أكد الرئيس عبدالفتاح السيسي أن تحركات مصر في إطار الملف الليبي تهدف إلى التنسيق مع الأشقاء الليبيين لإرساء دعائم الأمن والاستقرار في كل أنحاء ليبيا، وذلك من خلال السعي نحو تسوية سلمية للأزمة تضمن وحدة المؤسسات الوطنية، والتوزيع العادل لعائد الثروات الليبية، ومنع التدخلات الخارجية التي تهدف بالأساس إلى تنفيذ مصالحها الخاصة على حساب الشعب الليبي.
وأعلن الرئيس عبدالفتاح السيسي عقب مباحثاته في قصر الاتحادية بالقاهرة امس مع كل من قائد الجيش الليبي خليفة حفتر ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، أنهما توافقا، على إطلاق (إعلان القاهرة)، متضمنا مبادرة ليبية ـ ليبية كأساس لحل الأزمة في ليبيا، وذلك في إطار قرارات الأمم المتحدة والجهود الدولية المتتالية وصولا إلى مخرجات مؤتمر برلين، حيث تدعو المبادرة إلى احترام تلك الجهود، ووقف إطلاق النار، وإلزام الجهات الأجنبية بإخراج عناصر المرتزقة من داخل الأراضي الليبية حتى تتمكن المؤسسات الأمنية الليبية من الاضطلاع بمسؤوليتها ومهامها، وذلك إلى جانب استكمال وتعزيز المسارات الموازية على الصعيد السياسي والاقتصادي.
وأكد الرئيس السيسي على الموقف الثابت للدولة المصرية تجاه القضية الليبية والذي يصب في إطار واضح وهو عودة ليبيا لأصحابها الأصليين.
وأوضح السفير بسام راضي المتحدث باسم رئاسة الجمهورية أن الرئيس عبدالفتاح السيسي شدد خلال المباحثات على أن مصر هدفها الرئيسي مصلحة الدولة والشعب الليبي ويجب أن تسمو فوق أي اعتبار، وشدد على أن مصر لم ولن تقم بأي اتصالات أو اتفاق أو تنسيق مع أي طرف على حساب المصلحة الليبية.
وقال الرئيس السيسي خلال مؤتمر صحافي مشترك مع صالح وحفتر عقب المباحثات الرسمية المغلقة: «أوجه حديثي إلى العالم أجمع فأقول بكل صدق إن هذين القائدين الليبيين قد برهنا أثناء اللقاءات التي جمعتهما خلال الأيام الماضية في القاهرة على رغبتهما الأكيدة في إنفاذ إرادة الشعب الليبي المتمثلة في أن يعرف الاستقرار طريقه مجددا إلى ليبيا وفي أن تكون سيادة ليبيا ووحدتها واستقلالها مصونة، لا يتم الافتئات عليها من كائن من كان»، مؤكدا ان مبادرة «إعلان القاهرة ستكون، إذا صدقت نوايا الجميع وخلصت، بداية لمرحلة جديدة نحو عودة الحياة الطبيعية والآمنة إلى ليبيا».
وقال الرئيس السيسي إنه: «انطلاقا من حرص مصر على تحقيق الاستقرار السياسي والأمني للدولة الليبية خاصة ان استقرار ليبيا هو جزء لا يتجزأ من استقرار مصر، وفي إطار العلاقات الخاصة التي تربط البلدين، فقد تمت دعوة رئيس البرلمان الليبي المستشار عقيلة صالح والقائد العام للقوات المسلحة الليبية المشير خليفة حفتر للحضور للقاهرة للتشاور حول تطورات الأوضاع الأخيرة في ليبيا، اللذين رحبا بالدعوة، حيث أسفر اللقاء عن التوافق على إطلاق إعلان القاهرة متضمنا مبادرة ليبية كأساس لحل الأزمة في ليبيا، في إطار قرارات الأمم المتحدة والجهود السابقة في باريس وروما وأبوظبي وأخيرا في برلين».
وأوضح أن «هذه المبادرة تدعو إلى احترام كل الجهود المبادرات الدولية والأممية، من خلال إعلان وقف إطلاق النار اعتبار من يوم 8 يونيو 2020، وإلزام كل الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة الأجانب من كل الأراضي الليبية، وتفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها، حتى يتمكن الجيش الوطني الليبي بالتعاون مع الأجهزة الأمنية من الاطلاع بمسؤوليتها ومهامة العسكرية والأمنية في البلاد بجانب استكمال أعمال مسار اللجنة العسكرية 5 + 5 بجنيف، برعاية الأمم المتحدة، كما تشمل المبادرة حل الأزمة من خلال مسارات متكاملة على كل الأصعدة السياسية والأمنية والاقتصادية، كما تهدف المبادرة إلى ضمان التمثيل العادل لكل أقاليم ليبيا الثلاثة في مجلس رئاسي ينتخبه الشعب تحت إشراف الأمم المتحدة لإدارة الحكم في ليبيا للمرة الأولى في تاريخ البلاد، ومن ثم الانطلاق نحو توحيد المؤسسات الليبية وتنظيمها بما يمكنها من أداء أدوارها، ويضمن التوزيع العادل والشفاف للموارد الليبية على كل المواطنين، ويحول دون استحواذ أي من الجماعات المتطرفة أو الميليشيات على مقدرات الدولة، إلى جانب اعتماد إعلان دستوري ينظم مقتضيات المرحلة المقبلة واستحقاقاتها سياسيا وانتخابيا».
وأعرب الرئيس السيسي عن تطلع مصر إلى ان تقوم كل الدول والقوى الإقليمية والدولية بمساندة ودعم هذه الخطوة البناءة «أملا في إنهاء الأزمة الليبية وعودة ليبيا بقوة إلى المجتمع الدولي»، داعيا الأمم المتحدة إلى القيام بمسؤوليتها بشأن دعوة ممثلي المنطقة الشرقية وحكومة الوفاق وكل الأطراف الليبية، بمن في ذلك ممثلون عن القوى السياسية والمجتمعية الليبية، للتوجه إلى مقر المنظمة الدولية بجنيف في تاريخ لاحق يتم الاتفاق عليه، لإطلاق العملية السياسية مرة أخرى، وذلك بحضور ممثلي الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي والاتحاد الأوروبي والجامعة العربية ودول الجوار الليبي وجميع القوى الدولية والإقليمية المعنية بالشأن الليبي.
من جهته، قال رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح، خلال المؤتمر الصحافي المشترك إن الجيش الليبي عندما تحرك إلى طرابلس لم يتحرك لمقاتلة الليبيين أو الاستيلاء على السلطة وإنما لمحاربة الإرهابيين الذين يسيطرون على العاصمة، وذلك وفقا لمهامه الدستورية والوطنية والأخلاقية في تطهير البلاد من هذه الجماعات والميليشيات المسلحة التي تخطف وتنهب وتبتز الليبيين.
بدوره، أشاد المشير خليفة حفتر بجهود مصر المبذولة لدعم الجيش الليبي في محاربة الإرهاب والتنظيمات الإجرامية وطرد المرتزقة من البلاد.
وجدد حفتر تأكيده المطلق على وحدة ليبيا وسيادتها وسلامة أراضيها وترابها الوطني، بالإضافة إلى القضاء على المجموعات الإرهابية المصنفة بقرارات مجلس الأمن، والدعوة إلى حوار ليبي بشكل فوري، يشارك فيه جميع الليبيين من أعيان ومشايخ القبائل والسياسيين والنشطاء ومنظمات المجتمع المدني والشباب مع مشاركة وتمثيل حقيقي للمرأة ويكون حوارا مجتمعيا ينتج مجلسا رئاسيا جديدا، وتشكيل وحكومة وحدة وطنية يستند إليها مهام تقديم أفضل مستوى من الخدمات للمواطنين.
المحاور الرئيسية للمبادرة المصرية
القاهرة - أ.ش.أ: تهدف مبادرة «إعلان القاهرة» إلى ضمان التمثيل العادل لكل أقاليم ليبيا الـ 3 في مجلس رئاسي ينتخبه الشعب تحت إشراف الأمم المتحدة لإدارة الحكم في ليبيا للمرة الأولى في تاريخ البلاد.
وتتمثل اهم محاور المبادرة في التالي:
1ـ التزام كل الأطراف بوقف إطلاق النار اعتبارا من الساعة السادسة صباح الغد بتوقيت ليبيا.
2ـ استكمال أعمال مسار اللجنة العسكرية 5+5 بجنيف برعاية الأمم المتحدة.
3ـ قيام الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بإلزام كل الجهات الأجنبية بإخراج المرتزقة الأجانب من كل الأراضي الليبية وتفكيك الميليشيات وتسليم أسلحتها.
4ـ إعادة سيطرة الدولة على كل المؤسسات الأمنية ودعم المؤسسة العسكرية (الجيش الوطني الليبي)، مع تحمله مسؤولياته في مكافحة الإرهاب وتأكيد دوره بالتعاون مع الأجهزة الأمنية والشرطية لحماية السيادة الليبية.
5ـ قيام كل إقليم من أقاليم البلاد الـ 3 (المنطقة الشرقية - المنطقة الغربية - المنطقة الجنوبية) بتشكيل مجمع انتخابي يتم اختيار أعضائه من مجلسي النواب والدولة الممثلين لكل إقليم بجانب شيوخ القبائل والأعيان ومراجعات نسبة تمثيل مقبولة للمرأة والشباب، في مدة لا تتجاوز 90 يوما.
6- حصول كل إقليم على عدد متناسب من الحقائب الوزارية طبقا لعدد السكان عقب التوافق على أعضاء المجلس الرئاسي الجديد وتسمية رئيس الحكومة على ألا يجمع أي إقليم أكثر من رئاسة للسلطات الثلاث (المجلس الرئاسي - مجلس النواب - مجلس الوزراء) بحيث يحصل إقليم طرابلس على 9 وزارات وإقليم برقة على 7 وزارات كذا إقليم فزان على 5 وزارات على أن يتم تقسيم الـ 6 وزارات السيادية على الأقاليم الثلاث بشكل متساو (وزارتان لكل إقليم)، مع تعيين نائبين لكل وزير من الإقليمين الآخرين.
7- اضطلاع مجلس النواب الليبيي باعتماد تعديلات الإعلان الدستوري من خلال لجنة قانونية يتم تشكيلها من قبل رئيس المجلس المستشار عقيلة صالح، وذلك عقب قيام اللجنة (تضم ممثلي أعضاء مجلسي النواب والدولة) بالاتفاق على النقاط الواجب تعديلها في الإعلان الدستوري مدة لا تتجاوز 30 يوما بدء من تاريخ انعقاد أول جلسة.
8- تحديد المدة الزمنية للفترة الانتقالية بـ 18 شهرا قابلة للزيادة بحد أقصى 6 أشهر، يتم خلالها إعادة تنظيم كل مؤسسات الدولة الليبية خاصة المؤسسات الاقتصادية الرئيسية (المصرف المركزي - المؤسسة الوطنية للنفط - المؤسسة الليبية للاستثمار) وإعادة تشكيل مجالس إدارة المؤسسات الأخيرة بما يضمن فعالية أداء الحكومة الجديدة وتوفير الموارد اللازمة لإدارة المرحلة الانتقالية انتهاء بتنظيم انتخابات رئاسية وبرلمانية.