بيروت - عمر حبنجر
خفضت الحرارة تحت مرجل تأليف الحكومة اللبنانية مع وصول الموفد الفرنسي جوزف دوريل، في مهمة عنوانها الكبير الحكومة والإصلاحات وضمن سطور تفصيلاتها العقوبات الفرنسية الأوروبية على الفاسدين ومعرقلي الحلول الحكومية، فضلا عن التضامن مع الشعب اللبناني.
ويحمل دوريل للمسؤولين اللبنانيين، المتكيفين مع حالة الاهتراء العام الناجمة عن الاستشراس الواسع للفساد على مختلف مستويات الحكم، مقررات مؤتمر دعم الجيش اللبناني برعاية فرنسا في باريس، استدراكا لانهياره كما مؤسسات الدولة الأخرى. في وقت وضعت فيه السلطة اللبنانية لائحة بالمواد الاستهلاكية التي سيرفع الدعم الحكومي عنها، وفي الطليعة الدواء والمحروقات التي بشر وزير الطاقة ريمون غجر برفع سعر صفيحتها (20 ليترا) من 45 ألف ليرة إلى 200 ألف ليرة، داعيا من لا يستطيع شراء البنزين بهذا السعر الى عدم استعمال السيارات، من دون ان يقدم البديل، بغياب وسائل النقل العام على اختلافها.
وقد حفلت مواقع التواصل الاجتماعي بالتغريدات والتعليقات الساخرة من وزير الكهرباء المقطوعة 24 على 24 الذي يريد الحاق البنزين والمازوت بالكهرباء، وكلاهما تحت وصاية وزارة الطاقة، وعبر مضاعفة اسعارها 4 مرات، كفصل من فصول المحافظة على احتياطي الدولار ومكافحة تهريب هذه المواد الى سورية، حيث تشتري المافيات المنظمة صفيحة البنزين المدعوم في لبنان بالسعر المعتمد (45 الف ليرة) لبيعه في سورية بـ235 ألف ليرة، أي بفائض ربح يوازي 185 ألف ليرة لبنانية.
الوزير غجر، وحيال ردود الفعل الشعبية والإعلامية الغاضبة، عاد وربط تنفيذ رفع الدعم بتوفير البطاقة التمويلية كحل واقعي، إلا ان هذه البطاقة غير جاهزة في المدى المنظور، ولا يتوقع ان تجهز قبل الانتخابات المقبلة، لغرض في نفس يعقوب!
إلى ذلك، كشف المستشار الإعلامي السابق لرئيس الجمهورية ميشال عون جان عزيز، عن ان ثمة باخرة بنزين مدعوم وصلت الى المرفأ، وقبل تفريغها تم بيعها نقدا بالدولار الى الخارج!
من جهتها، باريس استبقت وصول دوريل الى بيروت بإدراج اسم لبنان على اللائحة البيضاء التي تتيح السفر منه الى فرنسا والدول الأوروبية، إفساحا في المجال للتنقل وربما للسياحة اليه، وكذلك بمؤتمر دعم الجيش اللبناني.
أما نقطة الضعف التي أمكن تلمسها، فتتمثل في أمرين، بحسب المصادر المتابعة للأنباء، الأول: اقتصار المساعدات على الإنسانيات دون السلاح المتطور، كما حصل في مؤتمر روما، على سبيل المثال. والثاني ان هذه المساعدات لم تشمل القوى الأمنية اللبنانية (أمن داخلي وأمن عام ودولة وجمارك)، وهي مؤسسات تعيش معاناة الجيش اللبناني أيضا.
حكوميا، نقل قريبون من الرئيس المكلف سعد الحريري الى«النهار» البيروتية، انه يملك الخطة الإنقاذية، مؤكدا ان النهوض ليس مستحيلا، لكنه يحتاج الى جهد ووقت، معربا عن الأسف لخوض معارك من اجل حكومة لن يتجاوز عمرها عشرة اشهر من اليوم، بحكم الانتخابات النيابية المقبلة. ونقل القريبون من الحريري عنه رفضه التمديد لمجلس النواب بصورة قطعية، وقال: «اذا طرح التمديد للمجلس فسنستقيل منه حتما». بالمقابل، ذكرت مصادر التيار الحر ان رئيس الجمهورية ميشال عون تحضر لإطلاق مبادرة جديدة هادفة الى تشكيل الحكومة عبر كلمة متلفزة الى اللبنانيين تضع الاصبع على الجرح، لكنه عدل عن هذه الفكرة تجنبا لتوسيع الشرخ الحاصل، مشيرين الى ان الرئيس عون بصدد خطوة جديدة في القريب.
أما بالنسبة للإضراب العام الذي شهده لبنان الخميس المنصرم، فلم توفق المنظومة السياسية في استثمار الإضراب بعد انكشاف لعبتها للجمهور الذي أحجم عن المشاركة في إضراب يستغله المتسببون فيه، في جرأة ترتقى الى مستوى الوقاحة، تمثلت في نزولهم الى الشوارع والساحات والمشاركة بالتظاهرات والاعتصامات والمناداة مع المضربين بإدانة المسؤولين عن تخريب الدولة ومؤسساتها واقتصادياتها، موجهة الاتهام إلى مجهول، بعيدا عن المعلوم الذي هي منه وفيه.
إضراب الخميس كشف أيضا عن أن أهل المنظومة المتقاسمة للحكم يقتتلون فيما بينهم، لكن أيا منهم لا يخسر، إنما الخاسر الوحيد هو الشعب والدولة بمختلف مؤسساتها.