع للسلطة الفلسطينية وليس أي طرف آخر أن يتناوله.
وأوضح أن مشاركة مصر في ورشة عمل البحرين جاءت بهدف تقييم الطرح ومدى انطباقه مع مصلحة الشعب الفلسطيني من حيث التقييم وليس من حيث الإقرار بهذا الطرح، قائلا «إن القرار النهائي في هذا الطرح يرجع إلى السلطة الفلسطينية نفسها».
وقال شكري، في تصريح خاص بحسب «روسيا اليوم» حول ما تردد عن وطن بديل للفلسطينيين في سيناء، «أتصور أن هذا الأمر تم التعبير عن رفضه التام على جميع المستويات من رئيس الدولة إلى جميع مؤسسات الدولة المصرية بأنه ليس هناك أي تنازل عن ذرة وحبة رمل من سيناء التي استشهد من أجلها مواطنون مصريون دفاعا عنها وسعيا لاسترجاعها».
وأكد وزير الخارجية أن مصر ترعى دائما الأشقاء في قطاع غزة وتقدم لهم كل الدعم والرعاية ومعبر رفح مفتوح بصفة دائمة لأكثر من عام لتوفير المساعدات الإنسانية والمواد الأساسية والخروج والدخول الآمن إلى غزة لأغراض الحج والعمرة والتعليم والصحة، لافتا إلى أن مصر تراعي أيضا في هذا الإطار أمنها القومي وضرورة الحفاظ على هذا الأمن من الاستهداف الدائم من قبل المنظمات الإرهابية في هذه البقعة الضيقة من شمال شرق سيناء والتي أسفرت الجهود المصرية من خلال الحملة الجارية حتى الآن من إنجازات ضخمة عن احتواء مخاطر الإرهاب من تدمير البنية الأساسية واستمرار توفير كل الرعاية للشعب الفلسطيني في غزة.
وأكد شكري أن مصر وروسيا تتفقان على ضرورة استقرار الوضع في منطقة الخليج، ومنع أي صراع آخر عسكري يؤدي إلى مزيد فقد المقدرات والموارد ويلهب المنطقة ويدخلها في بؤرة صراع جديدة يكون لها أثر في زعزعة الاستقرار وتحويل الاهتمام بعيدا عن الجهود المبذولة في تحقيق التنمية الاقتصادية ورعاية مصالح الشعوب.
وعن إسهام مصر في حل الأزمات بالمنطقة، قال وزير الخارجية «ان مصر عنصر مهم في معادلة الوضع الاستراتيجي بالمنطقة بفضل حجمها وجهودها المستمرة لتحقيق الاستقرار، كما أن لها علاقات وثيقة بأشقائها بدول الخليج ولها اهتمام بتحقيق الاستقرار بالمنطقة، وتعتبر أن أمن واستقرار دول الخليج جزء لا يتجزأ من الأمن المصري».
وأعرب شكري عن رفض مصر للتدخلات الإيرانية في الشأن العربي، ورفض أي تدخل إقليمي غير عربي في التأثير على الأمن القومي العربي والضغط عليه، داعيا إلى الابتعاد عن سياسات الهيمنة والتوظيف والتأثير بالوكالة، كما دعا إلى إقامة علاقات طبيعية متصلة بالمصالح والاحترام الكامل لسيادة الدول العربية واستقلاليتها وسلامة أراضيها.
وأشار إلى أن العلاقات بين مصر وإيران منقطعة منذ قيام الثورة الإيرانية وحتى الآن، مشيرا إلى أن مصر أعربت في كثير من الأحيان أهمية عدم تدخل إيران في الشأن العربي وضرورة عدم استغلال عناصر في المحيط العربي لزعزعة الاستقرار، وقال «انه عندما تتخذ إيران سياسات تقوم على مبادئ الاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية والسعي للمصالح المشتركة، ستكون هناك مجالات للاتصالات أو إقامة علاقات لكن علينا أن نستكشف إلى أي مدى هناك استعداد لدى الجانب الإيراني لاحترام هذه المبادئ».
وعن دور مصر في دعم الأزمة في اليمن، قال وزير الخارجية «إن مصر تدعم الشرعية اليمنية من خلال دورها في التحالف العربي بتأمين البحر الأحمر وتأمين منطقة باب المندب من أي اعتداء أو تجاوز، كما أنها تسعى إلى دعم المسار السياسي من خلال الأمم المتحدة والتنفيذ الكامل لاتفاقية استوكهولم للتوصل إلى حل سلمي في اليمن يؤدي إلى عودة الاستقرار على أساس مخرجات الحوار الوطني والمبادرة الخليجية»، مشيرا إلى استمرار مصر في دعم الشرعية اليمنية والعمل على حل الأزمة بعيدا عن الصراع العسكري.
وأعرب شكري عن رفضه للاعتداءات الحوثية على الأراضي السعودية، مشيرا إلى أن مصر أدانت تلك الاعتداءات في عدة بيانات وهي موجهة بشكل عشوائي وتستهدف المدنيين وهو أمر غير مقبول ومرفوض في القانون الدولي والإنساني ويجب أن يكف الطرف الحوثي عن هذه الممارسات التي تشعل الصراع أكثر وتؤدي إلى مزيد من التوتر ولا تتسق مع الجهود الرامية لمخرجات اتفاق استوكهولم.
وعن الأزمة في السودان، قال وزير الخارجية «إن مصر على اتصال بجميع الأطراف السودانية ومستمرة في الحوار مع جميع الأطراف من أجل تقريب وجهات النظر، ولا نرى أن هناك مجالا لطرح أي أفكار محددة لأن هذا شأن داخلي والاتصالات قائمة بين الأطراف، ويجب أن يكون حل الأزمة نابعا من حوار سوداني ـ سوداني وتوافق سوداني ـ سوداني، وعلى أساس الفكر السوداني وما يرتضيه الشعب السوداني بشكل كامل ويحقق مصلحته من خلال الحوار».