أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي، أن الإرهاب صناعة شيطانية أخطر ما فيها استخدام الفكر والعقيدة لتحقيق أهداف ومصالح سياسية... مشيرا إلى أن الإرهاب يمثل غطاء لكثير من الأهداف التي تسعى بعض الدول لتحقيقها، وتستخدم أدواتها ضد الإنسان وتقدمه لتحقيق أهدافها.
وقال الرئيس السيسي في مداخلة له خلال جلسة (التحديات الراهنة للأمن والسلم الدوليين) امس ضمن فعاليات النسخة الثالثة من منتدى شباب العالم المنعقد في مدينة شرم الشيخ إن مجابهة الإرهاب تحتاج إلى جهد دولي كبير، داعيا إلى التكاتف في دعم الدول التي تواجه الإرهاب، وطالب بأن يكون هناك موقف واحد ضد الدول التي تدعم الإهاب، قائلا «لابد أن نسمي الأسماء بمسمياتها».
وأشار السيسي إلى أهمية عقد المنتدى باعتباره فرصة للاستماع بشكل متنوع من شخصيات مختلفة لوضوع واحد، لافتا إلى أن الشباب هم أكثر الفئات المستهدفة من قبل التنظيمات الإرهابية.
ورحب السيسي بالمشاركين الذين أثروا الجلسة بشكل كبير ومتنوع في الموضوع الذي تم تناوله، وأقول «لشباب العالم إن الهدف من هذا المنتدى أن نسمع بعضنا البعض ونسمع التنوع في الفكر والتناول للموضوع الواحد».
وأشار الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى ضرورة إصلاح منظومة الأمم المتحدة لكي تستطيع أن تجابه التحديات التي تواجهنا، لافتا إلى أن الأمم المتحدة أنشئت منذ أكثر من 70 سنة في ظل ظروف دولية وإفراز الحرب العالمية الأولى والثانية، وكان لابد من وجود مؤسسة لديها القدرة لتواجه وتنظم السلام في العالم، وأتصور أننا بعد أكثر من 70 سنة نحتاج لأن نطور المنظومة حتى تستطيع أن نجابه التحديات التي تواجهنا أو نشأت وتطورت نتيجة التطور الإنساني الذي حدث في العالم، وتابع «لو معملناش كده ستبقى الأمم المتحدة هي هي تواجه بقوانين وقواعد وأدبيات ليست عصرية، هذا كلام كان معمولا به من 70 أو 80 سنة، والدنيا اتغيرت خالص والتحديات الموجودة أصبحت مختلفة وبالتالي نحتاج أن تطور الأمم المتحدة من نفسها في مواجهة هذه التحديات».
ودعا الرئيس عبدالفتاح السيسي شباب العالم إلى إدراك وتفهم أنه طالما ظلت هناك أهداف ومصالح سياسية ونفعية للدول فلن تنعدم الدول في استخدام وابتكار أدوات وأساليب جديدة لتحقيق أهدافها بغض النظر عما إذا كان ذلك يتسق مع ما تعلنه من قيم ومبادئ نظرية.
وقال السيسي «إن القضية التي نتحدث بصددها في جلستنا لا تكمن فقط في مناقشة كيفية التغلب على الإرهاب، ولكن ضرورة أن تعلموا كشباب أن الإرهاب ليس وليد اللحظة، بل تم استخدامه عبر سنوات طويلة لتحقيق أهداف سياسية ومصلحية.
وفى هذا الصدد، أوضح الرئيس السيسي أنه سيتحدث عن تجربة مصر في هذا الشأن حتى لا يسيء إلى أحد، فقد بدأ موضوع الإرهاب منذ سنوات طويلة ومنذ الخمسينيات، وكان له تأثيره الكبير وبخاصة على الشباب الذين هم الأكثر تضررا من تداعياته.
وأضاف «إنني حين أسعى لتحقيق الاستقرار في بلدي مصر والتنمية المنشودة نصطدم بعملية إرهابية أوعمليتين من شأنهما وقف أنشطة السياحة في مصر، مما يعني خسارة تصل إلى حوالي 15 مليار دولار وهو مبلغ كبير خاصة ونحن دولة ليست غنية، وليست من الدول الصناعية الكبرى ومواردنا محدودة، وبالتالي تدخل الدولة في أزمة كبيرة لمدة سنة أواثنتين أو ثلاث حتى يتم التعافي من تداعيات تلك العملية الإرهابية ونعود بعدها أفضل مما كان».
وتابع الرئيس السيسي قائلا «ما أقصده أن الإرهاب يبحث ويدبر كيفية تدمير دولة بحجم مصر يزيد عدد سكانها على 100 مليون نسمة، وكيفية تطويعها لتنفيذ الأوامر والتعليمات»، فخلف كل إرهاب مطالب خفية لا يعرفها المواطن البسيط، لكن السياسيين ورجال الدولة يعرفون الأهداف والنوايا الخفية للدول الداعمة للإرهاب بغض النظر عن كيف نشأ وتطور...لكن نحن نتحدث عن الإرهاب كظاهرة علينا أن نتعامل معها ونركز على كيفية مواجهتها، وعلينا ألا نخلط الأوراق عندما نتحدث عن الإرهاب، علينا أن نراعي اعتبارات الثقافة والفكر وتصويب الخطاب الديني حتى نقلل من استخدام هذه الأوعية لدعم وتطوير فكرة الإرهاب في العالم كله».
وقال الرئيس عبدالفتاح السيسي «إن المنتدى يعد فرصة للاستماع بشكل متنوع من شخصيات مختلفة لموضوع واحد، هذه نقطة أردت الحديث فيها، مؤكدا أن مجابهة الإرهاب تتطلب جهدا دوليا، وضرب مثلا بما حدث في دول الساحل والصحراء، آخرها منذ 3 أو 4 أيام حيث قتل أكثر من 70 جنديا في معسكرهم في عملية واحدة».
وأضاف الرئيس السيسي: لو تركنا دول الساحل والصحراء تواجه الإرهاب بمفردها بقدرات أمنية واقتصادية غير مستعدة سيؤدي ذلك إلى عملية نزوح كبيرة وتدمير للتنمية في دولنا الافريقية.
وتابع الرئيس «بدلا من الحديث عن جماعة إرهابية بنتكلم على دول إرهاب كما حدث من «داعش» في سورية والعراق».
وأكد على أهمية العمل الجماعي والتكاتف مع الدول التي تواجه الإرهاب، محذرا من أن الإرهاب ظاهرة تنمو ولا تقل.. داعيا شباب العالم إلى الانتباه جيدا لهذه النقطة، وقال: «أنا تحدثت في موضوع سورية وليبيا والعراق منذ 6 سنوات، وقلت إن أوروبا ستتضرر كثيرا من العناصر التي ستعود إليها بعد انتهاء مهمتها في سورية، وهذا ما نشاهده الآن، شايفين أوروبا عندها مشكلة بين قوانينها ومبادئها وبين مصالحها، فمصالحها تقول إنها لا تستقبلهم ولكن قوانينها ومبادئها تقول إنها تستقبلهم».
وأكد الرئيس السيسي على ضرورة اتخاذ موقف موحد وحازم تجاه الدول التي تدعم الإرهاب «مش معقول تبقى المصالح.. وده أمر لا نقدر ان نغفله، مصالح الدول هي التي في الغالب الحاكمة لمسار سياستها، لكن المخاطر التي ستترتب عن هذه الظاهرة تكبر في منطقتنا وفي افريقيا وستخرج للعالم كله، وستؤذيه».
وتابع «أسجل مرة أخرى لكي ننتبه لو معملناش ده ووقفنا أمام الدول وكان لنا موقف حاسم للدول التي تدعم الإرهاب وتستخدمه لتحقيق أهدافها ومصالحها».
وقال الرئيس عبدالفتاح السيسي - في مداخلته خلال جلسة «التحديات الراهنة لمواجهة الأمن والسلم الدوليين» ضمن فعاليات منتدى شباب العالم في نسخته الثالثة بشرم الشيخ أمس الأحد - «يوجد نقطة هامة لابد من الإشارة إليها والانتباه لها وهى أن هناك فرقا كبيرا للغاية بين القيم والمثل الإنسانية في تناول الموضوعات وبين المصالح وأدبيات السياسة الدولية، وعليكم ألا تخلطوا في فهمكم بين الاثنين، فعندما يكون الحديث عن القيم والمبادئ الإنسانية نتحدث كثيرا...لكن عندما تستدعي المصالح يتغير الكلام».
ووجه الرئيس السيسي شكره للدكتور عادل العدوي أستاذ مساعد العلاقات الدولية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة الذي ألقى كلمة خلال الجلسة، لأنني بطبيعتي أميل للشباب والفتيات كثيرا.
وأضاف أن تناول د.عادل العدوي للمسألة وحديثه عن التنافس الاستراتيجي بين القوي الكبري، يجعلني أتذكر مثلا سمعته من أشقائنا في أفريقيا وهو «عندما تتصارع الأفيال فلا تسأل عن العشب الأخضر والأشجار الصغيرة» بمعنى أنه لا بد من الانتباه إلى أن الدول الكبرى والمتقدمة لها أهدافها التي تسعى لتحقيقها بغض النظر عما قد ينتج عنها من أضرار على الدول الصغيرة وهذه هي طبيعة الحياة، حيث ان التدافع يعد أمرا ليس بالغريب فهو طبيعي في العالم الانساني الذي نحيا فيه، وتظل المصالح هي الأداة والمحرك الرئيسي لحركة الدول في العالم».
وتابع السيسي قائلا «عندما تتصارع الدول الكبرى، فالدول الصغيرة هي من تدفع الثمن، ولا بد أن تنتبه الدول الصغيرة لنفسها بشأن هذا الأمر».
واستذكر الرئيس السيسي ما كان قاله لصديقه ديمتيرى أفرامو بولس المفوض السابق الأوروبي لشؤون الهجرة في مصر بعد الثورة في عام 2013 عندما استقبله في القاهرة - وهو يحمل رسالة الهدف منها الاطمئنان على الأوضاع في مصر- قائلا إنني شرحت له الأوضاع وقتها... واذكره بذلك الآن وقد جاء اليوم ليشهد علي الطبيعة ما تحقق في مصر من إنجازات قياسا بالعديد من دول المنطقة التي مرت بنفس الظروف، متسائلا كيف كان سيصبح الوضع في مصر بحجم سكانها الكبير وشبابها الذي يتجاوز الـ 60 مليونا يتقاتل ويتنازع مع بعضه البعض.
وقال الرئيس السيسي «كان علينا في مصر مواجهة تحدى الإرهاب وتحقيق التنمية ورغم أن كثيرين منهم مفكرون ومثقفون وإعلاميون قالوا إن علينا أولا أن نتخلص من الإرهاب ونتبنى» اقتصاد حرب «ثم نتحدث عن التنمية إلا أننا اخترنا أن نسير في الطريقين معا لاننا نعلم أن هدف الإرهاب في مصر هو إيقاف التنمية».
وقال الرئيس عبدالفتاح السيسي «سوف أخبركم بنموذج يجب التركيز عليه جيدا لأنكم معنيين بالعالم ومستقبله، مثلا العراق حاربت داعش خلال الأربع سنوات الماضية، فهل كان العراق مهتما بالتنمية مثلما سار في مسار الحرب ضد الإرهاب، أتصور أن ذلك لم يحدث، وبالتالي عندما انتصر العراق على داعش، تساءل شبابها عن مستقبلهم، وعن التنمية، ثم لم يتحمل الشباب، فتحرك، وعندما تحرك كان من الطبيعي أن يريد هؤلاء الشباب التغيير من وضعه».
وأشار الرئيس السيسي إلى أن «الوضع في مصر كان مختلفا، فعندما تحركنا قلنا لا، حتى لو كانت ظروفنا الاقتصادية صعبة، نحن سنعمل بكل طاقتنا وكأن التنمية بنفس مستوى قتال الإرهاب، وكانت بالفعل بنفس مستوى قتال الإرهاب».
وأضاف «يجب أن أكون على علم بالفرق بين حاجات الدولة وحاجات الفرد، فحاجات الدول استقرار، وحاجات الفرد إنه يعيش، ويعمل، ويكون له منزل وأسرة، ولو أنا لم أفعل له ذلك، سيكون فهمنا لحاجات الأفراد منقوصا، وبالتالي عندما يتحركون سيكون هناك مشكلة كبيرة».